مما يُؤثر عن ناقد الطعام والموسيقى الأمريكي الراحل جوناثان جولد، الذي بدأ جهده النقدي في الموسيقى قبل أن يتحول إلى فن الطهو، قوله «النقد هو النقد»، وقد شغل وظيفة الناقد الرئيسي للطعام في صحيفة لوس أنجلوس تايمز التي تأتي رابعا في التوزيع على مستوى (...)
من واقع التأثير الفكري الكبير للإثنولوجي الفرنسي كلود ليفي شتراوس في فضاء العلوم الإنسانية والأبحاث الأنثروبولوجية، فقد ارتقى في الوصف إلى أن يكون أكبر مهندسي الفكر في العصر الحديث، وهو رائد المنهج البنيوي الذي ارتبط به، وأصبحت البنيوية تقود مباشرة (...)
تظل المقاربة الثقافية بين الشرق والغرب متعثرة بسبب هاجس الاستعلاء الثقافي والحضاري المزمن الذي صنع جدارا وحجابا حاجزا بين الحضارات، وذلك قد يأتي في أحد من وجوهه من الازدواجية في العقل الغربي تجاه التفاصيل الحضارية والإنسانية في الصورة الكلية للماهية (...)
في مؤلفه «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» يستخلص المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما، تصفية ثنائية أنا والآخر لحساب الأنا المنتصر وسحق الآخر، وذلك مُنجز يمكن إدراجه في إطار الثقافة المتعالية التي تصل إلى نتائجها دون استكناه ثوابت ومتغيرات المراحل (...)
لم تكن حياة الروائي والكاتب المسرحي الإنجليزي سومرست موم سهلة وهو يتلمس طريقه الأدبي أو يبدأ مشروع الكتابة كعمل إبداعي، فمنذ بداياته الأولى كان مدركاً لمحدودية قدراته في الكتابة، فقد كان بصورة ما يفتقر إلى الخيال حينها، ولكن رغم اتجاهه إلى الطب كان (...)
يحتل الشاعر والمسرحي والروائي ألكسندر بوشكين مكانة كبيرة في الأدب الروسي خاصة، والعالمي عامة، حتى أن هناك من يجعله مؤسس الأدب الروسي الحديث، ومن يصفه بالشاعر الروسي الأعظم. وقد كتبت صحيفة «برافدا» أنه جعل اللغة الروسية الأدبية في متناول ملايين (...)
لطالما كان الأمل هو الوهم الجوهري لدى الإنسان.. ذلك ما يقربنا منه باقتدار إبداعي فريد الأيرلندي صمويل بيكيت من خلال مسرحيته الطليعية «في انتظار جودو» التي لا تزال واحدة من كلاسيكيات مدرسة العبث في الدراما الغربية المعاصرة.
في تلك المسرحية نقل بيكيت (...)
عندما تفرغ من قراءة أيٍّ من كتب الإنجليزي كولن ولسون: ضياع في سوهو، المعقول واللامعقول في الأدب الحديث، طقوس في الظلام، سقوط الحضارة، رحلة نحو البداية، الإنسان وقواه الخفية، اللامنتمي، وما بعد اللامنتمي، لا بد أن تصل إلى استخلاص مباشر حول عبقرية (...)
حين يقول بلزاك إن الروائي مؤرخ للحياة اليومية فذلك يعني جرعة عظيمة من الواقعية في النص السردي، وفي رواية مهمة مثل «الحياة فوق الضباب» للراحل إحسان عبدالقدوس تبدو الأبعاد التأريخية لمشاهد الحياة اليومية مثيرة للاهتمام، وجديرة بأن تجعل النص مزيجاً من (...)
حين تقرأ رواية «العصيان» للإيطالي ألبرتو مورافيا، في صباك ودون أساس معرفي قوي ربما يأخذك إلى عالمه دون تردد، وهو عالم تجد فيه من الناحية الإبداعية شخصية فائقة الثراء السردي، من خلال كتابات تتمتع بأسلوب واقعي بارد ودقيق، وفي الوقت نفسه، مدعومة بوعي (...)
في رواية حاج كومبوستيلا يذهب البرازيلي باولو كويلو إلى منطقة ما ورائية من خلال عرض تجارب روحية متعددة تسعى لاستكناه معان جديدة تحاول الاقتراب من الحقيقة، فكل ما ورائي يحفز العقل للاستكشاف، وبقدر ما يخشى الناس المجهول فإن الفضول يتملكهم لمعرفة القليل (...)
في رواية «الجريمة والعقاب» يقدم محقق الشرطة بروفيري بتروفيتش نفسه إلى بطل الرواية «رودي» بطريقة من المتعة أشبه برؤية مسطحات الماء الواسعة حين تثير رغبة غريبة وشعوراً بعدم إشباع الحس ما إذا كنت تريد أن تشرب الماء أو تسبح فيه أو ماذا؟ في الواقع يفعل (...)
