قال أحد الحكماء يوماً: «من الأفضل أن يعاني شخص على أن تحزن أمة». بهذه الصورة الفكرية المترفة بالتضحية والنسق النبيل لما يجب أن يكون عليه الايثار! نسترجع بالذاكرة حال أشخاص تمترسوا بالأنا، وتحصنوا بقوة البطش، واشتروا ذمم المؤثرين في مجتمعاتهم.. وأحالوا أممهم إلى مراتع حزن دائم للأسف. في حياة العديد من الأمم والشعوب، عبر وعظات، وتجارب، لم يهملها التاريخ، بل سجلت لتبقى شاهد عيان، ونافذة مشرعة على الماضي بحلوه ومره، ففي الغرب مثلا تم توثيق تواريخ لأشخاص حكموا وأغرقوا شعوبهم، والعالم، في حروب وصراعات خلفت الموت والدمار، والهلاك والحزن المستديم.. ومثال هؤلاء الزعيم النازي هتلر، أما في وقتنا الراهن، فحاكم النظام السوري «بشار الأسد» يستحوذ على هذه المكانة. هذا الشخص المحب لكرسي الحكم حتى آخر فرد من أفراد شعبه، وتطبيقاً للشعار الذي أطلقه زبانيته وشبيحته (كما يسمون) «الأسد.. أو نحرق البلد»! قام ولا يزال بأعمال إجرامية لا مثيل لها في العصر الحديث، (أي ما بعد الحرب العالمية الثانية) وبمقارنة بسيطة بينه وبين هتلر نجد أن بشار الأسد يفوقه دموية وبطشاً، لسبب بسيط أن هتلر لم يهلك شعبه الألماني بل أهلك شعوباً أخرى، أما «الأسد» فهو الذي تفنن في إهلاك شعبه ودمار وطنه، واستقدم لهذا الأمر ميليشيات إرهابية، واستعان أيضاً بدول محبة لسفك الدماء وبث الفتن والتوسع في إجراء التجارب على الأسلحة على حساب الأبرياء، كروسياوإيران اللتين تشاركانه في القتل وتدمير المدن وإحالة مبانيها إلى ركام يفتك بقاطنيها ممن لم يستطيعوا الفرار، والشاهد على ذلك ما نرى اليوم من جرائم حرب كبرى في حلب الشهباء والمحصلة - كما يقال - هي المزيد من الدمار والخراب وإنهاء الحياة الإنسانية. فماذا فعل بشار بشعبه؟ وماذا سيقول عنه التاريخ إذا حان وقت سرد التفاصيل؟ عن السؤال الأول نجيب بأن أفعال بشار الأسد وزمرته الإجرامية قد أسفرت عن مقتل أكثر من نصف مليون وحوالى مليوني مصاب وجريح، وتشرد ونزح سبعة ملايين سوري إلى الخارج وحوالى سبعة ملايين سوري فروا إلى أماكن أخرى في سورية بعد دمار مدنهم وقراهم، فما الذي بقي لبشار حتى يتفاخر بأنه حاكم سورية؟ ثم ما الذي يدعيه لتثبيت دعائم حكمه الإجرامي وهو لا يملك من أمره شيئاً؟ فهذه روسيا تمارس عليه السيادة كدولة مستعمره لبلد عربي، فتتحكم في أجوائه، وتسيطر على شواطئه، وتجعل مدنه ميداناً واسعاً لتجربة أحدث ما أنتجته مصانعها من أدوات قتل وتدمير. أما الميليشيات الإرهابية الأخرى التي تدعمها وتمولها إيران، وتوفد من أجلها بعض عسكرها لتدريبهم وتوجيههم لقتل الشعب السوري، كحزب الله وفيلق أبو العباس والفرق الأخرى ذات الطابع الطائفي، فهي التي تعزز وتدعم جيش بشار، وفي المقابل ظهرت أيضاً ميليشيات مضادة، جذبتها أتون الحرب المجنونة، فانساقت لساحات القتال للدفاع عن الثورة السورية، وبقية المعارضة المعتدلة المعترف بها دولياً وجيشها الحر جزء من هذه المعادلة ولنقل بصراحة الجزء الأضعف، بسبب الضغوط الدولية، والانشغال بمحاربة «داعش»، تكالبت الأمم وتداعت على سورية، بسبب شخص واحد أورث بلاده الحزن، وشعبه اليتم والتشرد والأوجاع التي يعلم الله وحده متى تنتهي.