تكشفت أمس تفاصيل جديدة حول حادثة شغب فتيات دار الرعاية في مكة، تمثلت في نقل ثلاث نزيلات إلى جدة والطائف من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، وهو الإجراء الذي أثار علامات استفهام كبيرة؛ كونه أتى في الوقت الذي لا تزال التحقيقات سارية. وأبلغت «عكاظ» مصادر من داخل الدار أن النزيلات نقلن مع إخفاء ملفاتهن وهن من أقدم نزيلات الدار، وبينت المصادر ذاتها أن مسؤولات في الدار تعمدن إبعاد ملفات النزيلات عن لجان التحقيق، خشية المساءلة عن إهمال متابعة حالات الفتيات الثلاث، وهو الأمر الذي اعتبره مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة الدكتور على الحناكي غير صحيح، مشيرا إلى «أن نقل النزيلات جاء لسعي الوزارة لتصحيح وضع دار الفتيات في مكةالمكرمة بشكل عاجل بعد الحادثة، ومستعدون لعرضهن أمام لجان التحقيق لو لزم الأمر، وليس هناك شيء نسعى لإخفائه حسب ما يعتقد البعض، ونربأ بأنفسنا عما قالوا، والنزيلات اللاتي تم نقلهن رفضت أسرهن استلامهن بعد انتهاء محكومياتهن، ونبحث الآن في دور الإيواء التي نقلن إليها لرأب الصدع بينهن وأسرهن». وفي شأن متصل، رفضت اختصاصيتا الدار التي قيل إنهما متورطتان في الحادثة ما نسب إليهن على لسان مسؤولي الوزارة، وكشفتا في حديث خصتا به «عكاظ» عما أسميتاه «محاربة مزمنة» من إدارة الدار لهما نظير تعاطفهما الدائم مع النزيلات وحمايتهن من الضرب الذي كان يمارس ضدهن من قبل إدارة الدار. ودفعت الاختصاصيتان التهمة عنهن «لسنا سبب إحداث الشغب في دار رعاية الفتيات، بدليل أن لجان التحقيق لم تستجوبنا بعد ولم توجه لنا أية تهمة رسمية على الرغم من قرب انتهاء لجان التحقيق من مهمتها». واعتبرت الاختصاصيتان ما حدث في الدار من شغب نتيجة حتمية لسياسة الإدارة التي كانت تخضع لتحزبات قادت إلى خلق أجواء غير صحية داخل الدار «المديرة ونائبتها وبعض الاختصاصيات يقفن ضد العاملات والنزيلات اللاتي يرفض الظلم». وذكرتا أن الشرارة الأولى للحادثة كانت عند تجمهر النزيلات «ومطالبتهن بحقوقهن المكتسبة بتغيير سياسة القمع التي كانت تمارس ضدهن خلال الأعوام الماضية، إلا أن إدارة الدار سارعت في إبلاغ الجهات الأمنية التي عمدت إلى تهدئة الوضع ووعدت وقتها بتشكيل لجان متخصصة للوقوف على ما يحدث داخل الدار صباح يوم السبت، وسارت الأمور بهدوء حتى مساء الجمعة حين أتلفت بعض المراقبات بإيعاز من الإدارة محاضر إدانة حررت في وقت سابق وأوراقا رسمية تثبت شكاوى النزيلات وتدين تقصير الإدارة، وذلك بعد تخوف الإدارة من اللجان التي وعدت الجهات الأمنية ببدء عملها صباح اليوم التالي، ليتسرب خبر إتلاف المحاضر في أوساط النزيلات اللاتي حدث أن تبادلن الشتائم مع المراقبات، فتم الاتصال بمديرة الدار التي سارعت إلى إبلاغ الجهات الأمنية بعزم النزيلات حرق الدار، وأنهن يحتجزن اختصاصيات وعاملات، ومن ثم تمزيق المحاضر التي قيدت ضدهن». إلى ذلك، أوضح رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة الدكتور حسين الشريف أن وزارة الشؤون لم تلتفت لنداءات وملاحظات الوفود الحقوقية التي زارت دار رعاية الفتيات قبل أكثر من عامين «لو استجابت الوزارة لملاحظات فريق الوفد النسائي الذي زار الدار لما كنا شاهدنا الحادثة المؤسفة». من جهة أخرى، كشفت ل «عكاظ» مديرة الإشراف النسائي الاجتماعي في منطقة مكةالمكرمة نورة آل الشيخ، أن الوزارة أكملت أمس إجراءات نقل النزيلات المتورطات في قضية التمرد وإثارة الشغب وجميع الفتيات اللاتي انتهت محكومياتهن في مؤسسة رعاية فتيات مكة إلى دور الحماية الاجتماعية في مناطق المملكة. وأكدت آل الشيخ أن التحقيق في حادثة الشغب التي وقعت في دار رعاية فتيات مكة الجمعة الماضية، سينتهي اليوم وسترفع التوصيات والمرئيات إلى الوزير، فور إعدادها النهائي. ووفق معلومات تابعتها «عكاظ»، فإن لجنة التحقيق ستوصي بإعادة النظر في أوضاع مبنى مؤسسة رعاية فتيات مكةالمكرمة ومستوى صيانتها، كما أكدت على سلامة إجراءات مديرة الدار. من جانبه، أكد مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة الدكتور علي الحناكي، أن أكبر مشكلة تواجه نزيلات مؤسسة الرعاية الاجتماعية هي رفض أسرهم استلامهم بعد انتهاء محكومياتهم، كاشفا أن الشؤون الاجتماعية رفعت لإمارة المنطقة عن عشر حالات لأسر ترفض استلامها. وذهب بالقول إن الشؤون الاجتماعية ستعيد النظر في بعض أوضاع مؤسسة رعاية الفتيات من ناحية الفرش والأثاث، بالإضافة إلى برامج الدار، وذلك في حال ثبت وجود تقصير أو خلل فيها، حتى لو كان ذلك من طلبات النزيلات المتمردات، وذلك من منطلق «الرجوع عن الحق فضيلة». من جهة أخرى، اتهمت نزيلات دار رعاية الفتيات في مكةالمكرمة وزارة الشؤون الاجتماعية بالقصور في متابعة النزيلات بعد خروجهن، ما يعني تكرار عودة الفتاة للمؤسسة في مرات أخر وفي جرائم أكبر. وكشفت عدد من الفتيات في اتصالات هاتفية أجرتها معهن «عكاظ»، أن بعض المراقبات تستغل النزيلات في إنجاز أعمال خاصة، ومن ترفض تتعرض للحجز الانفرادي. وأكدت أمل، التي أمضت 16 عاما خلف القضبان في مؤسسة رعاية الفتيات كبديل عن السجن بسبب تسع قضايا أدينت فيها، وجود ملاحظات سلبية عديدة في المبنى، وتهالك البرامج والعقوبات غير المبررة وعدم الاستماع لطلبات النزيلات، خاصة ممن يتعرضن لضغوط وترفض أسرهن استلامهن، إضافة إلى تخلي الوزارة مساعدة النزيلات ماديا بعد خروجهن، والاكتفاء بتوجيههن للجمعيات الخيرية التي لا تقدم ولا تؤخر، فتعود الفتاة النزيلة للانحراف والتكسب المادي بطريقة غير صحيحة.