رحم الله الشيخ محمود سليمان بيطار.. فقد كان عميد العمد.. نعم هكذا كنا نعتبره أثناء الإشادة به في المناسبات بل وهو عمدة العمد، بصفات ميّزته عن غيره أدركها جليًا زملاء المهنة بصفات وكأنه مفطور عليها، قبل أن يصل إلى مركاز العمودية. فلقد عرفناه قبل أن يتولى عمودية حي الهجلة متوقد النشاط، عالي الهمة، مقدام يعشق خدمة الأفراد والجماعات، بدت عليه ملامح فنون العلاقات الإنسانية عندما أثبت وجوده كإداري في لجنة العلاقات العامة بنادي الوحدة في فترة من فترات رئاسة الأستاذ المربي عبدالوهاب صبان للنادي. في بداية مشوار العمل الإنساني كانت في دواخله طموحات وآمال لخدمة المجتمع ترجمها كواقع ملموس يوم أن أصبح عمدة لحي الهجلة. وفي بداية مشوار العمودية بدأ المهمة بقوة حين طلب من بعض أهالي الحي مرافقته لزيارة كبار الشخصيات في الحي وفي المسفلة بحدودها القديمة المترامية الأطراف الممتدة إلى طريق الليث فكان هدفه تفعيل مفهوم التواصل والعلاقات الاجتماعية وإعادة ذكريات اجتماع أهالي الأحياء في مناسبات أثمرت توطيد أواصر المودة والمحبة. فبدلًا من أن يقوم أهالي الحي بالاحتفاء به وتكريمه كعمدة جديد بادر هو بالاحتفاء بهم في احتفال كبير بقاعة أفراح السندي سابقًا (بدر حاليًا)، فكانت الانطلاقة التي عرف فيها المجتمع المكي عن قرب من هو الشيخ محمود بيطار، فكان من جملة عطاءاته وإنجازاته وخدماته التي لا تعد ولا تحصى خدمات غير مسبوقة يأتي في مقدمتها قيامه بمهامه الرسمية بتفانٍ وإخلاص حيث كان يداوم في مكتبة صباحًا ويواصل تقديم ما كان يطلب منه من خدمات أثناء تواجده في مركازه مساء. مساعدات وحل مشكلات أسرية وإصلاح ذات البين ومساعدات مالية للمحتاجين والأرامل والفقراء والمساكين والعاجزين عن العمل. ولتوسيع دائرة نشاطاته أنشأ مجلس حي الهجلة بلجانه الثقافية والاجتماعية والتربوية والذي أسهم بدعمه في أن يكون حي الهجلة في طليعة أحياء مكةالمكرمة، وكانت له إسهامات في العناية بالمساجد من نظافة وتأثيث وعناية لحفظة كتاب الله في مسابقات سنوية بجوائز مالية ومعنوية خلال شهر رمضان المبارك. ويدعو الأهالي سنويًا في ليالي العيد للمعايدة ولمزيد من التلاحم والترابط بين أبناء الحي. وفي شهر الحج كان يغتنم فرصة وجود ضيوف الرحمن للاحتفاء بهم في احتفال سنوي توزع فيه الهدايا لحجاج بيت الله الحرام. واجتماعيًا كان يقوم بزيارات لدور الرعاية الاجتماعية وتقديم الهدايا والمساعدات للعجزة والمسنين لإشعارهم بأن المجتمع معهم قلبًا وقالبًا. هذا بالإضافة إلى زيارة المرضى وتقديم باقات الورود لهم للتخفيف من آلامهم وكذلك رعايته للأيتام فلقد كان أبًا رحيمًا لهذه الفئة وفي تواصل مستمر معهم كافلًا لهم وملبيًا لمتطلباتهم، وله من البصمات التي لا تزال عالقة في أذهان من قام بتكريمهم من طلاب ومعلمين ومشاركاته الفاعلة في حضور مناسبات واحتفالات التكريم الثقافية والرياضية والاجتماعية على مستوى الأندية الرسمية وأندية الأحياء بتقديم الدروع والهدايا التذكارية لمن يتم تكريمهم. ولن ينسى المجتمع المكي الاحتفالات التي كان يقيمها سنويًا في آخر أسبوع من شهر شعبان حيث كانت دعوة عامة في مهرجان يربط القديم بالحديث بالأكلات والأهازيج الشعبية يعقبها دائمًا تكريم للمثقفين والأدباء والرياضيين وفاءً لما قدموا من خدمات للمجتمع. ورياضيًا خسر نادي الوحدة رجل العلاقات العامة الذي خدم النادي كعضو مجلس إدارة في إدارات سابقة. وكان يقوم بأداء المهمة مع إدارة النادي الحالية إلى ساعات من قبل وفاته مشاركًا في حل مشكلات اللاعبين ومتنقلًا من مدينة لأخرى لحضور المباريات حبًا وإخلاصًا وتفانيًا لأي عمل يتولى القيام بمهامه، ومع هذه العطاءات كان حريًا بالمجتمع المكي المبادرة بتكريمه في حياته ليرى بأم عينه نظير ما قدمه لمجتمعه.. راجين من الله أن يكون ذلك في ميزان حسناته وداعين له بالرحمة والغفران وإلى جنة الخلد إن شاء الله. أ. د. محمود محمد كسناوي – مكة المكرمة