تتابعت الفيديوهات على اليوتيوب عن عشرات من النساء في مختلف مدن المملكة يقدن سياراتهن داخل أحيائهن أو شوارعهن المحيطة بمنازلهن لقضاء حاجاتهن الأساسية من تبضع وإيصال لأطفالهن للمدارس وغير ذلك من مقتضيات الحياة. وهن يفعلن ذلك وكما تدلل الأفلام المرفقة بكل ما هو متعارف عليه في بلادنا من حشمة وتستر، فبعضهن التزمن بنقاباتهن كما يفعلن دائما في حياتهن اليومية وأخريات التزمن بحجابهن الإسلامي ولم يبد أن أحدا كان يدعو إلى ما يثير الشغب أو التجمع أو إعلان حالة من التظاهر أو العصيان.. على العكس وكما اتضح من متابعتي لدعوة بعض النساء بالسماح لهن لقيادة السيارة وقد أكدت النساء الداعيات أن الأمر لا يعدو المطالبة بحق يقمن بممارسته أحيانا داخل المدن وتمارسه الكثير من النساء التقليديات والقرويات في القرى والأرياف لضرورات المعيشة، ولذا جاء هذا المطلب الجديد بأمل الحصول بإذن الله على الموافقات الرسمية التي تضمن السلامة للجميع، فقيادة السيارة في النهاية وكما هي للرجل تماما تتطلب مهارة وتدريبا يوثقان من خلال رخصة القيادة عبر مدارس معتمدة توفر التدريب اللازم للراغبات في القيادة. في رأيي أن مطلب قيادة السيارة أصبح ملحا اليوم وأكثر من أي وقت مضى مع ارتفاع عدد السكان في المملكة وخاصة الأجيال الشابة ما بين 15 إلى 30 حيث تشير الإحصاءات إلى أن هذه الفئة العمرية تبلغ أكثر من 35% ويدخل فيها الإناث موزعات على الجامعات والمعاهد أو من يدرسن خارج البلاد وعاد بعضهن وستعود مجموعات كبيرة قريبا فكيف سيتعامل المجتمع مع هذه المرأة التي كانت تعتمد على نفسها ومستقبلها مستقلة عن المجتمع والأهل وتمكنت من تحقيق معدلات دراسية مكنتها من التخرج في تخصصات دقيقة وهاهي تعود لوضع يتميز بكل التعقيدات الاجتماعية غير المنطقية، لقد تمكنت هؤلاء الفتيات من تجاوز المستحيلات من خلال إقناع أهاليهن بابتعاثهن وهو الأمر الذي لم يكن واردا قبل سنوات فهل سيعجزن عن إقناع ذويهن بقيادة السيارة وهن اللاتي كن يقمن بذلك في أمريكا وأوروبا خلال العطلات الصيفية ناقلين آباءهن وأمهاتهن إلى كل بقعة في هذه الأرض فكيف لا يتمكن من أن يصلن إلى أعمالهن داخل أوطانهن؟؟ وحيث إنه لا توجد موانع شرعية ضد قيادة المرأة وكل ما تحتاجه هو ضوابط قانونية وتنظيمية مثلها مثل الرجل لذا فقد أكدت القيادة الرشيدة دائما على أن قيادة المرأة هو قرار اجتماعي وهي بذلك ترمي الكرة في ملعب المجتمع والأهل أمام الرأي العام العالمي الذي دهش من حال مجتمع وحيد على الكرة الأرضية يمنع نساءه من قيادة سياراتهن لأسباب وهمية ليس أكثرها هشاشة ما تعلق منها بالحوض والمبايض !! لنعترف أن موضوع قيادة السيارة أخذ أكبر من حجمه بسبب المماطلات الاجتماعية التي تقودها جماعات ترغب في شغل العامة عما هو أهم فيبدؤون في تقاذف موضوع قيادة المرأة في كل حين يثار فيه بعد أن تجاوزتهم تلك المرأة بفعل القرارات الرشيدة للقيادة، وذلك من خلال إقرار دراستها وعملها في تخصصات لم تكن متاحة قبلا. القيادة حق اختياري وتعني أنني لن أجبرك على القيادة لكنك أيضا لا تملك الحق في منعي من ذلك ! ولهذا فقد بدأت النساء في شتى مناطق المملكة ومنذ بعض الوقت في قيادة سياراتهن في أماكن عامة منفردات أو برفقة أوليائهن كما بادر الكثير من مفكري الرأي الاجتماعي والمصلحون الاجتماعيون رجالا ونساء بالتعبير العلني عن تأييدهم لقيادة المرأة للسيارة. القيادة حق إنساني وهي يجب أن تكون كذلك لأن مبرراتها الاجتماعية والاقتصادية في عصرنا الحالي لا حدود لها فليست كل النساء قادرات على توفير سائق بعد الارتفاع المريع للأسعار، كما أن مشكلات السائقين مع الأطفال لا حدود لها وادخلوا المدارس واستمعوا من القصص ما يهتز له البدن من صور الإساءة اللفظية للصغار وغيرها من قبل سائقين اضطرت المرأة إلى الاستعانة بهم لإيصال أولادها لمدارسهم دون أن تتمكن من مراجعة سجلاتهم الإجرامية وحتى لو فعلت فما هي الخيارات المتاحة لها؟ هل نتحدث عن الأب وأين هو؟ صباح الخير يا عرب فغياب الأب عن عائلته السعودية أمور طال شرحها فهو إما موظف بسيط محمل بأعباء الدوامات المتكررة لسد حاجة العائلة أو هو النموذج التقليدي لأب لا يعنيه سوى أن يعمل لساعات ثم يتفرغ لاستراحته وجلسات شلته و كمبيوتره، وفي كل الأحوال وحتى لو رغب في أن يؤدي كل مهام عائلته فهذا يعني عمليا أن يترك نصف دوامه حتى يلاحق مدارس الأطفال ودوام المدام فلماذا لا نقبل الحل الأسهل بتمكين الراغبات من القيادة مع حفظ حق الممانعة لغير الراغبات وكفى الله المؤمنين شر القتال وكل صباح هو أجمل بمجتمع يقدر مواطنيه رجالا ونساء باصطفافهم جميعا أمة واحدة متماسكة لتحقيق أهدافه البعيدة بدل التسدح في محراب النقاش البيزنطي حول: تسوق المرأة أو لا تسوق؟