كان صوت حوافره يدعك رمل "بلاد" جدي، ووالدي وعمومتي يُمسكون أو يحاولون الإمساك بأقدامه. وهو يجاهد للهرب من لمعة سكينة جدي وهو يمسك بها بيمينه، ويده اليسرى تُحكم قبضتها على قرنه. والعم سعيد يمسك بقرنه الأخرى، هالني المشهد، هو ينتفض وهم معه في حرب وطيس (...)
أمي تقول لي دائماً إن والدي يحبني أكثر من نفسه. كنتُ أظنها تقول ذلك مخافة تقاعسي عن خدمته بعد أن فقد ذاكرته ونسينا جميعاً وانفرد بحجرته مرتاباً بنا.
في كل مرة أقدم له فيها الطعام يرفض الأكل حتى يحدث بيننا استجوابٌ متكرر يتحقق به من هويتي:
«من أنت؟» (...)
هالني قضمه لأصابع الفلفل الحار الواحدة تلو الآخرى، لم أستطع ألا أنظر إليه فيما أتناول وجبة (المطبّق) الأثيرة عندي، كنت أيضاً أقضم قطعة صغيرة بحذر شديد إثر كل لقمة، مع عصرة من الليمون التي ترطب قرمشة الرقاق المقمّر. أنا لا أخرج كثيراً إلا لضرورة (...)
رغم إدراكه بوقوع الأمر، إلا أنه يائس وخاضع وغير قادر على دفع الضرر، وقد تصور أن العلاج هين، بعد أن بحث أياماً في الإنترنت عما ينتابه من أعراض، ووجد أخيراً التشخيص وعرف خطبه وماهية ما يجثو على مزاجه بين الفينة والأخرى، واستبشر خيراً وانفرجت الأسارير (...)
خرج من منزله مسرعاّ بعد أن وبّخ زوجته ونعتها بأبشع الصفات، رمق جاره بنظرة ساخطة وهو يشم رائحة كريهة تنبعث من غطاء الصرف الصحي الخاص بمنزله.. وقد شكلت نهراً آسناً يمتد إلى نهاية الشارع.
ركب سيارته بكل صفاقة وهو يشتم الحارس الذي لم يغسل سيارته (...)
أطلق زفرة ارتياح، وابتسامةٌ واسعة ترتسم على مُحياه.. لقد أنهى أخيراً روايته الأولى التي قضى عقداً من الزمان في كتابتها وتنقيحها وتعديلها مرات ومرات.. لقد اقترب من تحقيق حلمه في أن يصبح كاتباً مشهوراً يُشار إليه بالبنان، ويُذكر اسمه في أكبر المجلات (...)
رمضان هو الوقت التي تحاول فيه العلامات التجارية المختلفة إظهار مدى تميزها من خلال ترك بصمتها على لم شمل الأسرة واللقاءات التي تقام خلال هذا الشهر الفضيل. وقد توقّعت شركة «ريد سير» العام الماضي أن يبلغ حجم الإنفاق عبر الإنترنت خلال الشهر الكريم ما (...)
مبكراً على غير العادة، لبست ثوبا أبيض قديماً، وواسعاً يناسب حرارة الجو، احتزمت بمعجرٍ تركه لي أبي، تصمدت بشماغ يلف الرأس، حملت بين يدي مِرْجمة، ومفقاعاً، وجرة ماء، واتجهت إلى أركبة صغيرة تركها لنا أبي بعد وفاته، كنت قد نويت في وقت سابق وبعد تقاعدي (...)
مضت ثلاثة ليالٍ على وجوده في حي "النسائم" حيث أضحى رداؤه بالياً، والتمت أغبرة الأرصفة على أطراف بنطاله، والحال ذاته على قميصه الذي تغير لونه. يبدو مجنوناً للناظرين، مرعباً للأطفال. لكن بائع السجائر، يؤمن بأنه عاقل، فحينما يمد بسيجارة له يسمع ترتيلاً (...)
تعلمناها في الصغر
لها معان سامية
وتحفر رسائل جبارة في عقول النشء ،،
أغلب الناجحين والأساطير اليوم
ممن حفروا أسماءهم
وخلدهم التاريخ ...
في كل مجال :-
سواء العلم أو التجارة أو الاعلام
أو الرياضة أو الفن أو غيرها
هم السلحفاة المنضبطة
التي على الرغم من (...)
«كلما سيطرت الآلة على الإنسان زاد شر الزمان عرامة»
نيكولاي برديائيف
يرن منبه الساعة الرقمية، أضواء النيون الفسفورية تشير إلى الساعة السابعة صباحاً، يتمطى على فراشه ليأخذ غفوة صغيرة، يرن المنبه مجدداً، يهرع إلى ماكينة القهوة، يكبس الزر، لحظات ويصبح (...)
ترجمتها عن الصينية: يارا المصري
ولد الشاعر الصيني خاي زي عام 1964 في مقاطعة آنهوي في الصين، والتحق عام 1979 بكلية الحقوق في جامعة بكين حين كان عمره 15 عاماً، وعمل في قسم الفلسفة في جامعة الصين للعلوم السياسية. بدأ خاي زي كتابة الشعر خلال دراسته (...)
