نتائج كارثية على الشعب الأفغاني، والدول المجاورة، وقوات التحالف ذاتها! اجتمع في لشبونة قادة 50 بلدا بينها الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الداعمة لوجود الحلف عسكريا بأفغانستان، في قمة مخصصة لوضع استراتيجية للخروج تدريجيا من هذا البلد بين صيف 2011 على أبعد تقدير وحتى نهاية 2014. وأعلن الأمين العام لحلف الأطلسي مفتتحا مناقشات قمة دول الحلف ال28 في العاصمة البرتغالية أن «التوجه الذي نتخذه اليوم واضح: إننا نسير نحو عملية «أفغنة» تقضي بنقل المسؤوليات الأمنية في البلد «منطقة بعد منطقة» إلى القوات الأفغانية. واتفق القادة على آلية لنقل مسؤولية العمليات الميدانية تدريجيا إلى العسكريين الأفغان، والمصادقة على خطة شراكة بعيدة الأمد مع حكومة الرئيس كرزاي. وينضم إلى رؤساء دول وحكومات الحلف لهذه المناسبة قادة شركائهم ال20 في القوة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان «إيساف» وبينهم رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان إضافة إلى الرئيس الأفغاني حميد كرزاي. ومع دخول العام العاشر من دخول قوات التحالف الغربية إلى أفغانستان، ينبغى الاعتراف بأن النتائج جاءت كارثية بالنسبة للشعب الأفغاني، أو على صعيد الدول المجاورة لأفغانستان، وحتى بالنسبة لدول التحالف ذاتها، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة. فلم تتم عملية إعادة بناء البلاد المهدمة نتيجة أكثر من ثلاثة عقود من الحروب والصراعات، وأصبح الأفيون هو المنتج الأول الذي يشكل رقما مهما في الدخل القومي، وأصبحت رائحة الفساد والرشاوى تزكم الأنوف، وتكلف هذا البلد الفقير أكثر من مليار دولار سنويا وفقا لمنظمة «إنتجريتي ووتش أفغانستان» والتي تعني «مرصد النزاهة في أفغانستان». وطالت اتهامات الفساد والرشاوى عمر دودزاي السفير الأفغاني السابق في إيران ومدير مكتب الرئيس الأفغاني حميد كرزاي واتهامه بتلقي أموال تصل إلى ملايين الدولارات بانتظام من إيران التي تسعى إلى ترسيخ نفوذها في كابول، لبث الفرقة بين الأفغانيين وحلفائهم الأمريكيين، حيث تحول هذه الأموال إلى صندوق سري وصفه مسؤول غربي بأنه صندوق كبير أسود في حوزة الرئاسة يستخدمه دودزاي وكرزاي لدفع الأموال إلى النواب وزعماء القبائل والشركات الأمنية، وحتى إلى قادة في طالبان لشراء ولائهم، وإحدى الشركات الأمنية التي طالها التحقيق يملكها ابنا عم الرئيس الأفغاني حامد كرزاي. وفي السياق نفسه، كانت لجنة في الكونجرس الأمريكي قد استمعت إلى تقرير عن نتائج التحقيق في قيام متعاقدين مع الجيش الأمريكي بدفع ملايين الدولارات كرشاوى لزعماء الجماعات المسلحة في أفغانستان، لتؤمن لها المرور الآمن عبر المناطق الخطرة، ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن اللجنة الفرعية التابعة للكونجرس التي أجرت التحقيق أنه يجري دفع رشاوى لحكام أقاليم وقادة الشرطة والجيش في كل منطقة تمر بها قوافل الإمدادات، فيما يوصف بعملية ابتزاز واسعة النطاق مقابل الحماية. وكانت صحيفة التايمز اللندنية قد كشفت عن اتفاق دول التحالف على دفع رشاوى تبلغ مئات الملايين من الدولارات للمتمردين في أفغانستان على أمل أن تساعد الأموال في تهدئة القتال مؤقتا تمهيدا للانسحاب الآمن لقواتها هناك، والذي يتزامن مع تولي القوات الأفغانية تدريجيا زمام الأمور، ونقلت الصحيفة تحت عنوان «أفغانستان تتطلب وقتا أطول للعلاج» عن الجنرال ديفيد بتريوس قائد القيادة المركزية الأمريكية تحذيره من أن القتال ضد طالبان سيتطلب وقتا أطول بكثير عما حدث في العراق.