أثار اعتلاء الكاتبة السعودية سكينة المشيخص منصة نادي جازان الأدبي إلى جوار خالد حمود المأربي لتحاضر أمام العشرات وجها لوجه، الكثير من الجدل واللغط حول التجربة، بين من اعتبرها أمرا عاديا، وبين من رآها تجاوزا للعادات والأعراف المحلية واختلاطا لا يليق. واتفق المتحدثان في الندوة، التي كانت حول أهمية النشر الإلكتروني في تكريس أو هدم الوحدة الوطنية، على أن الوسائط التقنية الحديثة شكَّلت حلقة وصل بين المسؤولين والمواطنين، وأسهمت في تنمية الحس الوطني، على رغم ما يمثله استخدامها من مواجهة تحديات جديدة ومتنوعة لا تتوقف، وشهدت الندوة احتجاجاً من بعض الحضور، وغادر بعضهم القاعة. بيد أن الكاتبة السياسية سكينة المشيخص، وهي أول امرأة سعودية تعتلى منصة ناد أدبي، خرجت راضية عما قدمته في الندوة، وأكدت أن لديها استعداداً تاماً لتكرار التجربة مرة أخرى لو أتيحت لها الفرصة، مستغربة في حديثها مع "العربية.نت" من كل هذا اللغط الذي أثير حول تجربتها، وقالت: "كانت محاضرة وطنية جميلة، تتحدث عن النشر الإلكتروني واللحمة الوطنية. بالنسبة لي كانت تجربة جميلة، وأنا غير مستاءة حتى من اللغط الذي أثير حولها، لأن لكل جديد ردة فعل سلبية وأخرى إيجابية". وأضافت: "لم أتوقع كل هذا اللغط، لأنني كنت أعتقد أن المرأة السعودية تجاوزت هذا الأمر بكثير"، وتتابع مؤكدة: "لو أتيحت لي الفرصة سأكررها بالتأكيد ولن أتنازل". تنمية اللحمة الوطنية الكاتبة السعودية سكينة المشيخص وتؤكد المشيخص على أن الفكرة كانت وليدة الصدفة وغير مخطط، لها نافية أن يكون هناك أهداف خلفها، ومشددة على أن كونها من التيار الشيعي ربما كان سبباً في ازدياد الاحتجاج، وتقول: "ولدت الفكرة من صديقتي خديجة ناجة التي قالت في احد الاجتماعات قبل أسبوع إنها منذ سنوات وهي تتمنى أن تصعد امرأة على منصة نادي جازان الأدبي، فسألتها عن عدم صعودها حتى الآن، فقالت إنها لسنوات بحثت الأمر، والكل كان يعتذر، فقلت لها "أنا مستعدة لذلك، ولكن هل هناك أمسية تناسبني لأنني كاتبة سياسية؟ فقالت نعم لدينا هذه الأمسية، وهي على ذات الخط الذي أسير عليه، فوافقت". وتضيف :"الشيء الوحيد الذي تضايقت منه هو أنه عندما دخلت للصالة خرج منها بعض الرجال الملتحين بمجرد أن رأوني، مع أن صورتي كانت موجودة، ومعروف أنني سأشارك، ولكن عندما رأوني خرجوا من القاعة، وكان الأمر مجرد إثارة أو محاولة إحداث بلبلة، فوجودي في هذا المكان لا تنطبق عليه شروط الخلوة غير الشرعية، في الأخير هناك فتاة تحضر لأمسية، تتحدث عن اللحمة الوطنية إلى جوار رجل، فما المشكلة في ذلك؟ ألهذه الدرجة؟ توقعت أننا قطعنا مرحلة أبعد من ذلك". وتنفي أن تكون قد تمت مساءلتها من أي جهة حول الندوة وتقول ل "العربية.نت": "لم يصلني أي شيء من جهات رسمية، ولم تتم مسائلتي، فأنا ضيفة في مكان رسمي. وتتابع: "كنت أريد أن أثبت أن المرأة السعودية شجاعة، ويمكن أن تكون في أي مكان، وأننا جميعا نلتقي في هذا الوطن، فأنا أنتمي للتيار الشيعي، وخالد ينتمي للتيار السني، وتحدثنا عن شيء مهم وتحت سقف واحد وهو المواطنة والوطن". وتضيف: "للأسف البعض أخذها بشكل سلبي، ولكن بغض النظر عن كوني شيعية أو لا، كنا نتحدث عن الوحدة الوطنية كمواطنين محبين للوطن، ملقين خلف أظهرنا كل التحزبات المذهبية التي ذابت في حب الوطن". خطوة طبيعية رئيس النادي الأدبي بجازان د. أحمد الحربي من جانبه شدد رئيس النادي الأدبي بجازان الدكتور أحمد الحربي على أن الأمر لا يستحق كل هذا اللغط والجدل، ورأى أن هذا أمر عادي سيتقبله المجتمع لاحقا، وقال ل "العربية.