تحن «محلة الهجلة» كيانها وإنسانها لمركاز العمدة الشهير البيطار، بعد أن رحل، وأزالت مشاريع التطوير في المنطقة المركزية مركازه الشهير في أقل من 9 أشهر ماضية. وسر ذلك الحنين الذي تعيشها هجلة المسفلة التي لا يفصلها عن المسجد الحرام غير بضعة أمتار هو فقدانها لذلك الحراك الاجتماعي والثقافي والتكافلي الذي كان يقف وراءه الراحل العمدة محمود سليمان بيطار، أشهر عمد مكةالمكرمة الذي وافته المنية فجأة في الثالث والعشرين من ذي القعدة الماضي. بدموع لم تسكبها عين وحزن لم تنطقه شفاه ودعت مكةالمكرمة ابنها وعمدة أحد أهم أحيائها الشيخ محمود بن سليمان بيطار عمدة محلة الهجلة الذي غادر دنيانا الفانية ليستقر بآخرة باقية ودائمة. غادر محمود بيطار لا بحزن أصاب أسرته وذويه ومن حوله من أقارب وأصدقاء لكنه غادر بحزن الأيتام والفقراء والأرامل والمحتاجين الذين كان يسعى طوال حياته ليقدم لهم لقمة عيش هنيئة وحياة سعيدة، من بكاه لم يكن ذاك القريب ولا الصديق بل كانت تلك المرأة والفتاة والشيخ والشاب لكن من بكاه هم من وقف إلى جوارهم مساعدا لهم، منهم أيتام مكةالمكرمة وفقرائها ممن لا ينسون محمود بيطار رحمه الله لاينسونه اسما، كما لا ينسونه شخصا وقف في لحظات لم يجدوا من يقف إلى جوارهم، غادر محمود بيطار رحمه الله تاركا من نعيم الدنيا أثرا. العمدة محمود بيطار رحل عن الدنيا فجأة مخلفا وراءه ابن في الصف الثالث متوسط واسمه محمد، وأربع بنات. أجنحة الخير يروي معتوق سليمان بيطار شقيق العمدة الأكبر جوانب مضيئة من حياته ويقول بحزن وأسى ل «عكاظ» كان حريصا على التواصل، سباقا لكل ما يخدم مكةالمكرمة ومصالح أبنائها، لم يكن عمدة تقليديا بقدر ما كان عمدة اجتماعيا يسعى للربط بين مهامه الوظيفية كعمدة ومهامه الإنسانية بدعم ومؤازرة الفقراء والمحتاجين ووقوفه الدائم بجانبهم في السراء والضراء ولاينسى الكثير من أبناء مكةالمكرمة البررة ووجهائها تعدد أنشطته وإسهاماته الإنسانية ومساعيه الخيرية والاجتماعية والرياضية فقد كان سباقا لكل ما يخدم مكةالمكرمة ومصالح أبنائها، ولا يخفى على الكثيرين دوره الواضح والملموس في جمعيات البر ورعاية الأيتام وأبناء وأسر السجناء والمفرج عنهم إذ كان متواصلا بشكل دائم معهم وتميز بدوره القيادي الحكيم كعمدة حي في حل الكثير من مشكلات الحي المسؤول عنه وظهر تعاونه المثمر والمتميز مع جهاز الشرطة وأجهزة الأمن، والجميع يثني على جهوده وتواصله وتعاونه البناء، ولا نملك إلا أن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يسكنه فسيح جناته وأن يرحمه برحمته ويغفر له. وأضاف شقيق الراحل أنه خصص جائزة سنوية لحفظ القرآن الكريم امتدت منذ 17 عاما حتى وافته المنية وكان يحضرها كبار المسؤولين في جمعيات تحفيظ القرآن الكريم وظل يحرص على إقامتها في شهر رمضان. مع الأيتام يزيد شقيقه معتوق القول: كان العمدة حريصا على رعاية الأيتام والعناية بهم والمسح على رؤوسهم من خلال برامج استضافة لم تتوقف طيلة مواسم رمضان الماضية كما كان يحرص على استضافة الوفود من ضيوف الرحمن وإقامة المناسبات لهم كنوع من التكريم والحفاوة المكية كما كان حريصا على إقامة حفل إفطار سنوي للأطفال الأيتام بحضور وزير الشؤون الاجتماعية وعدد من الوجهاء والأعيان ورجال الأعمال حيث كان آخر إفطار العام المنصرم حيث رسم الفرحة على وجوه الأطفال الأيتام وهم يتناولون طعام الإفطار ويحظون