منذ صوّر الله سبحانه الإنسان وأودعه الحواسّ، وأقرّ فيه العقل والتفكير؛ هيّأه لأن يُقبل على كلّ جميل يٌقدّره، ويُدبر عن كلّ قبيح يُنفّره. ذلك هو الطبع المستقيم، والذوق السليم، وتلك هي فِطرة الله وسنّته، ولن تجد لسنّة الله تبديلا.
على أن الناس قد (...)
حين نسأل عن دوافع الكتابة الأدبية ومحتوياتها بصفة عامّة، تتبادر إلى الأذهان مسألة الالتزام في الأدب.
إن التزام الأديب حين يكتب، واحتماله تبعة ما يكتب، ووجوب أن يكون مُتّصِلاً حين يكتب بما يُحيط به من واقع الحياة، قضيّة يختلف ويتّفق عليها المُهتمون (...)
العنوان مقتبس من عبارة رائعة الوصف للترجمة، للكاتب الجزائري عمارة لخوص، ولكنها رحلة عاصفة في الغالب، لا تخلو من تمايل السفينة يمنة ويسرة، وهيجان البحر وزمجرة الأمواج!
فللترجمة صعوبات تواجه القائمين عليها في كلّ عصور التاريخ، ولكنهم مع هذا لم ينصرفوا (...)
عرضت الإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية سؤالاً، للإجابة عنه في أحد المؤتمرات الثقافية العربية، ونصّ السؤال كما يلي:
«ماذا يجب أن تعمله المدرسة، للتّغلب على النزعة الأدبية والكلامية، المنتشرة في البلاد العربية، ولإشاعة روح التفكير العلمي، بين (...)
يقول الشاعر محمود درويش في كتابه «في حضرة الغياب»: «سلام على الحاضرين في حضرة الغياب، وعلى الغياب في حضرة الحاضرين».
وحضرة القارئ هو الغائب الحاضر بقوّة في كلّ إنتاج أدبي!
تقول الكاتبة والروائية الإنجليزية فرجينيا وولف، في مقدّمة كتابها «القارئ (...)
العرب أٌمّة فصاحة وبلاغة، تتأثّر بالبيان الرفيع، والجُملة الوجيزة الموحيَة، وقد اتّفق العرب على سلامة لُغة قبائل الجزيرة، والطعن بلُغات السواحل، لمُخالطتهم الأجانب في الأسفار والتجارات.
وجاء الإسلام واللّغة العربية مُستكملة أدوات التعبير، فلما كانت (...)
إن علاقة الأدب كفنّ ببعض أنواع المعارف، التي يحاول الأدب الاستفادة منها في الكشف عن أسرار الجَمال في النصوص الأدبية نفسها، هي نوع من المعرفة اصطُلح على تسميتها بالسيرة.
فالسيرة ضربٌ من ضروب التحصيل، الوثيق الصلة بالأدب نفسه.
وأوّل ما يتبادر إلى (...)
المثل فنّ إنساني من فنون القول، لا يتميّز به زمان على زمان، ولا تختصّ به أُمّة دون أُمّة. ولم يسرِ شيء كما سار، ولم يعُمّ كما عَمّ، حتى قالوا: «أسيَر من مثَل»، والشاعر يقول:
ما أنت إلا مثَلٌ سائرٌ
يعرفه الجاهل والخابِرُ
وللمثل ميزة على سائر القول، (...)
لم يعرف النقد القديم علاقة الأدب بالحياة، ولا بالدور الذي يقوم به في توجيه هذه الحياة، وربّما كانت أوّل عبارة أحكمت الربط بين الأدب والحياة، هي العبارة المأثورة عن الناقد والشاعر الإنجليزي كولردج، التي يُقرّر فيها أن «الأدب نقدٌ للحياة».
فقد أحدث (...)
إذا كان الأديب يتميّز بموهبةٍ تُتيح له استعادة التجربة التي عاناها، والتعبير عنها بصدق، فهل يكفي هذا كي يغدو التعبير الصادق إبداعاً فنيّاً؟ الحقّ أن موهبة الإبداع الفنيّ تتمثّل، وعلى وجه الدِقّة، في ألا يعكس الأدب مُعطيات الحياة وحسب، بل أن يتجاوزها (...)
لعبت الصحافة دوراً مهمّاً في تطوير حياتنا الثقافية والتأثير فيها، وتدخّلت بشكل أو بآخر في تحديد مفاهيمنا الثقافية، ورسم مستقبل أي تطوّر في فنّ الكلمة المكتوبة؛ ونعني الأدب.
فالقارئ يجد في إمكانيات الجريدة اليومية ما يُشبع كل حاجاته، ويُلبّي له كلّ (...)
يعود لأساطين المجمع اللّغوي، حسبما أسماه الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله-، في روايته الساحرة الساخرة «العصفورية». وقد تجدّد الحديث عن المجمع مؤخّراً، بعد إجازته لبعض المُفردات التي لم ترد في المعاجم، بينما أُجيزت باعتبارها مُعرّبة عن الأصل في لُغات (...)
بدا اهتمام المُستشرقين الأوروبيين بالكتابة والتأليف عن البلاد العربية خلال فترة الاستعمار. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية وبدء التحرّر الوطني من نير الاستعمار في آسيا وإفريقيا، زاد اهتمام الغرب بتلك البلدان لأسباب تجارية واقتصادية، تستهدف السيطرة (...)
