انعكس غياب الإجماع الدولي على موقف حاسم حيال أزمة سورية في مزيد من الانقسامات في صفوف المعارضة السورية التي أرجأ التباين في وجهات نظرها الاتفاق في مؤتمرها بالقاهرة الاتفاق على وثيقة العهد الوطني، إذ شهد المؤتمر مزيدا من الانسحابات، في وقت تواصلت فيه المعارك العنيفة والعمليات العسكرية الدموية على وقع دعوة جديدة لوقف إطلاق النار وجهها مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية كوفي عنان. وكشف المؤتمر الموسع للمعارضة السورية في يومه الثاني والأخير عن مزيد من الخلافات بين أطيافها، حيث برز خلاف حول الاعتراف بالجيش السوري الحر كفصيل شرعي معترف، وأعلنت الهيئة العامة للثورة السورية انسحابها من الاجتماع الذي يجمع 250 شخصية تمثل مختلف الاتجاهات. وبررت الهيئة قرارها بالقول إنه «في ظل التصعيد الذي يمارسه نظام بشار الاسد بارتكاب المجازر وعجز دولي عبر عنه مؤتمر جنيف الأخير يصبح الحديث عن وحدة المعارضة السورية مجرد كلام لتمويه هذا العجز». وأفادت تقارير أن المؤتمر تحول إلى مشاجرات، مشيرة إلى أن جماعة كردية انسحبت مثيرة فوضى وصرخات من بعض المندوبين الذين هتفوا «فضيحة.. فضيحة»، وبكت نساء بينما تبادل رجال اللكمات وسارع عاملون بالفندق الذي عقد فيه الاجتماع الى إبعاد المناضد والمقاعد مع اتساع المشاحنات. وأكد عبدالعزيز عثمان من المجلس الوطني الكردي في سوريا أن الاكراد انسحبوا لأن المؤتمر رفض بندا يدعو للاعتراف بالشعب الكردي. وأضاف أن هذا الأمر ظالم وأنهم لن يقبلوا التهميش بعد الآن، بينما قال جواد الخطيب (ناشط معارض): إن الوضع محزن جدا وستكون له عواقب سيئة على جميع الأطراف وسيسيء للمعارضة السورية ويحبط المحتجين على الارض. وكانت القيادة العامة للجيش السوري الحر في الداخل أعلنت أمس الأول مقاطعة المؤتمر واصفة إياه ب(المؤامرة). واعتبر عنان أن اجتماع جنيف الذي عقد السبت الماضي شهد تغييرا في موقفي روسيا والصين، مشددا على ضرورة التوصل الى وقف لإطلاق النار. ودعا الأطراف المعنية الى تطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ذلك الاجتماع. وقال أحمد فوزي المتحدث باسم عنان في تصريحات للصحافيين أمس «لا تقللوا من شأن ما حصل السبت، لا سيما في ما يتعلق بموقف الروس والصينيين». لكنه أقر في الوقت نفسه بأن الأزمة معقدة جدا وأن طريق الخروج منها سيكون طويلا وشاقا. وأعلنت فرنسا أمس أنها تبلغت من روسيا عدم مشاركتها في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري المقرر عقده في باريس بعد غد «الجمعة». في المقابل أعلنت واشنطن عن مشاركة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في المؤتمر. وفي إطار الضغوط المتواصلة على النظام السوري، قدمت الولاياتالمتحدة أمس مشروع قرار أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يعرب عن الأسف للتداعيات المقلقة التي يمكن ان تنجم عن عدم تطبيق خطة عنان، ويشدد على ضرورة قيام تحقيق دولي. ويشيد مشروع القرار بنتائج اجتماع جنيف إلا أنه يدين مشروع الانتهاكات الفاضحة والمعممة والمنتظمة لحقوق الإنسان وجعل السلطات السورية المدنيين وخاصة الأطفال هدفا لها. ميدانيا تواصلت الاشتباكات وعمليات القصف في مناطق سورية عدة أمس حاصدة 50 قتيلا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطين. وذكر المرصد أن قوات النظام استخدمت أمس للمرة الاولى المروحيات العسكرية في قصف حي الخالدية في مدينة حمص حيث قتل مواطن. وكان المصدر اشار في وقت سابق الى ان حي جورة الشياح تعرض لقصف عنيف من القوات النظامية التي تحاول اقتحامه. وذكرت الهيئة العامة للثورة ان القصف العنيف والمتواصل يشمل ايضا احياء حمص القديمة والحميدية وبستان الديوان وباب هود.