يمثّل الشاعر والناقد الإنجليزي صامويل تايلر كولريدج، ذلك المزيج الفريد للشعر والفلسفة، حيث أفاض على الحركة الرومانتيكية الكثير الذي عزز الحضور الأدبي للنص الإنجليزي الكلاسيكي في الثقافة العالمية.
يُعد كولريدج أحد أكثر الشخصيات تأثيراً وإثارةً للجدل (...)
مارك توين، مبدع ضخم بعقل كبير، ولا تأتي أهميته من طاقته السردية وحسب وإنما من ذلك العقل الذي يجعل الفكرة السردية في القص والنص أكثر إلهاما وتطورا، فهو لا يحكي لينمو النص وتتكون الحبكة وإنما يجعل المزامنة بين اللغة والفكرة وكأنهما يتراقصان على أنغام (...)
وضعت الحرب العالمية الأولى الضمير الغربي أمام العديد من الحقائق الصادمة للأداء الإنساني الرديء، وجاء التعبير عن ذلك بوضوح في أعمال إبداعية مختلفة تعكس كثيرا من خيبات الأمل لدى المبدعين على نسق الأرض (الخراب أو اليباب) أو (أرض الضياع) التي نظمها (...)
من بين كل الفنون الموسيقية يبدو فن الأوبرا أكثر سحراً وتأثيراً في الذائقة والروح المتلقية، وهو فن لا يجيده إلا العباقرة من الموسيقيين الذين يملكون مزيجاً من الأدوات والقدرات التي يمكن أن تنتج أداء ما إن ينتهي إلا ويفعل الجمهور أحد أمرين: يصفق، يقول (...)
تمثّل فتيات برونتي الثلاث أو الأخوات الثلاث، شارلوت وآن وإميلي برونتى، علامة فارقة في الأدب الكلاسيكي الإنجليزي، فهنّ لسن مجرد شقيقات أديبات، وإنما حالة أدبية وإبداعية خالدة مع الزمن تلخصها الكاتبة المسرحية والروائية والناقدة الأمريكية بوني غرير في (...)
رغم أن الألماني هيرمان هيسه كان ملحّاً في أن يكون شاعراً أو لا يكون على الإطلاق، إلا أنك لا يمكن أن تعرفه إلا كروائي، وشخصياً عرفته باكراً من خلال روايته "ذئب البوادي"، وهو مهم في السرد أكثر منه في النظم.
ربما استغرق وقتاً في محاولاته الشعرية، إلا (...)
لا يبدو اسم ستندال، أو ماري هنري بيل، بذات الحضور الكثيف في الرواية الفرنسية عبر تاريخها مقارنة بكثيرين سبقوه ولحقوه، ولربما كان بلزاك مشهورا بما تتواضع معه شهرة هذا الرائد الذي أرسى أسس وقواعد الأدب الروائي الواقعي، حيث إنه وللمفارقة يعتبره بعض (...)
ليست ثمّة مسافة بعيدة بين الألماني فيخته حين يقول «لا شيء في أن (تكون) حرا، أما أن (تصبح) حرا فهو شيء سماوي» ثم يأتي بعده اليوناني نيكوس كازانتزاكيس حين يقول «لا آمل في شيء، لا أخاف من شيء، أنا حر»، وبين ميلاد الرجلين مئة عام تزيد قليلا، غير أن ذاك (...)
ترتبط فكرة الملاحم الأدبية بإنتاج هوميروس لملحمتي الإلياذة والأوديسة بما فيهما من استغراق عميق في الأساطير وتوظيف الماورائي والغيبي بصورة مكثفة في السرد، ولعل كل قصة يونانية تستدعي أحد الآلهة الذين تعج بها حياة اليونانيين فيما يبدو وكأنها حاجة (...)
لا تبدو المسألة الوجودية مرتبطة بالطيف المتواتر من المفكرين الغربيين وحسب، وإنما لذلك جذره الذي ينتهي إلى مداولات تسبق من التصقت بهم الوجودية بصورة حاسمة مثل سارتر وميرلوبونتي وسيمون دي بوفوار وجبريل مارسل، حيث يمكن أن يرجع ذلك إلى فلسفة أرسطو حين (...)
لو لم يتحدَّ حسان بن ثابت النابغة الذبياني ربما تأخر النقد البلاغي قليلا في المساحة الإبداعية العربية، ولعل ذلك جاء صدفة أو لحظة من استفزاز استثارت النابغة وهو على ما عليه كأحد فحول شعراء الطبقة الأولى وأشعر شعراء عصره، قال حسان:
لنا الجفنات الغر (...)
تبدو أميركا الأخرى حالمة وأكثر شاعرية، فهي ليست بلادا رأسمالية تفتقر ذلك الحس الروحي الشفيف، وإنما لديها طاقة وطلاقة أدبية مذهلة تعادل النزعة الرأسمالية في السلوك الإنساني العام لمواطنيها. وبغض النظر عن الذين هاجروا إليها باكرا ومنحوها ثراء واتساعا (...)