سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اعتذار السعودية عن عضوية مجلس الأمن يثير التعليقات والتحليلات السياسية بعضهم اعتبره موقفاً تاريخياً وحدثاً بارزاً وآخرون يرونه ابتعاداً عن صناعة القرار
أثار ما أعلنته السعودية عن اعتذارها عن قبول عضوية "مجلس الأمن"، حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعلياً وعملياً من أداء واجباته، وتحمُّل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين, أثار هذا الموقف السياسي الكثير من ردود الفعل، والتعليقات، والتحليلات السياسية المتباينة، التي أتى أغلبها مؤيداً لموقف المملكة، واعتذارها الذي وصفه أحد المعلقين السياسيين العرب، هاشم العربي ب"مواقف الكبار لا تتبدل"، في حين تساءل الإعلامي السعودي، صالح الفهيد: "ألم يكن قبول العضوية ومحاولة التأثير من داخل مجلس الأمن أفضل بكثير من الغياب، والانعزال عن صنّاع القرار؟"، وقال المعلق السياسي أحمد القائم - كما وصف نفسه - "سيبقى موضوع اعتذار المملكة عن مقعد مجلس الأمن حدثاً فريداً من نوعه في الأممالمتحدة". أما الكاتب الدكتور، علي الموسى، فيرى أن الاعتذار قرار تاريخي.. فمجلس الأمن يقول ما لا يفعل، ولئن تنسحب السعودية منه أفضل من الدخول في جدل سياسي بحت، فالمنطقة العربية مضطربة بالتقلبات المتسارعة، والسعودية في حال قبلت عضوية مجلس الأمن ستدخل عنق الزجاجة، لاسيما من أحداث غرب أسيا، والساحة العربية الملتهبة، فقرارات مجلس الأمن وما يقرب 70% من قراراته خاصة بالمنطقة، وعند عضويتها ستضطر تتخذ مواقف مهمة وجوهرية فيما يختص، وستدخل في الجدل النووي الإيراني، والثورات العربية، ومقصلة الحسابات المعقدة. ويضيف "الموسى": أن تنسحب المملكة من هذه الإشكاليات أفضل.
وقال "الموسى": "فوجئت بقرار دخولها، ولم يفاجئني انسحابها؛ لأنها كانت ستضع نفسها داخل بوصلة سياسية مضطربة؛ إما أن تصوت وتمس مصالحها، وإما أن ترفض. ويؤكد "الموسى": أن اعتذار السعودية عن عضوية مجلس الأمن سابقة في تاريخ المجلس، والقرار لا ضرر فيه سياسياً على المملكة.
ومن جانبه، يختلف الكاتب خالد السليمان، عما ذكره الدكتور علي الموسى، قائلاً :"أهم ما ميز الدبلوماسية السعودية دائماً.. رزانة الفعل، ورصانة القول، والمواقف والتصريحات المنفعلة لم تكن يوماً من صفاتها! والموقف السعودي من عضوية مجلس الأمن له دلالة رمزية، لكنه لن يغير من الواقع شيئاً، بينما كان الاحتفاظ بالعضوية يخدم مواقف، ومصالح المملكة أكثر! موقف سينساه العالم قبل انتهاء اليوم".
وكان عدد من المغردين السعوديين قد أنشأوا على "توتير" هاشتاق "اعتذار_المملكة_عن_مجلس_الأمن" الذي حظي بمتابعة فاعلة، وتعليقات مكثفة تعكس التأييد الموسع لموقف المملكة، حيث كتب أحد المعلقين "أجمل ما في الاعتذار تطرقه لعجز المجلس عن حل القضية الفلسطينية، والتغاضي عن النشاطات النووية لدول المنطقة.
وكتب آخر: "مواقف المملكة وقراراتها المعلنة خارج المجلس أقوى تأثيراً من داخل المجلس، فمواقفها تدير محور الأرض!" في حين ذكر ناشط آخر: "الرفض السعودي لمقعد مجلس الأمن مدروس فلا قيمة لدور سياسي، فمجلس عاجز عن إنصافنا كمسلمين وعرب ولا قيمة لوعود الغرب"، وأكد آخر: "السعودية تعطي درساً في سياسة الكبار بفوز ساحق لتقول هذا هو ثقلي الحقيقي، وتعتذر لأن المجلس عاجز عن إنصاف المسلمين". و"اعتذار المملكة عن قبول عضوية مجلس الأمن نابع من قوة حكمتها، وشعورها أنه لن يأتي بجديد.. تجاه الأمم الإسلامية والعربية".
