تحول اجتماع قيادات «قوى 14 آذار» في «بيت الوسط» ليل أول من أمس جلسة للاستماع الى ممثل حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان حول ما يتردد عن أن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون سيزور رئيس الحزب سمير جعجع قريباً في معراب ليعلن في نهاية اللقاء بينهما ترشيحه له لرئاسة الجمهورية. وعلمت «الحياة» من مصادر بارزة في «14 آذار» أن عدوان عرض موقف «القوات» بهدوء ومفاده أن احتمال ترشيح جعجع لعون وارد، لكن لا قرار نهائياً حتى الآن. ونقلت المصادر نفسها عن عدوان قوله إن جعجع، حتى لو رشح عون، لن يخرج من «14 آذار» وأنه حريص على وحدتها وعدم التفريط بها. وتمنى عدوان - بحسب هذه المصادر - التعامل بهدوء مع جعجع في حال رشح عون وعدم اللجوء الى شن حملات سياسية وإعلامية ضده تؤدي الى التجييش ضده على رغم أن «القوات» لم تلجأ الى التصعيد ولا الى شن الحملات على زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري عندما أطلق مبادرته لملء الشغور في رئاسة الجمهورية بدعمه ترشيح زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة. إلا أن ما قاله عدوان في الاجتماع لم يمنع معظم الحضور من الدخول معه في كباش سياسي على خلفية سؤالهم له: «ماذا يبقى من «14 آذار» إذا رشح جعجع عون للرئاسة؟». وكان النائب مروان حمادة تقدم قبل أن يدلي الحضور بدلائهم حول ترشيح جعجع لعون، بمداخلة قصيرة تمنى فيها عليهم إصدار بيان شكر لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على امتناعه عن تأييد البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الاستثنائي أول من أمس بالقاهرة بناء لطلب المملكة العربية السعودية لأن موقفه هذا نسف ترشيح عون وقلل من حظوظه الرئاسية. وقوبل موقف حمادة بترحيب من معظم الذين شاركوا في الاجتماع مع أن بعضهم سأل عن موقف رئيس الحكومة تمام سلام من امتناع باسيل عن التصويت على البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب ما يؤكد ارتباط الوزير ومن يمثل بالمحور الإيراني. وتوقفت المصادر أمام ما قاله ممثل حزب «الكتائب» سيرج داغر لجهة دعوته الى تجميد كل شيء (إشارة الى عدم تأييد الحزب لترشيح فرنجية وعون) والعودة الى صفاء «14 آذار» والحفاظ على وحدتها لأن من غير الجائز التفريط بتضحياتها وتقديمها عشرات الشهداء حفاظاً على «ثورة الأرز». ولفتت المصادر عينها الى أن «الكتائب» يتعامل مع ترشيح جعجع لعون من زاوية قيام حلف استراتيجي لإلغاء الآخرين في الشارع المسيحي، وقالت إنه ضد حشر «14 آذار» بين خيارين - أي عون وفرنجية - وبالتالي لا بد من التوافق على بدائل أخرى. وقالت إن النائب في «المستقبل» أحمد فتفت تحدث مطولاً عن احتمال دعم جعجع لترشيح عون ونقلت عنه قوله إنه لم يكن يحبذ دعم ترشح فرنجية، لكن الأخير أكد مراراً وتكراراً أنه مع اتفاق «الطائف» وأن تطويره يتم بالتفاهم بين اللبنانيين. ورأى فتفت - كما تقول المصادر - إن فرنجية في مقابلته الأخيرة وضع نفسه في منتصف الطريق بين الأطراف. بينما يرفض عون الطائف ويدعو الى إلغائه. واعتبر أن عون على تحالف وثيق مع «حزب الله» وهو كان وقّع معه على ورقة تفاهم، وقال إن الأخير يتصرف في البلد وكأنه الحزب الحاكم الأوحد في لبنان ومن يراجع المواقف الأخيرة لقياداته من السيد حسن نصر الله الى الشيخ نعيم قاسم والنائبين محمد رعد ونواف الموسوي ليس في حاجة الى أدلة ليتأكد من ذلك. ورأى فتفت أن «حزب الله» على تحالف وثيق مع إيران التي لديها مخطط تريد من خلاله تهديد الدول العربية، وتمنى على عدوان التريث في دعم ترشيح عون. وقال: «كنا عملنا في السابق على إيجاد مخرج ل «القوات» في تبنيها للمشروع الأرثوذكسي لقانون الانتخاب وأيضاً عندما هددت بالنزول الى الشارع احتجاجاً على عقد الجلسة التشريعية ما لم يدرج على جدول أعمالها قانون الانتخاب. وأكد المنسق العام للأمانة العامة ل «14 آذار» فارس سعيد أن وحدتها في خطر وأن الحفاظ عليها وحمايتها من الداخل يستدعيان تجميد مبادرة الحريري في مقابل صرف النظر عن ترشح عون. وفهم من موقف سعيد أن سحب هاتين المبادرتين سيؤدي حتماً الى البحث عن مرشح آخر لرئاسة الجمهورية بذريعة أن أحدهما يلغي الآخر في حال إصرارهما على الترشح. وأيد الوزير بطرس حرب تريث جعجع في إعلان تبنيه لترشيح عون وشدد على أن هناك ضرورة للحفاظ على وحدة «14 آذار». ومع أن البعض تمنى على الحريري أن يسحب مبادرته، فإن البعض الآخر اقترح، كما علمت «الحياة»، عدم الانشغال بملف رئاسة الجمهورية طالما أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان أعلن أن هذا الملف وضع في الثلاجة. وبكلام آخر، لم يلقَ الطلب من الحريري بسحب مبادرته تأييداً من غالبية الحضور بذريعة أ ن لا مبرر للغوص فيه طالما أنه تم ترحيل ملف الرئاسة، وبالتالي لسنا في وارد - كما قالت المصادر - إقحام «14 آذار» فيه، خصوصاً أن لا عودة للملف الرئاسي في المدى المنظور، وهذا ما يدعو الى التريث بدلاً من سحبها وهي ما زالت قائمة.