الشرق -السعودية صديق وزميل من الجنسية المصرية ودود وذو قلب جميل، وجدته قبل أيام حزينا مكتئبا مهموما.. سألته ما بك..؟ فأجاب: "تعرضت لظلم فادح وواضح من رجل مرور أوقع عليَّ مخالفة بقيمة 500 ريال، وهو مبلغ يعادل نحو 20 في المائة من مرتبي". صديقي كانت نبرته حزينة للغاية وهو يشكو إليَّ ألمه من الظلم الذي تعرض له، وطلب مني القصاص من رجل المرور بمقال يشفي غليله، ومع شكواه كدت أن أرتكب "حماقة" ضمه واحتضانه ومسح دموعه في حال انهمرت "أربعا أربعا"، لولا أنه أخبرني أن الغرامة جاءت نتيجة ارتكابه "جنحة" عكس السير. السائق عندما "يعكس" السير فهو يتأهب لعملية "انتحارية"، فكان يجب على رجل المرور أن يوقع على "صاحبي" غرامة مالية أقسى من ال 500 ريال على أن يسميها غرامة محاولة "انتحار"، وأن يسحب رخصة القيادة، ولا بأس من حبسه مدة ثلاثة أيام بلياليها في "سجن" الناصرية كي "يمشي مستقبلا على الطين ما يلخبطه". عدم احترام أنظمة المرور ليست حالة فردية قام بها "صديقي" المغترب، بل هي ظاهرة في السعودية تطول المواطنين والمقيمين، فآخر استفتاء قامت به إدارة مرور الرياض على موقعها الإلكتروني أشار إلى أن 63 في المائة من السائقين لا يحترمون أنظمة وقواعد المرور. يشتكي السعوديون والمقيمون في المملكة من كاميرات "ساهر"، ويرونها تشاركهم قوتَهم وقوت أبنائهم، بل إن البعض طلب "ساخرا" من المسؤولين وضعها في دفتر العائلة كابن شرعي يحق له ما يحق لبقية الأبناء من نفقة، ولو سألتهم: لمَ يرصدكم "ساهر"؟ لقالوا بصوت واحد: نتيجة زيادة السرعة وقطع الإشارات المرورية. المتذمرون هم من يقومون ب "الفعل" وساهر فقط "ردة الفعل"، والمنطق يقول: فليتوقف الفعل من زيادة في السرعة وقطع الإشارات ومخالفة للقواعد والأنظمة المرورية التي ذهب بفعلها آلاف من الضحايا الأبرياء وسيتوقف معه ردة الفعل التي يقوم بها "ساهر". تم تطبيق نظام ساهر في نيسان (أبريل) 2010، وقد تسببت الحوادث المرورية في العام الذي سبقه "2009" في 17 حالة وفاة في اليوم الواحد، وفي 2012 وهو العام الثالث لتطبيق "ساهر" ارتفع عدد الوفيات التي تسببت فيها الحوادث المرورية بأكثر من 24 في المائة، وهو ما يشير إلى أن عقوبات "ساهر" لا تكفي بل نحتاج إلى عقوبات مغلظة تنقذ الممتلكات والأرواح من استهتار البعض ومنهم صديقي "المصري".