نت": "لا يستحق الأمر كل هذا، لأن المرأة أصبحت جزءاً مهماً من المجتمع، والأندية الأدبية هي جزء من المجتمع، وحسب الأنظمة الجديدة للأندية الأدبية قد تكون المرأة رئيسة لها، ولهذا طبيعي أن تعتلي المنصة"، نافيا أن يكون هناك احتجاج من رجال خرجوا من القاعة بسبب سكينة، وأضاف: "لم يخرج كثير من الرجال عن الندوة، خرج عدد قليل لأسباب خاصة بهم، ولم يكن السبب وجود امرأة على المنصة". ويرفض الحربي فكرة أن تكون لديهم أجندة معينة كما يتهمهم البعض، قائلا: "ليس لدينا أجندة لها أهداف معينة، الأمر لا يخرج عن كونه تنفيذا للائحة الأندية الأدبية الأخيرة، وهي جزء من عمل اللائحة التي اعتمدتها وزارة الثقافة والإعلام"، وتابع: "هذه الأمور التي يراها المجتمع جديدة عليه سيتعود عليها خلال الفترة المقبلة". وأكد الحربي أنه لم يكن المقصود هو سكينة بحد ذاتها: "كان يمكن أن تكون سكينة أو أي امرأة أخرى. الاسم لم يكن محددا بذاته"، وينفي ورود أي مساءلة رسمية لهم حول الأمر، معترفا أنه يتوقع حراكاً مضاداً من التيار الديني، ولكنه يستدرك: "التيار الديني ليس هو كل المجتمع، وليس هو دائماً الصح، قد تكون هناك مرات كثيرة يكون الجانب الآخر هو الذي على صواب". دون تخطيط الكاتبة سكينة على المنصة يكشف المشرف الإداري للنادي خالد شافعي أن صعود سكينة للمنصة لم يكن مخططا له من البداية، وأنه جاء وليد الصدفة، ويقول ل "العربية.نت": "الأمر لم يكن مخططا له، ولم نتوقع أصلا وجود الأخت سكينة على المنصة، لأن هناك مكان في النادي مخصص للنساء، ودائماً عندما تكون محاضرة مشتركة تكون في ذلك المكان، ولكن ما حدث أن الإخوة اجتهدوا في ظل وجود عدد قليل من الحضور لا يزيد عن عشرين رجلا، فاكتفوا بقاعة واحدة، باجتهاد من خديجة ناجة، وهي عضو في النادي، مع مقدم الندوة السيد أحمد عطيف، فهم قالوا إن العدد قليل ومن الأفضل دمجهم في مسرح واحد، فكان الرجال في يمين القاعة والنساء في اليسار، ولم يكن المقصود إثارة لغط أو شيء من هذا القبيل"، وتابع :"لم يكن الأمر مبيتاً مسبقاً، بل اجتهاد حصل في وقته". ويشدد شافعي على أن الفكرة قد تتكرر حسب ظروف الندوات، دون أن تكون هناك ترتيبات خاصة بهذا الأمر، وقال: "التجربة لم تطرق بحضور كبير يجعل من قام عليها يندم، وليس مشكلة لو أن تتكرر مرة أخرى، فهي مناطة بالحضور أكثر، ولا نقول إن وراء الأمر برنامج مرتب او اهداف أخرى، بل هو أمر بسيط جدا، لدرجة أن الحضور لم يستغرب الأمر وكأنه كان يحدث لسنوات طويلة". خطوة لاداع لها الشاعر إبراهيم صعابي من جانبه اعتبر الشاعر ابراهيم صعابي أنه لم يكن هناك داع للقيام بهذه الخطوة التي لم يكن ليتقبلها المجتمع، وقال ل "العربية.نت": "مازال خروج المرأة بهذا الشكل يشكل غرابة لدى المجتمع السعودي. لا أريد أن أتهم المجتمع ولكنه يرفض بعض التصرفات التي لا تليق به"، ويضيف مظهرا معارضته للفكرة: "انا لا أؤيد هذه الخطوة، في نظري لا داع لأمر كهذا، فما الذي ستستفيده سكينة في الندوة حتى وان كانت كاشفة الوجه؟ صحيح أن هذه حرية شخصية لها، ولكن ما الذي كان يمنع أن تكون في قاعة النساء وهناك فعلا قاعة مخصصة لذلك".