ما الذي يفكر فيه الأستاذ عبدالرحمن الهزاع وقد حُمِّلَ هذا العبء الثقيل؟ وما الذي تحدثه نفسه إذا كان يتطلع إلى صناعةٍ حديثة لشخصية الإذاعة والتليفزيون؟ أنا في الواقع لم يجمعني بهذا الرجل إلا لقاء إذاعي يتيم استضفته فيه حين كنتُ أعد وأقدم برنامج (جريدة المساء) لإذاعة البرنامج الثاني ، وقد تحاورتُ معه عن إذاعات ال(إف إم) الجديدة بعد الترخيص لست إذاعات منها فيما أذكر ، وخرجتُ بانطباعٍ واحدٍ عن الرجل ، وهو انطباع غير ذي صلة بالمسألة المهنية ولا حتى بتجربته الثرية الممتدة في الوزارة العتيدة للإعلام ثم للثقافة والإعلام ، كان انطباعاً ذا صلة بطبيعته الشخصية مع أن الحوار كان تليفونياً ، إنما الذي أدركته أنني بإزاء شخصية جسورة ذات طيف. شخصية الأستاذ الهزاع شخصية واثقة تصدر في قناعاتها عن تصورات محسومة ، ومع هذا تقبل المراجعة والإضافة والتحسين ، ولذلك فإني أسميها ذات طيف. إنه يمكن أن يؤسس لكيانٍ إعلامي جديد أكثر عمقاً ومهنيةً وكاريزما ، هو بحاجة إلى أن ينتقيَ الذين يستشيرهم. أنتَ يا أستاذ عبدالرحمن حين تختار من يضيف إلى رؤيتك رؤى جديدة مميزة ، إنما تختار عقولاً تجاور عقلك وأسماعاً تجاور سمعك وكفاءاتٍ تجاور كفاءتك ، فانظر أين تضع هذه المسائل بعقلك لا بعاطفتك ، أنتَ أول رئيس لهيئة الإذاعة والتليفزيون ، وهذا يعني أنكَ لن تعالج شخصية الإذاعة والتليفزيون بعقولٍ مأسورة للاعتياد أو لقناعات تحولت إلى سلطة صلدة لا تمكن مراجعتها . إنما كيف يمكن أن نتصور البداية لصناعة التحول في شخصيتنا الإعلامية؟ لن يغيب عن علم الأستاذ الهزاع أن شخصية إعلامنا العتيدة بحاجة إلى تحديث وإلى تحولات منضبطة ، ولن يغيب عن علمه أن فخ تغيير الأسماء قد لا يغير شيئاً في المسميات ، وأن صناعة الواقع للمفاهيم الجديدة تختلف عن صناعة الرتوش والطلاءات الظاهرة ، ولذلك فهو سيكون على بينةٍ من أمره. إنها ثقة احتمل الأستاذ الهزاع معناها ومبناها ، وشخصيته الجسورة ذات الطيف من القوة بحيث تكون أهلاً لذلك العبء وتلك الثقة. وأنا أريد أن أقول له شيئاً واحداً قد يتعدد -إلا أن تفسح (الشرق) لي ولن تفسح- ولذلك فإنه سينظر ما أقول له. الذي أراه أن لا يكون الانشغال بالهيكلة الإدارية والمالية فقط ، هذه مهمة وينبغي أن يكون هناك إنجاز في وقت قياسي ، لكن الأهم أن ترفع هذه الهيئة مقاييسها ، لا تحولوا مواهب المذيعين إلى أرقام وظيفية ، المذيع ليس موظفاً يملأ رقماً وظيفياً ، واجعلوا الإدارة مفهوماً فيه تناظر ، لا تراتب حتى لا تغرق المواهب الإعلامية في التراتب الإداري التقليدي. دعواتي لك -أستاذ عبدالرحمن- بالتوفيق ومعاونين أكفاء.