** قال التلميذ الفتى انني يا سيدي الشيخ.. أبحث عن (الحقيقة) ولكن هذه (الحقيقة) تهرب مني.. تخطو مسرعة.. مهرولة كأنها إعصار.. كانها لعب نار فتنتابني الوساوس و تحوطني (العتمة) داكنة غامقة.. لا تميز من خلالها بين ابيض وأسود فهلا تساعدني على اجتياز تلك (المفازة) بأمان.. دون تقعر.. أو تفلسف.. وبعيداً عن الهمهمة والجمجمة.. ** قال الأستاذ الشيخ: ** انك يا بني تعطي "الكلمات" ابعادا كثيرة وتؤول الأشياء فوق مدلولاتها.. و تجعل -دون ان تدري- من الأبيض أسود.. ومن النور ظلاماً ومن الحقيقة طلاسم ولغزا. ومالك الا لوجود أشياء قابعة في عقلك الباطني.. جعلت منك شخصاً متردداً.. وما كنت -علم الله- اريدك ان ترتكس في هذا الظلام. ** وتصير إلى ما صرت إليه.. فدع الشكوك والظنون واستعذ بالله من همزات الشياطين من انسهم وجانهم وتفكر فيما خلق الله.. كيف أبدع وهندس؟ و.. كيف بنى وعمر؟ وكيف جعل من اللاشيء شيئاً ومن النكرة معرفة.. ومن (المعرفة) ايماناً ووضوحاً! ** قال التلميذ الفتى: ** عفوك.. انني اشترطت عليك ان تخلو وتوجيهاتك من الهمهمة والجمجمة.. فزدت الامور -عافاك الله- ضبابا.. وكأنك تشاركني افكاري.. وتتعايش مع همومي وساوس نفسي! ** قال الاستاذ الشيخ: اطلاقاً يا بني.. انني اوضحت وافهمت.. ولكن ما العمل. ... اذا كان فكرك مغلقاً ونفسيتك مغلولة و.. تطلعاتك بوهيمية النظرة.. متفاعلاً مع الظنون!! متداخلا مع الوساوس والأوهام والهواجس.. ** فلست يا بني طبيباً نفسانياً.. ولكنني إنسان (معلم) امحض النصيحة لمن يطلبها ويعقلها.. لكنني لا أفرضها على من يرفضها. ** قال التلميذ الفتى ** انك تؤنبني.. بل وتهاجمني.. دون داع فما لتأنيبك سعيت و.. لا لاثارتك قصدت و.. علم الله انني أقدر فيك العقل الواعي والفهم المتأني.. والنفس السمحة.. و... ** قال الأستاذ الشيخ: .. لا داعي لهذا الاطراء.. فالمديح لا أقبله ولا أهضمه.. .. ولكي لا احثو في وجهك التراث التزاماً بأمر المعلم (الأول) فداه امي وابي وعليه من الله ومن خلقه ألف صلاة وسلام وتزكية واحترم. ** فإنني أردت من القسوة عليك الرحمة بك.. لكي لا تتيه ولا تضيع.. ** فما اكثر التائهين؟ وما أكثر الضائعين في عالمنا هذا.. بعد ان كثرت من حولهم الشكوك والظنون.. ولعبت بهم الاهواء.. وعمتهم الأعاصير الهوج.. من هنا وهناك.