تراجعت احتمالية طلب اليونانيين الذين يعانون بسبب الأزمة مساعدة طبية بنسبة 15 في المائة خلال 2009 مقارنة ب2007م .لم تكن مارينا ديرديفيان امرأة ثرية في يوم من الأيام، ولكن تلاشت حظوظها وضعفت صحتها مع تفاقم جراحات اليونان الاقتصادية.ظلت ديرديفيان لعشرات الأعوام تطحن القهوة وتبيع الحلوى في جزيرة ساموس حتى تغير كل شيء عام 2009.ولعجزها عن سداد ديونها، لجأت مصارف محلية إلى إجراءات لنزع الملكية. وذهبت مدخرات ديرديفيان – التي تقدر ب30,000 يورو (39,000 دولارا) – إلى المحامين، مما أدى إلى تفاقم ديونها، وبسبب توترها الشديد، أصيبت بجلطة وانتهى الأمر بجلوسها على كرسي متحرك ما بقي من حياتها. وبعد عام أصيبت بسرطان في المبيض. ومع ذلك أوقف الأطباء أخيرا علاج السرطان الذي تحصل عليه لأنها لم تدفع اجور العلاج ومصاريف التأمين الاجتماعي، كما رفضوا صرف الوصفات الطبية من جديد لها. وفي النهاية تدخلت مؤسسات اجتماعية لمساعدتها. ولكن بدلا من إبقاء ديرديفيان في ساموس كما تريد، نقلوها إلى العاصمة أثينا لتقيم في دار مسنين خاصة بالأرمن. وتقول ديرديفيان: "لم أتصور يوما أن ينتهي الأمر بي هكذا." وتتساءل: "هل استحق الموت؟ هل استحق ذلك لأن بلدي تواجه مشاكل (مالية) وعجز نظام الرعاية الصحية الوطني عن تقديم الخدمات للمواطنين من أمثالي؟" هذه تساؤلات لم يعد يألف الأوروبيون سماعها، ولكن نظام الرعاية الصحية في اليونان يواجه هذه الايام مخاطر جمة بسبب الأزمة المالية التي ما لبثت تعصف بالبلاد. وقد أدت تخفيضات كبيرة في الميزانية إلى تراجع ميزانيات المستشفيات بمقدار ما يصل إلى 40 في المائة، مما طرح المزيد من المشاكل أمام نظام صحي يعاني اصلا من ضعف الموارد وقلة العاملين، بل ومن الفساد في بعض الأماكن. والأكثر أهمية أن التفاوت الاقتصادي المتنامي جعل الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل لا يحصلون على الرعاية الصحية الحكومية. وتقول نيكيتاس كاناكيس، طبيبة الأطفال ومديرة منظمة "أطباء العالم" في اليونان "إذا كانت ثروات الدولة المالية بصورة جيدة، فللرعاية الصحية الأولوية الكبرى." وتضيف: "ولكن عندما تكافح من أجل البقاء، تضطر لتجاهل الذهاب إلى الطبيب عندما تشكو من السعال. وربما تتخلى عن علاج كيميائي لأنك ببساطة لا تستطيع تحمل دفع 2000 يورو مقابل العلاج." وقد نشرت دورية "لانسيت" الطبية دراسة تظهر تراجع احتمالية طلب اليونانيين الذين يعانون بسبب الأزمة مساعدة طبية بنسبة 15 في المائة خلال 2009 مقارنة ب2007. ويقول خبراء في أثينا إن هذه النسبة زادت حاليا بمقدار أكثر من الضعف. وقد وجه مسؤولون انتقادات لتقرير "لانست"، ووصفوا نتائجه بأنها "مبكرة". ويؤكدون أنه لم تصل للأطباء الحكوميين تعليمات بعدم استقبال المرضى من العاطلين عن العمل. يذكر أنه قبل أكثر من عشرة أعوام، كانت منظمة الصحة العالمية تصنف النظام الصحي في اليونان في المركز الرابع عشر بشكل عام، وكانت تصنفه في المركز الحادي عشر – أي بمركز متقدم عن ألمانيا والمملكة المتحدة – من ناحية جودة الخدمات. ولكن منذ ذلك الحين، واجهت محاولات منح المواطنين اليونانيين رعاية صحية شاملة معارضة شديدة من جانب مجموعات ضغط، ولاسيما عيادات وأطباء من القطاع الخاص. وكانت النتيجة نظام متداع يعاني من قلة التمويل ويعمل حاليا بأقل من 9.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وأكبر عدد من الأطباء بالنسبة للمرضى، بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويقول المسؤول بوزارة الصحة إفثيميوس كارداراس: "لا يعد هذا نظاما جيدا بأي حال، ويجب القيام بالكثير لإعادة هيكلته." ومن بين الإجراءات المتخذة قرارات حكومية خاصة بالاستمرار في تغطية التكاليف الصحية الخاصة بعدد متنام من العاطلين في اليونان خلال ما بين عام وعامين من فقدان وظيفتهم. ويقول كارداراس: "تعد المشكلة نفسية، فلدى اليونانيين نوع من الكبرياء، ولم يتقدم الكثير منهم للحصول على مساعدات بطالة، بما في ذلك تغطية الرعاية الصحية إما لحساسية الأمر أو لعدم المعرفة بتفاصيله."ومع استمرار إغلاق منشآت صحية حكومية وصعوبة حجز الاسرة في المستشفيات الحكومية الباقية، تحول عدد متزايد من اليونانيين الفقراء – مثل مارينا ديرديفيان – إلى عيادات بالشوارع كانت تقدم خدماتها للمهاجرين حتى وقت قريب.