بملاطفة الوزير لهم ليشعروا أن هناك من يغدق عليهم الذي هم في أمس الحاجة إليه. علاوة على الزيارات التي كان ينظمها العمدة البيطار رحمه الله لهؤلاء الأيتام وكذلك زيارة المرضى المنومين على الأسرة البيضاء داخل المستشفيات. لوعة الفراق بصورة تؤكد على الحزن الذي أصاب الكثير من أبناء مكةالمكرمة يقف الشيخ مشعل سرور الزايدي ليرثي نفسه قبل أن يرثي الآخرين من أقارب وأصدقاء قائلا: أصابني ألم القلب ولوعة الفراق ودموع الغياب على وفاة أخي وصديقي العمدة محمود بن سليمان بيطار الذي كان في رمضان المنصرم بيننا سائرا وببسمته حاضرا وساعيا بين طرقات مكةالمكرمة وشوارعها باحثا عن مساعدة هذا وخدمة ذاك، عرفت محمود بيطار رحمه الله كعمدة مختلف ورجل علاقات من الطراز الفريد يسعى لخدمة حجاج بيت الله الحرام ويحرص على رسم صورة ذهنية فريدة عن مكةالمكرمة وأهلها لضيوف الرحمن، وعرفته كعمدة يمثل دور العمدة الحقيقي في خدمة سكان حيه بمساعدة هذا وخدمة ذاك والوقوف دوما مع الفقراء والمحتاجين والأرامل في شهر رمضان المبارك من كل عام. وعرفته كعمدة يحرص على أن يجد سكان حيه ما يحتاجون إليه ساترا المرأة المحتاجة وماسحا دمعة اليتيم، رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته. أنموذج للعمودية ويقول عمدة حي الرصيفة سامي معبر عن العمدة البيطار عرفت محمود بن سليمان بيطار الأخ والصديق والقريب مع الجميع عمدة رائدا في أعماله وخدماته صاحب مبادرات في العمل الإنساني فكان أول عمدة يسعى لتشكيل لجنة اجتماعية في الحي تسعى لدراسة حالات الأسر الفقيرة والمحتاجة، فماذا عساني أن أقول عنه برثاء كلماتي؟، إن عزاءنا في فقده كبير وندعو الله سبحانه وتعالى أن يسكنه فسيح جناته جنات النعيم فقد كان فعلا أنموذجا يحتذى به للعمودية الحقة من خلال وفائه وإخلاصه وانتمائه لكل ما فيه رفعة لمكةالمكرمة وأهلها ورسم صورة جميلة عنها. العمدة الواجهة المشرقة ويذهب مدير شرطة العاصمة المقدسة اللواء إبراهيم الحمزي إلى القول: وفاة عمدة العمد المكيين محمود سليمان بيطار رحمه الله عمدة حي الهجلة خسارة كبيرة فهذا الرجل المكي الشهم استطاع أن يعيد للعمودية مكانتها القديمة وواجباتها ومسؤولياتها التي عرفت بها منذ نشأتها الأولى لا سيما لكبار السن منهم الذين عاصروا العصر الذهبي للعمد واستطاعوا من خلال عمودية البيطار استرجاع عصرهم، ولقد عرفت العمدة البيطار رحمه الله رجلا مكيا شهما وكان الجميع يثني عليه وعلى أخلاقه الفاضلة وحسن تعامله مع الآخرين وحبه لمساعدة الناس ولمست فيه شهامة الرجل المكي الأصيل ومواقفه الرجولية المشرفة في مساعدة الآخرين خاصة من هم في أمس الحاجة للدعم والمساندة حيث استطاع رحمه الله أن يوظف ما يتمتع به من علاقات اجتماعية واسعة مع رجال المال والأعمال والوجهاء والأعيان ومسؤولي القطاعات الحكومية المدنية والعسكرية في خدمة ودعم الفقراء والمحتاجين والأرامل والأيتام وحفظة كتاب الله الكريم ففي شهر رمضان المبارك اعتدنا منه تنظيمه مسابقة في حفظ القرآن الكريم لتكريم الحفظة ودعمهم وتشجيعهم على حفظ كتاب الله العزيز. وبفقد العمدة البيطار رحمه الله يفقد المجتمع المكي أحد رجاله الفاعلين المخلصين البارزين كما يفقد أيتام وفقراء مكةالمكرمة من كان يقف إلى جوارهم ويعمل على دعمهم ومؤازرتهم وتقديم العون والمساعدة لهم وتذكرهم عندما ينساهم الآخرون لاسيما في المناسبات الوطنية السعيدة.