تسلق «ألِن أوستن» سُلماً قديماً لإحدى البنايات الكائنة في الحي المجاور وهو في حالة عصبية كقط صغير مذعور. ولما كان المكان في العمارة مظلماً فقد استغرق وقتاً طويلاً وهو يبحث عن الاسم الذي يريده، حتى عثر عليه أخيراً مكتوباً على لوحة قديمة معلقة فوق باب (...)
رزق بمولود جميل أضفى على حياته وحياة أسرته البهجة والسرور كبر وعاش ذلك الطفل وعندما بلغ الخامسة من العمر كانت الصدمة لأسرته البسيطة حيث أصيب بتليف في الكبد حينما علم والده بالمرض وكان برفقة زوجته اسودت الدنيا في عينيه خرج مهموماً حزيناً ليفاجأ بسؤال (...)
ينام في المستشفى ليس في غرف المرضى إنما في قاعات الانتظار والممرات الجانبية، يحاول إقامة علاقة صداقة مع أي قادم جديد، سواء لمواعيد العلاج أو الإقامة، لا يترك شاردة ولا واردة إلا ويتحدث عنها يقدم نفسه للصديق الجديد ثم يبدأ الحديث في النهاية، يتحدث عن (...)
كم هي الساعة الآن؟ هل تقرأ هذه السطور وأنت في منتصف النهار، مشغول بأعباء وظيفتك أو دراستك اليومية الثقيلة؟ أم إنه وقت المساء وأنت مسترخ في منزلك تقلب هاتفك الذكي وتتناول رشفات من مشروبك المفضل؟
سواء كان هذا الوقت أو ذاك، فلابد أنك قادر على أن ترجع (...)
«وحدي»
وحدي أعود لأتوكأ على لا شيء.. في هذا الفراغ الذي يمتد الى ما لانهاية.. تدعوني ليالي المنفى الباردة لأشاركها الشراب ولنتجرع كؤوس خيبتنا المتكررة، وحين نقترب من الدخول في سكرتنا الطويلة ننادي على كل من مر هنا من قبل.. ندعوه ليحتسي معانا الكأس (...)
1- قرصان من المنومِ الورديِ وفنجان قهوة صغير جدا، يكفي رشفة أو اثنتين (تحايُلا على منع القهوة ليلا) وقطعة من الشكولاتة، وبعض التهيُؤاتِ الغامضةِ مثل سفر بعيدٍ أو لقاء أحدهم بالسماء العليا.. لا أتذكرُ ما دار بيننا سوى رغبتِهِ المُلحةِ في اللحاقِ بي، (...)
أخيرا دخلت بيتها.. كان يومها شاقا.. هذا السرب من الموظفين يتقاعس عن مهامه اذ ما تهاونت في المتابعة والاشراف عليهم، تنزع عن وجهها ذلك التجهم الرابض لمن يحاول التبسط معها او الاقتراب من نظرة عينيها التي تغطيها سحابة داكنة من نظارة طبية تخفي حيرة تتعلق (...)
منذ زمن بعيد لم نلتق! أشواق كثيرة تكومت في رفوف قلبي، قهوة «الصباح» مع قطع بسكويت (اللوتس) وأوراق العمل التي اعتراها غبار غيابكِ!
كأنه الأمس أتى يطل شامخاً من شرفة مكتبي يقهقه عالياً والسرور بادٍ على «محياه» ينعش الذاكرة ويوقظ «الحنين».
رن الهاتف (...)
تمسح بيدها سحارتها المطرزة. تزيل كافة ذرات الغبار. وتفتحها بأناة. تخرج أحشائها: دمية خشبية زجاجة عطر فارغة، منديل قماش أبيض قديم. تقربه من فمها وتتذكر يوم عرسها. وأصابع زوجها تختطفه قبل أن تناله يد المأذون وسط ضحكات الموجودين الصاخبة. قميص نوم أحمر (...)
مازال هو خيط النور، الذي يطل من خصاص الأمس، يفري ملامحه زيف الوهج، عندما ترتعش الأوصال في سراب حرف، يتهاوى عند حافة نهر، ويطفو في منتصف السطر.
حيث اعتادا... على أن يكون بينهما حديث لا ينقطع، لم تسل ابدا الغفران له، رغم أنه لم يحجم عن افتعال المشاكل (...)
1- يشذب ويهذب من نبرات صوته الأجش.
* كيف حال سعادتك؟
يرسم على وجهه مزيدا من الاقتضاب.
* بخير..
* وكيف حال الهانم والبك الصغير؟
* الحمد لله.
* لقد رزقت الأسبوع الماضي بولد، وأستأذن سعادتك أن أطلق عليه «فايز» تبركا باسم سعادتك.
* الولد الأول؟
* (...)
عندما جاء إلى مدينتنا كانت تربطني به علاقة سابقة، استمد جانبا كبيرا منها من كونه أحد أساتذتي الأوائل، وتمتد العلاقة إلى قرابة من ناحية الأم لم أشغل نفسي بتفاصيلها قدر اهتمامي بشخصيته هو حين ينطلق في الضحك مجاريا أحدهم حتى يشعرك أنه لا يعرف الحزن، (...)
لا أعرف السبب الذي قادني إلى هذا المكان، إلى محطة القطار تحديداً، حيث اخترتُ مكاناً للجلوس بالقرب من كشك صغير للعم حامد، يبيع فيه الصحف والمجلات والسجائر والهدايا الخفيفة. من هذا المكان تحديداً بدأتُ أتأمل وجوه المسافرين، أطاردها من بعيد، ألاحق (...)