ذات يوم جلس التلميذ الفتى أمام أستاذه الشيخ الذي لمح عليه بعض الشرود وبعض الحيرة. فسأله الشيخ مابك يابني ؟ فقال له الفتى: لدي سؤال يا أستاذي الشيخ يشغلني ولم يدع لي لحظة راحة يقول السؤال: كيف يتحول الإنسان من قيمة لها وزن الى شيء يشبه ورق الشجر في زمن الخريف؟ نظر الشيخ الأستاذ إلى تلميذه الفتى وقال له استمع يابني: إن الإنسان محكوم بما بين شفتيه فأحياناً يستطيع أن يكبح أية زلة من لسانه قبل أن يطلقها ويُدّوِرَ في ذهنه كل ما يريد قوله ويزنه بميزان الذهب ومن ثم يقرر أيفتح فاه أم يجعله مغلقاً. أستوضح التلميذ الفتى من أستاذه الشيخ : وهل يحدث غير هذا في العادة. إبتسم الشيخ الأستاذ وهو يقول : أحياناً يصاب البعض بحالة "هيجان" كلامي فتراه ينطلق في القول إلى أن يخطئ وعندما يخطئ تأخذه العزة فلا يتوقف عن خطئه، فيريد اصلاح الخطأ فيقع في خطأ أكبر. ويظل في سلسلة من الأخطاء التي تفقده مكانته وتسرق منه بهاءه. صمت الشيخ الاستاذ فسأله التلميذ الفتى وبماذا تنصحني لكي أخرج من هذا الشرود الذي يتملكني . فقال الأستاذ الشيخ : لك أن تعرف يابني أن الإنسان بشر وهو كثير الخطأ و"الخطل" أيضاً فعليك أن تتعامل وفق هذا المفهوم وأن "تُزور" في داخلك كل الإعذار له ألم تقل العرب لعل له عذراً وأنت تلوم. بدا أن التلميذ الفتى لم يصل الى قناعة تامة بما ذهب إليه أستاذه الشيخ .. الذي أدرك ذلك على تلميذه فقال له : يابني دع الأمور تجري في أعنّتها ألم تسمع بذلك القول الجميل: رب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج "لملم" التلميذ الفتى نفسه ووقف ماداً يده إلى أستاذه الشيخ مودعاً له وهو يردد: لابد من الفرج .. لابد من الفرج