أثينا - أ ف ب - لاحظ عدد من المتخصصين في تقويم العظام في أثينا أن مرضاهم أصبحوا أكثر تشنجاً وشعوراً بالإجهاد، وأن الموظفين قلقون دائماً ولديهم تشنجات عضلية. ويقول أحد هؤلاء المتخصصين، واسمه ديميتري: «كان نصف المرضى يأتون لجلسات تدليك، أما اليوم فكثيرون يعانون تشنجاً حاداً في الظهر، وأحياناً عجزاً عن المشي»، مؤكداً أن الضغوط ازدادت كثيراً على اليونانيين، «وهذا يمكن أن يؤثر في جسم الإنسان». ويبدو أن إخضاع القطاع المالي اليوناني لتدابير تقشف، يترافق وازدياد حالات الاكتئاب والانتحار. ففي نيسان (أبريل) الماضي، انتحر متقاعد في ال77 من العمر برصاصة في الرأس، وسط ساحة سينتاغما، لأنه فقد مصدر رزقه. وفي الفصل الأول من 2011، ازدادت حالات الانتحار في اليونان بنسبة 40 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من 2010، بحسب وزارة الصحة. إلا أن نسبة الانتحار في اليونان وغالبية بلدان أوروبا الجنوبية أدنى بكثير منها في بلدان الشمال. ففي عام 2009، بلغ معدل الانتحار في اليونان ثلاثة أفراد من أصل كل مئة ألف نسمة، أي أقل من ثلث المعدل الأوروبي. لكن يبدو أن حالات الاكتئاب في اليونان أكثر مما هي في أي بلد آخر. فبحسب وزارة الصحة، يعاني يوناني من كل أربعة رجال، ويونانية من كل ثلاث نساء، الاكتئاب، علماً أن المعدل العالمي هو رجل من كل ثمانية وامرأة من كل خمس. ويقول أحد كبار مستوردي المفروشات وموزعيها في أثينا (آثر عدم ذكر اسمه): «بتّ عاجزاً عن النوم»، ويشرح أن السبب هو اضطراره، خلال الأشهر الأخيرة، لتسريح عدد من الموظفين في خطوة غير مسبوقة في شركته العائلية. ويضيف: «سأضطر أيضاً لخفض الأجور، فحتى زبائننا المعتادون تخلوا عنا... أتساءل كيف سيتدبر الناس أمورهم بعد الصيف عندما سيعمَم خفض الرواتب في كل المؤسسات». وبسبب الأزمة، يتعذّر على اليونانيين الحصول على الخدمات الصحية التي اعتادوها. فبسبب تدابير التقشف، خُفضت موازنة الصحة العامة بمعدل الربع منذ عام 2009، وتدنت رواتب الأطباء بنسبة 25 في المئة، وتراجع مخزون المعدات الطبية. كما يبدو الوضع مأسوياً في مجال الصحة العقلية، إذ أدت القيود على الموازنة إلى إقفال مراكز للعلاج النفسي، وتخلت الدولة عن ثلث برامج مساعدة مدمني المخدرات، ما أدى إلى ازدياد حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الإيدز). وتساهم الأزمة، كما يبدو، في انتشار «مخدر جديد للفقراء» منخفض الكلفة. ولهذا المخدر، الأرخص عشر مرات من الهيرويين، آثار مروعة، إذ يؤدي إلى اسوداد البشرة وإلى تقرّحات في الجسم وسلوك عنيف. ولعل الأثر الإيجابي الوحيد للأزمة اليونانية على الصحة العامة هو تراجع نسبة مدمني الكحول، نظراً إلى زيادة الضرائب على هذه المشروبات تماشياً مع سياسة التقشف.