صمت مريب ومخيف وملتبس يمارسه العالم أمام إبادة شعب بأكمله بجبروت الآلة العسكرية لنظام بشار الأسد وشبيحته وميليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني، ولا من ضمير يتحرك، أو نزعة أخلاقية عند الدول الكبرى تقول.. كفى للبطش والإجرام والقتل وسفك الدماء وتدمير الحضارة الإنسانية. عامان ونصف العام تقريباً والشعب السوري يتعرض لأقسى عذابات التشرد والقهر والذبح الممنهج والاعتقالات والتعذيب والتصفيات، ومليون سوري ما بين قتيل ومعاق وجريح ومعتقل ومشرد، والعالم يتفرج كما لو أن الأمر لا يعنيه، أو أن الدم السوري رخيص إلى درجة لا تحفز على الاهتمام أو المتابعة، أو الاحتجاج وإصدار المواقف، فقط المواقف "الشاجبة والمستنكرة" كالعادة!!، وكأن ما يتعرض له السوريون خلاف بسيط يمكن أن يحل بالحوار والتفاهم بينهم. حدثت معركة القصير بكل شراستها، وتراكم أحقادها، واُرتكبت فيها أشنع الخطايا، ومورست البشاعة بكل معانيها، والإجرام بأبشع صوره، واليوم جاء دور حمص عاصمة الثورة إذ تشهد حملة عنيفة من قبل قوات النظام وشبيحته وقتلته ومقاتلي حزب الله وإيران، وتُحاصر أحياؤها التي تقع تحت سيطرة الثوار بغية استعادتها، وإبادة أهلها. ويعتبر مراقبون أن نجاح قوات النظام في السيطرة على هذه الأحياء سيسمح لها بتحويل محافظة حمص، التي تقع وسط البلاد، إلى منطقة نفوذ كامل للنظام تحضيراً لتحويلها إلى نقطة انطلاق لعملياته العسكرية باتجاه الشمال وتحديداً محافظة حلب. كل هذا وأكثر من هذا والعالم يتفرج.. كان السوريون يعولون على موقف واضح وصريح من الولاياتالمتحدة، غير أن الصدمة كانت مرعبة فموقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما كما يقول محلل صحافي أمريكي "إنه أقرب إلى استراتيجية ميكيافِللية. وثمة من يسمي هذه الاستراتيجية بنهج «دعهم يحترقون» في سورية. ويبدو أن أوباما يرى الأزمة السورية حريقاً كبيراً في غابة يعصى إطفاؤه في مركزه، وأن جلّ ما يسع المرء فعله هو الحؤول دون انتشار الحريق". ماذا يعني "دعهم يحترقون"..؟ تواجدت إيران وحزب الله وبعض المجموعات المتطرفة على الجغرافيا السورية، ومهدت الأرض والمبررات والمسوغات لقتال عنيف، وحرب قد يطول أمدها، وتستدعي أعداداً أكبر، وتستنزف الأموال والسلاح وأدوات الحرب والقتال، والنتيجة خسارة الجميع واستنزافهم بشرياً ومادياً؛ عدةً وعتاداً، والرابح في كل هذا الكيان الصهيوني والغرب، والضحية في هذه السياسة الميكيافللية هو الشعب السوري الذي يذبح ويقتل. الشعب السوري يصنع تاريخه المستقبلي بإيماناته وعزائمه، ولو خذله كل العالم.