تحل اليوم، ثاني أيام عيد الفطر المبارك، الذكرى 28 على وفاة طاهر عبدالرحمن زمخشري (توفي عام 1407ه).. الشاعر، الفنان، الإنسان، والصوت الإذاعي الذي أول من خاطب الطفل عبر الإذاعة، واهتم بأدب الطفل فأنشأ أول مجلة أطفال سعودية «مجلة الروضة» عام 1959م، ولذلك أطلق عليه «بابا طاهر»، ويعد واحدا من رواد الأدب في الحجاز في فترة نهضته الفكرية والأدبية. اعتبره الكثيرون درسا في التفاؤل وحب الحياة، فهو رغم كبر سنه في تلك الأيام إلا أنه يتدفق شبابا وحيوية، ورغم مرضه فإنه يعطي دروسا في الابتسامة، كانت ذاكرته - كما يؤكد المقربون منه - «حديدية» أو حاسوبية، وأسماه البعض «الماسة السمراء». ولدخوله الإذاعة قصة طريفة؛ فقد كان المشرف على الإذاعة الشيخ عبدالله السليمان، ومن ضمن هيئة الإذاعة في تلك الفترة أحمد السباعي ومحسن باروم وحسن قرشي، ويقول «بابا طاهر» عن ذلك: «بعد أن تقدمت لاختبار التجربة الصوتية طلب مني (مستر أندي) أن آكل المايكرفون لأن صوتي ضعيف، وبالطبع لم أنجح في هذه التجربة نظرا لهذا السبب، فطلب مني الأستاذ إبراهيم إسلام من أعضاء اللجنة أن يكون صوتي ممثلا لبرامج المرأة في الإذاعة وتمت الموافقة على ذلك، وتم تكليفي بذلك من قبل الأستاذ هاشم زواوي، وقدمت ركن الأسرة كأول برنامج إذاعي يهتم بشؤون المرأة، وكانت تعد البرامج عيشة الغمراوي». عاش طاهر زمخشري حياة المعاناة والبؤس والغربة، ومن معاناته الحياتية، كتب طاهر زمخشري سيرة عطائه الممتد بين (قافية) و(مايكرفون)، فكان ظاهرة أدبية في عصر الرواد، وكان قد قال عن نفسه: «أنا كومة من الفحم سوداء تلبس ثيابا بيضاء، تقول شعرا قصائده حمراء وخضراء وصفراء»، وقدم صورة من المعاناة والمصابرة في مرضه قبل وفاته، ولم يسلمه بؤسه فيها إلى يأس، بل إلى يقين بأن الحياة قدر. ولد طاهر زمخشري في مكةالمكرمة عام 1332ه (1914م)، وتلقى تعليمه بمدرسة الفلاح بمكةالمكرمة، ونال شهادتها النهائية عام 1349ه، بدأ حياته أستاذا بمدرسة دار الأيتام بالمدينة المنورة، ثم عمل بالمطبعة الأميرية، ثم ببلدية الرياض، وديوان الجمارك. انتقل عام 1369ه إلى الإذاعة السعودية، وله دور كبير في تأسيسها، وقدم برامج عديدة، أشهرها برنامج للأطفال عرف به، وظل الجميع ينادونه «بابا طاهر»، وعمل بالإذاعة مديرا لقسم الإخراج والبرامج الخاصة، وأصدر أول مجلة للأطفال «الروضة» عام 1379ه (1959م)، رأس تحرير جريدة البلاد التي كانت تصدر من مكة، وأسهم في تأسيس بعض الصحف المحلية، وكتب سلسلة مقالات بها. درس شعره في عدة جامعات، مثل جامعتي القاهرة والخرطوم، معاهد اليونسكو، وترجم إلى عدة لغات، وكتب العديد من القصص القصيرة والطويلة، وألف كثيرا من الأغنيات الوطنية والعاطفية والدينية. من الجوائز والأوسمة التي حصل عليها: جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1405ه (1985م)، وسامان من الجمهورية التونسية، منحة خاصة من الأمير سلطان بن عبدالعزيز - يرحمه الله - بمقدار 200 ألف ريال عام 1405ه، ومنح الأسطوانة الذهبية من جمعية الثقافة والفنون عام 1406ه. وكان صاحب الاثنينية الشيخ عبدالمقصود خوجة، تبنى مشروعا يستهدف جمع وإحياء التراث الأدبي للشاعر طاهر زمخشري، بإعادة طباعة دواوينه الشعرية وأعماله الأخرى، ونشرها ضمن مطبوعات كاملة وتوزيعها، في إطار عمل «الاثنينية» الثقافي في جمع إرث المفكرين والأدباء الذين أثروا الساحة الأدبية السعودية المعاصرة.