الحُريّة في الخيال، هي التي تضع الحدّ الفاصل بين كتابة القصة وكتابة السيرة الأدبية؛ فالقصصي حُرّ في الخلق والبناء، يملك أن يتخيّل مواقف وحوارات، وقد يلجأ في بناء الشخصية إلى بعض العناصر المستمدّة من التاريخ، ولكنه كثيراً ما يخلق العناصر التي يراها (...)
يسود في الوسط الأدبي، اعتقاد مفاده أن الظاهرة الأدبية عند العرب، في الفترة الأولى من نشوئها، تقتصر على الشِعر، أو على الأقل أن الشِعر هو أهمّ مظهر من مظاهرها.
ويجد هذا الاعتقاد تجسيداً له، في ذلك الاهتمام الكبير الذي يُعطى للشِعر على مُختلف (...)
القراءة أساس الوعي الثقافي والحضاري، وحجر أساس النهضة المجتمعية، والقراءة تستطيع أن تفتح آفاقاً جديدة للإنسان لتوسيع مداركه ووعيه ومعرفته.
لذا، فلا غرابة أن كانت «إقرأ» أوّل كلمة أُنزلت على قلب رسولنا الكريم محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وقد قال (...)
سهّلت التقنيات الحديثة على البشر سُبل التواصل والمُراسلات السريعة، ولكنها حرمتهم من المُتع التي كان يوفّرها لهم ضجيج الأوراق، ورائحة الحِبر، وحدب الأصابع على القلم، وحرمتهم كذلك من طقوس إيداع الرسائل في صناديقها المُعتِمة، مصحوبة بمشاعر الرجاء (...)
تُعرّف البلاغة بأنها: العِلم الذي تُعرف به فصاحة الكلام، مع مُناسبته للمقام، ووفائه بالمعنى المُراد، مع جمال الأسلوب.
وقد قال الجاحظ: «المعاني مطروحة في الطريق، وإنما الشأن في تخيّر اللفظ، وسهولة المخرج، وصحّة الطبع، وجودة السبك».
وقال خالد بن صفوان (...)
هناك جوائز كثيرة للآداب في فرنسا، ولكن أشهرها «جونكور Le prix Goncourt»، وهي جائزة سنوية تمنحها «أكاديمية جونكور» عن طريق لجنة مُكوّنة من عشرة أعضاء من كبار الأدباء وأساتذة الجامعات ورجال المسرح وأهل الفنّ.
ومع أن قيمة الجائزة النقدي لا يتجاوز (...)
ابتداءً من مُنتصف القرن الرابع عشر الهجري «العاشر الميلادي»، التزم عموم أهل الأدب بالسجع في الكتابة، والانصراف عن النثر المُطلق السّلِس؛ الذي يتجلّى فيه فضل العربيّة وتميّزها كما وضع أُسسه كبار الأدباء، من طراز عمرو بن مسعدة، وعبدالله بن المقفّع، (...)
أخذت المأثورات الشعبية، المعروفة عند الغرب بالفلكلور Folklore، من جوانب حضارتنا العربية الكثير في الثقافة الغربية، وذلك منذ العصر الوسيط وما بعده، عندما التقى الشرق والغرب إبّان الحروب الصليبية، وخلال الاتّصالات التجارية التي وصلت الشرق الإسلامي (...)
العنوان اقتباس للخليل بن أحمد، وفيه إشارة إلى عبارة «أدركته حرفة الأدب»، التي سارت مسير المثل، لتُقال في كلّ أديب يناله بؤسٌ، وعند كلّ حالةٍ يُمنى فيها بالخيبة والإخفاق.
فالأديب إنسانٌ له حاسّة سادسة تُضاف إلى حواسّه الخمس، وهي طبيعته الفنيّة التي (...)
قال أحد الفلاسفة: «لم يقُم المرء في كلّ سنيّ حياته الطويلة بشيء يُثير الدهشة ويدعو إلى العجب، أكثر مما قام به حين تعلّم اللغة».
فقد استرعى انتباه الفلاسفة والمُربّين في كلّ عصور التاريخ، ذلك الطفل الصغير، الذي ينطق بلُغة أبويهِ نُطقاً سليماً واضحاً (...)
إذا كان جمهور المُثقفين يتوقّعون من المؤلّف أن يتقيّد بالروح العلمية في كتاباته، فهُم يتوقّعون كذلك من المُترجم ألا يكون أقلّ حرصاً على ذلك. فالترجمة عِلم وفنّ، وهي تحتاج إلى موهبة بلاغية، وقُدرة على التعبير واختيار الألفاظ المناسبة، وصبر وجلَد، (...)
إن لروائع الأدب شباب دائم، أين منه شباب العُمر، أو شباب الربيع، أو شباب الأُمم!
ذلكم الشباب الخالد هو شباب الأدب الرفيع، الذي وصفه الشاعر فقال:
يهرم الكون وهو غضّ، وتبلى
جِدّة الدهر، وهو زاهٍ نظيرُ
فالعِلم يتبدّل من حال إلى حال، وكثير ممّا كان يُحسب (...)