ومن جانبه، قال الإعلامي صلاح المالكي: "سيبقى موضوع اعتذار المملكة عن مقعد مجلس الأمن حدثاً بارزاً وتاريخياً، وخالداً وموقفاً شجاعاً وفريداً من نوعه في الأممالمتحدة، بل ومربكاً أيضاً".
وكانت المملكة ممثلة في وزارة الخارجية السعودية، قد اعتذرت عن عضوية مجلس الأمن معربة عن شكرها وامتنانها لجميع الدول التي منحتها ثقتها بانتخابها عضواً غير دائمٍ في مجلس الأمن للعامين القادمين, وقال البيان: إن المملكة العربية السعودية، وهي عضو مؤسِّس لمنظمة الأممالمتحدة لتفتخر بالتزامها الكامل والدائم بمقاصد ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة؛ إيماناً منها بأن التزام جميع الدول الأعضاء التزاماً أميناً وصادقاً ودقيقاً، بما تراضت عليه في الميثاق هو الضمان الحقيقي للأمن والسلام في العالم.
وجاء ذلك في بيانٍ صدر عن وزارة الخارجية، بعد انتخاب المملكة العربية السعودية عضواً غير دائمٍ في مجلس الأمن لمدة سنتين فيما يلي نصه:
يسر المملكة العربية السعودية بداية أن تتقدّم بخالص الشكر وبالغ الامتنان، لجميع الدول التي منحتها ثقتها بانتخابها عضواً غير دائمٍ في مجلس الأمن للعامين القادمين.
وإن المملكة العربية السعودية، وهي عضو مؤسِّس لمنظمة الأممالمتحدة، لتفتخر بالتزامها الكامل والدائم بمقاصد ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة؛ إيماناً منها بأن التزام جميع الدول الأعضاء التزاماً أميناً وصادقاً ودقيقاً بما تراضت عليه في الميثاق، هو الضمان الحقيقي للأمن والسلام في العالم.
وإذا كانت الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة تعتبر الظفر بعضوية مجلس الأمن - المعني حسب ميثاق المنظمة بحفظ الأمن والسلم العالميين - شرفاً رفيعاً ومسؤولية كبيرة؛ لكي تشارك على نحو مباشر وفعال في خدمة القضايا الدولية.
فإن المملكة العربية السعودية ترى أن أسلوب وآليات العمل، وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن، تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته، وتحمُّل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب؛ الأمر الذي أدّى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم، واتساع رقعة مظالم الشعوب، واغتصاب الحقوق، وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم، ومن المؤسف في هذا الصدد، أن جميع الجهود الدولية التي بُذلت في الأعوام الماضية التي شاركت فيها المملكة العربية السعودية بكل فعالية، لم تسفر عن التوصل إلى الإصلاحات المطلوب إجراؤها؛ لكي يستعيد مجلس الأمن دوره المنشود في خدمة قضايا الأمن والسلم في العالم.
إن بقاء القضية الفلسطينية دون حل عادل ودائم ل65 عاماً التي نجمت عنها حروب عدة، هدّدت الأمن والسلم العالميين، لدليل ساطع وبرهان دافع على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمُّل مسؤولياته.
وإن فشل مجلس الأمن في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل، سواء بسبب عدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة، دون استثناء للمراقبة والتفتيش الدولي أو الحيلولة دون سعي أي دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية، ليعد دليلاً ساطعاً وبرهاناً دافعاً على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمُّل مسؤولياته.
كما أن السماح للنظام الحاكم في سوريا بقتل شعبه، وإحراقه بالسلاح الكيماوي على مرأى ومسمع من العالم أجمع، ودون مواجهة أي عقوبات رادعة، لدليل ساطع وبرهان دافع على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمُّل مسؤولياته.
وبناءً على ذلك؛ فإن المملكة العربية السعودية، وانطلاقاً من مسؤولياتها التاريخية تجاه شعبها وأمتها العربية والإسلامية، وتجاه الشعوب المحبة والمتطلعة للسلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم، لا يسعها إلا أن تعلن اعتذارها عن قبول عضوية مجلس الأمن، حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعلياً وعملياً من أداء واجباته، وتحمُّل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين.