ترتبط المدينةالمنورة ارتباطاً مباشراً بالسيرة النبوية، حيث تحوي الكثير من الأماكن التي تملك دلالات وشواهد تاريخية لحقبة زمنية مضى عليها نحو 1400 عام، كما تعد سيرة مكانية تقرأ في كل شبر من أرضها جزءاً من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم سواءً في جبالها، أوديتها، حراتها، آبارها أو مساجدها، وسيقتصر الحديث عن بعض آبار المدينةالمنورة، ولاسيما التي تسمى آبار النبي صلى الله عليه وسلم عطفاً على التغييرات التي طرأت فيها سواء بالاستيلاء أو الإزالة. كانت المدينةالمنورة تشرب من آبار متفرقة في العهد الجاهلي كما أنها هي مصدر الماء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآبار النبي سميت بذلك لان رسول الله كان يستعذب ماءها وهي سبع آبار لذا يطلق عليها «الآبار النبوية» وهي (بئر أريس، بئر حاء، بئر رومة، بئر عثمان، بئر غرس، بئر البصة، بئر بضاعة بئر العهن)، وقد صيغت تلك الآبار شعراً. إذا رمت آبار النبي بطيبة فعدتها سبع مقالا بلا وهن أريس وغرس رومة بضاعة كذا بصة قل بئر حاء مع العهن وفي النصف الثاني من القرن الأول الهجري، حفرت عدة آبار متقاربة في قرية قباء، وذلك في عهد مروان بن الحكم عندما كان والياً على المدينة في عهد معاوية بن أبي سفيان وأطلق عليها لاحقاً (العين الزرقاء) نسبة لزرقة في عينيه. ونظراً لما تحمله تلك الآبار من ارث تاريخي، يظل مجهولاً لدى البعض تجولت «عكاظ» على ما بقي من الآبار السبعة بادئاً ببئر الخاتم حيث قال أن البئر يتوسط ساحة مسجد قباء من الجهة الغربية ويذكر المؤرخون بأن فوهة البئر قد غطيت بقطعة حديدية. وله باب من جريد يسلكه كل من يرغب الدخول إلى منطقة البئر، وفي هذه المنطقة بشر رسول الله أصحابه أبا بكر وعمر وعثمان بالجنة، وفيه سقط خاتم رسول الله من يد عثمان عندما أخرجه من يده، واستمر يبحث عنه طيلة ثلاثة أيام ولم يتم العثور عليه، ويذكر المؤرخون أن سبب التسمية تأتي نسبة لسقوط خاتم رسول الله داخلها. بئر البصة وأوضح الفايدي أنه تمت إزالة معالم بئر البصة وأصبح مكانها بناء كبير (يسمى وقف البوصة والنشير) وفي هذه البئر غسل رسول الله رأسه وصب غسالة رأسه ومراقة شعره في «البصة». بئر العهن وبين الفايدي، أن موقع بئر العهن، في العالية (جنوب منطقة قباء) ومازالت موجودة، إلا أن بعض أجزائها تعرض للهدم، كما أنها طمرت بالصخور وحولها بقايا الدور القديمة وأكوام من الصخور البازلتية وبدأت تندثر بعض معالمها. بئر حاء وهنا بين الفايدي أن بئر حاء كانت تقع بالقرب من المسجد النبوي، إلا أن أعمال التوسعة التي شهدها المسجد أدخلت البئر داخل المسجد النبوي الشريف. بئر غرس وعن بئر غرس، ذكر أنها تقع في الجنوب الشرقي من منطقة قباء نهاية شارع قربان وفي القرب من قرية «جفاف» ويحيط بها سور حجري، والغرس هو الفسيل والشجر الذي يغرس مصدر غرس الشجر. وحول تاريخ البئر قال: روي أن احد خدم رسول الله كان يستقي للنبي من بئر غرس مرة ومن بيوت السقيا مرة أخرى، وروي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئري بئر غُرس»، وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «يا علي إذا أنا مت فاغسلوني من بئري بئر غرس بسبع قرب لم تحلل أو كيتهن» ولابن شبة عمر بن شبه النمري أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر غرس فألقى بقية وضوئه فيها. بئر بضاعة وأشار الفايدي إلى أن بئر بضاعة تقع في دور بني ساعدة وفي القرب من سقيفتهم، وهي غير موجودة حالياً ولكن مكانها معروف. بئر رومة ووفق الفايدي ويقول أن بئر رومة تقع في القرب من وادي العقيق عند ملتقى العقيق مع أودية المدينة في حي الأزهري والبئر اليوم لا زالت معروفة، وهي التي اشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه فتصدق بها على المسلمين. وأضاف: هناك آبار شهيرة تلحق بآبار النبي صلى الله عليه وسلم مثل «بئر السقيا». بئر ومسجد السقيا وهنا ذكر الفايدي: مازال المسجد موجودا داخل فناء سكة الحديد، والذي ارتبط ببئر السقيا التي أزيلت ولم يتبق منها إلا أكوام من الصخور المتناثرة حول المسجد، وتقع منطقة البئر والمسجد في ارض كانت لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وفي هذا المكان دعا رسول الله لأهل المدينة بالبركة في صاعهم ومدهم وثمارهم.