بعد 40 عاما قضاها الأمير سعود الفيصل في منصبه كوزير لخارجية السعودية، ترجل وزير الخارجية الأقدم في العالم، اليوم الأربعاء، عن منصبه، بقبول العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز طلبه بإعفائه من ترؤس الدبلوماسية السعودية لظروفه الصحية. وجاء في الأمر الملكي الصادر، اليوم، بحسب ما نشرته وكالة السعودية الرسمية، أنه "بعد الاطلاع على ما رفعه لنا الأمير سعود بن فيصل بن عبد العزيز آل سعود وزير الخارجية عن طلبه إعفاءه من منصبه لظروفه الصحية، فقد أمرنا بالموافقة على طلبه". ونظرا للخبرة والمكانة التي يحظى بها الأمير سعود الفيصل (75 عاما)، أصدر العاهل السعودي أمرا آخر بتعيينه "وزير دولة وعضواً بمجلس الوزراء، ومستشاراً ومبعوثاً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين، ومشرفاً على الشؤون الخارجية". وأصدر العاهل السعودي في 29 يناير/ كانون ثان الماضي 34 أمرا ملكيا تضمن إحداها إعادة تشكيل مجلس الوزراء، في واحدة من أكبر التغييرات الوزارية في تاريخ المملكة، فيما احتفظ سعود الفيصل بمنصبه. وجاء تعيين الفيصل في وقت كان يعالَج فيه بالخارج، حيث بدأ رحلة علاجية في 24 يناير/ كانون الثاني الماضي لإجراء عملية جراحية في فقرات الظهر بالولايات المتحدةالأمريكية، والتي "تكللت بالنجاح"، بحسب بيان صادر عن الديوان الملكي السعودي آنذاك، عاد بعدها إلى المملكة في 4 مارس/ آذار الماضي. وخلال تلك الفترة ترددت الكثير من الشائعات حول استقالة الفيصل من منصبه على خلفية حالته الصحية، إلا أنها كانت تُنفى في حينها. ويعد الأمير سعود الفيصل الذي عُين وزيرا للخارجية في أكتوبر/ تشرين أول عام 1975 صاحب أطول فترة بقاء في المنصب كوزير للخارجية مقارنة بنظرائه في دول العالم حيث قضى 40 عاما في منصبه. والأمير سعود الفيصل بن عبد العزيز آل سعود من مواليد الطائف في 2 يناير/ كانون ثان عام 1940، وهو ابن الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ووالدته الأميرة عفت الثنيان آل سعود. نشأ وتربى في مدرسة الفيصل الأب والملك، التي نهل منها أدب الفرسان والثقافة الواسعة، والإدارة المحنكة والدبلوماسية الرفيعة. حصل الأمير سعود الفيصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة برنستون في ولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة عام 1964، وعاد إلى البلاد ليتقلد أول مناصبه مسؤولاً عن العلاقات النفطية في شركة بترومين، ثم عضواً في لجنة التنسيق العليا التابعة لوزارة النفط والثروة المعدنية، فمستشاراً اقتصادياً للوزارة ذاتها. وبعدها عُين وكيلاً لوزارة النفط والثروة المعدنية منذ عام 1971 ولمدة خمسة أعوام. وفي عام 1975، تولى الأمير سعود الفيصل منصب وزير الخارجية، في مرحلة مرت فيها المنطقة العربية والعالم بأزمات عدة، قاد فيها الفيصل دبلوماسية بلاده بحنكة شديدة، ونجاح كبير، جعل الكثيرين يلقبونه ب"أمير الدبلوماسية". وخلال المؤتمرات الصحفية يحضر الأمير سعود الفيصل بكامل حنكته الدبلوماسية وثقافته الواسعة، ليستقبل الأسئلة ويرد ردودا مباشرة، ولطالما استخدم فصاحته العربية وحفظه لعيون الشعر العربي في الرد على أيّ من أنواع "الغمز" أو "اللمز" السياسي لبلاده. وهو المتحدث اللبق الذي لا تتعثر كلماته، وبأي لغة كانت، متنقلاً من العربية الفصحى إلى الإنجليزية أو الفرنسية، حيث إنه يتقن 7 لغات، بالإضافة إلى العربية منها الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية والعبرية. وبحكم عمله كوزير للخارجية كان عضوا في الكثير من اللجان العربية والإسلامية مثل لجنة التضامن العربي واللجنة السباعية العربية ولجنة القدس واللجنة الثلاثية العربية (السعودية، المغرب، الجزائر) حول لبنان ضمن وزراء خارجية الدول الثلاث وغيرها.