غازي بن عبدالرحمن القصيبي * الوطن السعودية قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: "هل قرأت ما كتبه الأستاذ فلان في صحيفة "الجهاد الأكبر" عن "وزارة العمل؟". قال الأستاذ الشيخ: "لا. فماذا كتب؟". قال التلميذ الفتى: "كتب أن وزارة العمل قترّت على المواطنين في الاستقدام فأفلس المقاولون ووقفت عجلة التنمية وارتفعت أسعار الأرز والخضار واضطرت الأمهات إلى تربية أولادهن وعمَّ البلاد والعباد بلاء عظيم". قال الأستاذ الشيخ: "حريّ بوزارة العمل أن تصغي لكلام خطير كهذا". قال التلميذ الفتى: "إلا أن الأستاذ فلاناً كتب في صحيفة "السيف والمدفع" كلاماً مخالفاً بنسبة 100%". قال الأستاذ الشيخ: "فماذا كتب؟". قال التلميذ الفتى: "قال إن وزارة العمل أغرقت البلاد بطوفان من العمالة الأجنبية يقرب من مليوني عامل سنوياً فقضت على السعودة وفاقمت البطالة وزادت الجريمة ونشرت العمالة السائبة". قال الأستاذ الشيخ: "قمين بوزارة العمل أن تصغي لكلام مهم كهذا – فما فعلت؟". قال التلميذ الفتى: "يبدو أنها مشغولة عن الصحف بتدريب الشباب السعودي على مهن النجارة والضيافة في المطاعم والفنادق والسباكة والحلاقة والبيع في المحلات التجارية". قال الأستاذ الشيخ: "لا أرى في ذلك بأساً". قال التلميذ الفتى: "ولكن الدكتورة فلانة تقول في صحيفة "انتصار البداوة" إن هذه مهن دونية لا تليق بشبابنا الأصيل الطامح ويجب أن تترك للرقيق الجديد". قال الأستاذ الشيخ: "فماذا قالت الوزارة؟". قال التلميذ الفتى: "قالت إن من الأنبياء الكرام عليهم السلام من كان نجاراً ومن كان حداداً ومن اشتغل راعياً للغنم، إلا أن هذا الكلام لم يقنع أحداً". قال الأستاذ الشيخ: "رضا الناس غاية لا تدرك. فهل هناك مزيد؟". قال التلميذ الفتى: "كتب الدكتور فلان في صحيفة "الاستعراضية" مقالاً نارياً يطلب فيه من وزارة العمل إقرار إعانة بطالة لكل عاطل وعاطلة". قال الأستاذ الشيخ: "أمر بمعروف. فهل استجابت الوزارة؟". قال التلميذ الفتى: "لا. بل زعمت أن إعطاء المعونة يعوّد الشباب على الكسل والتواكل وأن البديل الذي لديها أفضل وهو منح مكافأة مجزية لكل من يدخل في برنامج تدريبي – وزعمت أنها مستعدة لتدريب من يريد". فقال الأستاذ الشيخ: "وجهة نظر معتبرة – فهل أقنعت أحداً؟". قال التلميذ الفتى: "لا. بل أشعلت مطالبة أخرى بإقرار حد أدنى للأجور يضمن للعامل الحياة الكريمة". قال الأستاذ الشيخ: "فكرة جذابة. فما هو الحد المطلوب؟". قال التلميذ الفتى: "من الكتاب من رأى أنه يجب ألا يقل عن ثلاثة آلاف ريال ومنهم من رفعها إلى خمسة آلاف ريال". قال الأستاذ الشيخ: "خير الأمور الوسط. أربعة آلاف ريال. فماذا كان من شأن الوزارة؟" قال التلميذ الفتى: "زعمت أن هذا سيفاقم البطالة ويقضي على رغبة رجال الأعمال في توظيف السعوديين ويؤدي إلى إفلاس عشرات الآلاف من المؤسسات الصغيرة ويحوّل أصحابها إلى عاطلين يقنعون بما دون الحد الأدنى". قال الأستاذ الشيخ: "قرأت أيام الطلب في كتب الاقتصاد كلاماً قريباً من هذا – فلعلّ الوزارة على حق". قال التلميذ الفتى: "لا يعترف أحد أن الوزارة على حق في أي موضوع. وهناك من ذهب إلى أن الوزارة فشلت فشلاً ذريعاً لأن البطالة في ازدياد مستمر". قال الأستاذ الشيخ: "نقد مشروع. فماذا قالت الوزارة؟". قال التلميذ الفتى: "زعمت أن المعلومات الدورية التي تصدرها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تشير إلى أن معدل البطالة بين الذكور في انخفاض مستمر وأنها مستمرة في الانخفاض حتى أصبحت 6,7% - وهي نسبة أفضل من نسبة البطالة في معظم دول العالم". قال الأستاذ الشيخ: "هذا إنجاز يستحق الشكر - فهل شكر الوزارة أحد؟". قال التلميذ الفتى: "هاجمها الجميع – وضاع الإنجاز مع ارتفاع نسبة البطالة بين النساء". قال الأستاذ الشيخ: "فلم ارتفعت؟". قال التلميذ الفتى: "زعمت الوزارة أن عمل النساء يتطلب بيئة عمل منفصلة عن بيئة عمل الرجال – وأصحاب العمل يرفضون التكلفة الإضافية التي تتطلبها البيئة المنفصلة". قال الأستاذ الشيخ: "فهل لام أحد رجال الأعمال؟". قال التلميذ الفتى: "لم يلمهم أحد. وما لام أحد الذين حرضوّا على منع المرأة من العمل ثم تباكوا على ارتفاع نسبة البطالة النسوية". قال الأستاذ الشيخ: "واعجباه ! فمن هؤلاء؟!". قال التلميذ الفتى: "ترفض الوزارة الإجابة". قال الأستاذ الشيخ: "ولم؟". قال التلميذ الفتى: "زعمت الوزارة أن توضيح الواضحات من المعضلات". قال الأستاذ الشيخ: "صدقت! وهذا سجال مفيد". قال التلميذ الفتى: "كيف؟". قال الأستاذ الشيخ: "نال الكتاب بغية الأمل بهجاء وزارة العمل ونالت الوزارة من النقد اللاذع ما يقيها من شرور الغرور والرضا عن النفس ويعلمها التواضع وإنكار الذات". قال التلميذ الفتى: "صدق يا شيخي من قال إن العلم بحر!".