لئن كان صعود الكاتبة السعودية سكينة عبدالله المشيخص إلى منصة نادي جازان الأدبي، ومقاسمتها لمجريات الأمسية التي نظمها النادي في يوم الأربعاء 5 شعبان 1432ه الموافق 6 يوليو 2011م، مع زميلها خالد حمود المآربي لمناقشة موضوع «النشرة الإلكترونية»؛ قد أحدث ردود أفعال متباينة في داخل القاعة في تلك الأمسية، تفاوت بين استغراب أكثر الحاضرين للأمسية، وإشارتهم إلى أن هذا المشهد غير مألوف، ولم يسبق لأدبي جازان منذ تكوينه أن شهد صعود امرأة إلى المنصة مع الرجال، ناهيك أن تكون كاشفة الوجه، مما دفع بعضوة النادي خديجة ناجع إلى اعتبار أن ما تم يعد نجاحًا من نجاحات النادي، وأن الأمر كان مخططًا له من سنين، وتم بمباركة أعضاء مجلس الإدارة، مؤكدة أنها لا تخلي مسؤوليتها مما جرى. نفي الرئيس لئن كان كل ذلك بأحداثه الدرامية قد جرى، فإن الأمر لم ينتهِ عند حدود القاعة والأمسية، فقد امتدت الإثارة، بتعليقات متفاوتة الرأي فيما تم في تلك الأمسية، حيث جاءت ردة الفعل من قبل الدكتور أحمد بن إبراهيم الحربي رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي بجازان -الذي غاب عن الأمسية بسبب لزومه السرير الأبيض- بنفي أن يكون هذا الأمر مخططًا له، مؤكدًا على أهمية تواجد المرأة في المشهد الأدبي قائلًا: الوزارة تريد ذلك فنادي جازان ليس الأول الذي تعتلي منصته امرأة فقد سبقنا نادي مكة الأدبي ونادي الرياض الأدبي، ونادي حائل الأدبي حاليًا يشهد في مجلس إدارته أربع من النساء إحداهن المسؤولة الإدارية في النادي. ويمضي الحربي في قوله، ناسفًا ما ذهبت إليه عضوة النادي (خديجة)، مضيفًا: إن خديجة ناجع لا تمثل إلا نفسها؛ فهي ليست رئيسة اللجنة النسائية كما تتشدق في حديثها، وهي ليست صاحبة قرار في النادي وقولها بأن هذا الأمر مخطط له منذ سنتين أو أنه تم بمباركة من أعضاء مجلس الإدارة فهذا الكلام غير صحيح، واستغرب حدوثه من الأخت خديجة، فالنادي الأدبي كيان لن نسمح للأشخاص بالتسلق وإظهار الذات من خلاله، فنحن نخطط لبرامجنا ونستقي الأنظمة من خلال اللائحة المنظمة للأندية الأدبية التي اعتمدتها وزارة الثقافة والإعلام. مؤامرة للإطاحة بالحربي غير أن أحد أعضاء مجلس الإدارة بأدبي جازان (تحتفظ الجريدة باسمه) قرأ ما حدث بصورة غير التي يشير إليها الحربي؛ حيث يقول: الصراع الكبير بين أعضاء مجلس الإدارة وما حدث في ليلة ندوة النشر الإلكتروني يؤكد بأن هناك العديد من الأمور السيئة التي تحدث بين أعضاء مجلس الإدارة من أجل الإطاحة برئيس النادي وليظهروا بأن هذا السوء الذي حصل في النادي لم يحدث من قبل. ماضيًا في إيراد إسناد يعضد فرضيته بقوله: كل الأمسيات والندوات التي تحدث في النادي تتأخر حتى الساعة التاسعة والنصف وأحيانًا العاشرة في انتظار الجمهور، أما في تلك الليلة فقد بدأت الساعة التاسعة وعشر دقائق، فقد حبكت الندوة واتوا بالمحاضرة المشيخص التي لم يتم اعتمادها من قبل مجلس الإدارة لسوء في نيتهم في ظل غياب رئيس النادي ونائبه والعديد من أعضاء مجلس الإدارة، وجاء صعودها إلى المنصة مع الرجال برغم أن قاعة النساء كانت مجهزة وهي مخصصة للفعاليات، فقد أقيمت عليها العديد من الفعاليات، وتم استضافت العديد من المثقفات وخرجن بانطباع جميل عن كافة المناسبات التي أقيمت في النادي، وبإزاء هذا الوضع فيجب على أعضاء مجلس الإدارة أن يتقدموا جميعهم باستقالتهم وعدم قبول ترشحهم مرة أخرى في أي مجلس إدارة قادم، لان المؤامرات التي تحاك في الخفاء يجب أن يتصدى لها المثقفون والأدباء النزيهون من أبناء المنطقة وليس الذين يبحثون عن أمجاد شخصية ويجرون وراء أهوائهم ونزواتهم. قضية بين فكرين متناحرين هذا الرأي السابق وجد له من داخل عضوية النادي من يخالفه، ويبرز ذلك في رأي الأديب ملهي عقدي عضو النادي الأدبي الذي أشار إلى أن القضية التي حدثت في الأيام الماضية ولا تزال نارها مستعرة حتى الآن من (ندوة النشر الإلكتروني)، هي قضية بين فكرين متناحرين في الوقت الحالي، كل فكر جعل من نفسه حاكمًا ومحكمًا باسم المجتمع، والضحية للأسف النادي الأدبي، وأدب أُمة تتنفس الأدب والثقافة، فجعلوا من الحدث قضية من لا قضية، وأعطوها حجمًا أكبر من حجمها الذي تستحقه.. ماضيًا إلى القول: لو جئنا للعقل السليم الذي يقرر لهذا الأمر، لوجدنا أن النادي الأدبي مؤسسة حكومية رسمية تسير وفق نظام الدولة الذي يحدد لها مسارها الخدمي الذي تؤديه في المجتمع وفق أنظمة رسمية معمول بها لا يمكن له أن يحيد عنها بشيء من هوى القائمين عليه، فلماذا يفرض عليه الوصاية الخارجية الاجتهادية من الآخرين؟! ومن سمح لكلا الطرفين ليمثل الدور الرقابي والمقرر عن الدولة والمجتمع لخلق قضايا فكرية المجتمع في غنى عنها؟! والموضوع يفترض أن يناقش بعمق ولا يناقش بسطحية أو اصطفاف خلف آراء فقهية معروفة ومقدرة. ملخصًا موقفه بقوله: الموضوع صراع تيارات نهضوية برؤى مختلفة تتحامل ضد بعضها وليس نقاشًا فقهيًا، ولا أظن أن شخصيات المنصة تهتم بالفقه في كل آرائها بقدر احترامها للتوجه الفكري الذي تراه وإلا لكان لزامًا على الجميع مراعاة بعض الأصول الفقهية والشرعية في باقي لحظات تلك الجلسة، وبالنسبة لمشاركة المرأة في النادي الأدبي فهي ضرورة ملحة لاحتواء بعض الحراك النسوي الذي يتسم بعضه بالنضج ولهن صالات ومقاعد يستطعن أن يدرن الجلسات ويشاركن فيها من غير إلزامهن بأيام خاص. مسؤولية لجنة النشاط المنبري فيما اكتفى الكاتب عمر طاهر زيلع بالإشارة إلى أن النشاط الذي قدم للمجلس وتم الموافقة عليه كان للأديب جبر المليحان ولم تذكر اللجنة مشاركة المشيخص، وحمّل الزيلع لجنة النشاط المنبري وأعضاء مجلس الإدارة والذين حضروا الندوة ما تم فيها من تجاوزات. سلوك ضد الثوابت الجدل والصراع حول هذه القضية لم يقف عند حدود أعضاء النادي، فقد امتد أيضًا إلى بعض النوافذ الإلكترونية، ونحت أغلب الآراء نحو استنكار ما حدث، ووصمه بأنه سلوك لا يتناسب والثوابت المرعية في المملكة العربية السعودية عمومًا، ومنطقة جازان خاصة، فقد كتب الدكتور عبدالرحمن علوش المدخلي على صفحته في «الفيس بوك» قائلًا: نادي جازان الأدبي درج منذ سنوات قليلة بعد ذهاب إدارته السابقة على الإتيان بالعجائب والغرائب والتصرفات الشاذة التي تصادم قيم المجتمع ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ولعل من آخر تلك الطوام دعوتهم لامرأة كاشفة لوجهها وإجلاسها بين الرجال على عتبة المسرح أمام جمع من الحضور في سابقة لم يسبقوا إليها من نادٍ أدبي آخر، وإن الأخيار والفضلاء في مجتمعنا المحافظ يستنكرون هذه التصرفات ويطالبون إدارة النادي بالعودة إلى الجادة. داعيًا المسؤولين في النادي لاستشعار أنهم في مجتمع إسلامي محافظ له قيمه ومبادئه الواضحة البينة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم والتي قام على أساسها هذا الكيان العظيم، المملكة العربية السعودية، وألا يكونوا سببًا في خرق سفينة المجتمع بتصرفات غير مسؤولة، وأن ما صنعوه من تجاوزات في ملتقاهم الأدبي الذي عقد في فندق أثيل قبل سنتين لم ينس بعد، وقد انتقد ذلك سمو أمير المنطقة في جلسته الأسبوعية. مختتمًا بقوله: كما يجب على مجلس إدارة النادي وهو يضم حسب علمي نخبة من العقلاء والأكاديميين ألا يتركوا الحبل على الغارب لبعض الشباب والشابات الذين لا يقدرون عواقب الأمور فإننا بحاجة إلى حماس الشباب المنضبط بحكمة الشيوخ وتجاربهم. رفض نسائي كذلك جاءت آراء النساء منتقدة ما جرى في تلك الأمسية، وتفاوتت عبارات الاستنكار بين الحدة ومحاولة ضبط النفس، فالأديبة «باجل» وصفت ما حدث في النادي الأدبي بجازان بالأمر الغريب والمحزن في الوقت نفسه، مشيرة إلى أن المرأة الجيزانية المثقفة قد أعد لها مكان خاص يفصلها عن الرجال كي تشارك من خلاله وترتقي بأدبها لتفيد ذاتها ومجتمعها، وعلى ذات المسار من الرفض سارت «حنان»، و«بشرى»، وأم محمد، والفنانة التشكيلية سويدة، وأم البراء التي تقول: إن الأندية الأدبية هي مؤسسات حكومية ملك للجميع، وليست حكرًا لأحد، ولم تنشأ من أجل تنفيذ فكرة تتعارض مع الرغبات أو تحجب الرؤية المستقبلية أو تكون عائقًا تمنع المرأة من دخولها النادي وبعدها، وأعتقد أن ما تم كان مخططًا له، مناشدة أمير المنطقة بالتدخل لوقف الكثير من التجاوزات التي تحصل باسم الثقافة والأدب.