لا تزال حالة الجدل حول قيادة المرأة للسيارات دائرة في المجتمع، المؤيدون والمعارضون يضع كل طرف مبرراته وحججه التى يسوقها لتبرير وجهة نظره، حيث يرى المطالبون بقيادة المرأة للمركبات أنه يدخل ضمن حقوقها بل من الأولويات الضرورية التي لا تحتمل التأخير، بينما يرى فريق من المعارضين أن الوقت لم يحن بعد لإصدار هذا القرار، وما بين تلك الآراء تظل الساحة مفتوحة للنقاش وتبادل الآراء حيث تنقل «اليوم» جانبا من هذه الآراء . البداية كانت مع الناشطة الحقوقية السعودية والمحامية سعاد الشمري والتي اعتبرت أن مطالبها وزميلاتها اللاتي طالبن بالقيادة عبر حملة مؤيدي قيادة المرأة للسيارة لم تكن من مبدأ الرفاهية، وبعيداً عمن يعتبرون مطالب قيادة المرأة ليست من ضمن الأولويات لحقوقها، وأضافت الشمري بقولها: «كيف يعتبرون قيادة المرأة ليست من الأولويات وهي تطالب بحق من حقوقها وهو حق التنقل كونها كائنا بشريا من الفطرة، فالمعارضون لم يستوعبوا حتى اللحظة مدى حاجتنا للقيادة، فالنساء السعوديات العاملات والموظفات حياتهن متوقفة على راتب شهري، فإذا هرب السائق أو استغل المرأة وجدت نفسها بلا نظام يحميها كمواطن وبكل مرة يهرب السائق أدفع 10 آلاف ريال تقريباً نتيجة استقدام آخر لحاجتي له، كما أن التحرش من قبل السائق على الأطفال والنساء أصبحت ظاهرة وليست حالات معدودة أو فردية، ولا ننسى أن الخطاب الديني «الذكوري» في السابق كان يمنع خلو المرأة مع السائق، ولكن وبعد صمت تجاه هذا المنع أصبح الأمر عاديا جداً في ظل مطالبنا. أصبح استقدام السائقين الأجانب «سوقا سوداء» في حين أن المرأة تدفع أقساطا للسيارة لاستقدام السائق، وفي ظل كل تلك المبالغ الطائلة أصبح السائق على دراية وعلم بطريقة استغلالنا لمعرفتهم بمدى حاجتنا لهم . وقالت الشمري حول الوضع الحالي للسائقين: «أصبح استقدام السائقين الأجانب «سوقا سوداء» في حين أن المرأة تدفع أقساطا للسيارة لاستقدام السائق، وفي ظل كل تلك المبالغ الطائلة أصبح السائق على دراية وعلم بطريقة استغلالنا لمعرفتهم بمدى حاجتنا لهم، كما أنه تم رصد كثير من الحالات «مساومة» الفتاة من قبل السائق حينما يضعها في مكان مختلف عن طريقها الأصلي وبالتالي تصبح الفتاة عرضة للخطر، فلو طُبّق قرار قيادة المرأة لأصبحنا أكثر أماناً عن بناتنا و أولادنا» . واختتمت الشمري حديثها وقالت : مأخوذ عن المرأة السعودية بصورة الكسل، وأنها شريك غير فعّال في الحياة الأسرية، إلا أنني أعتقد أن قرار قيادة المرأة سيرسم صورة حسنة للمرأة وستصبح أكثر مسؤولية من الوقت الحالي . فيما اعتبر الإعلامي السعودي خلف الحمود أن قيادة المرأة للمركبة في السعودية لم يحن وقتها بعد مشيراً الى حلول تساهم في القضاء على مشكلة التنقل مثل توفير القطار الكهربائي في المدن الكبرى وحافلات للنقل العام معتبراً أنها وسيلة تُساهم في عملية التنقل للمرأة والرجل، وأضاف الحمود «أتمنى أن يغلق باب قيادة المرأة للسيارة باستفتاء شعبي لكافة أطياف المجتمع لنخرج من هذه الدائرة ونناقش قضايا أهم للمجتمع، ولا يعني أن قضية قيادة المرأة للسيارة ليست بتلك الأهمية لكن طال النقاش ولم يصدر أي قرار بذلك حتى الآن. ولا ننسى الثقة التي وضعها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في المرأة السعودية عندما أصدر حزمة من القرارات التي تعزز من دور المرأة السعودية في بناء المجتمع وأكد بتلك القرارات أن المرأة السعودية مؤهلة وقادرة على الإنجاز والإبداع في كافة المجالات» .
مواطنات : نطالب بحمايتنا من استغلال السائقين اعتبرت سامية القاضي أن حل هذه القضية يكون بالحل الوسطي بين المؤيدين والمعارضين، معتبرة أن الحل الجذري يكون في إيجاد الحلول لمشكلة السائقين واستقدامهم من كافة النواحي ( المادية، السكن، عدم اهتمامه بالمركبة، بالإضافة في حال هروبه ) التي تمكن المرأة من الحفاظ على كافة حقوقها وبالمقابل لن نجد أي امرأة تنادي بقيادتها للمركبة، لأن الظروف والمشاكل التي واجهتها هي التي أجبرتها على هذه المطالب، فيؤلمنا حينما يهرب السائق وتجد المرأة «المطلقة على سبيل المثال» تطرق أبواب الجهات الحكومية سعياً للحفاظ على حقوقها كمواطنة والسيطرة على هروب السائق، إلا أن عزوف الجهات في عدم وضع الضوابط الاشتراطية الصارمة عليهم منحت الفرصة الكاملة للسائقين لاستغلالنا ، إذا فالمشاكل أصبحت كالسلسة مترابطة فيما بينها « و أضافت القاضي : « دائماً ننظر للمشكلة من زاوية ( هل أنت مع أو ضد ... ) وبذلك السؤال نكون قد أقررنا بوجود مشكلة ما، ويُصبح النقاش في هذا المحور فقط، ونتناسى معرفة أسباب ومسببات المشكلة ومن ثم إيجاد الحلول لها تباعاً » . وقالت نادية البويّت واصفة القضية بموقف عابر : « لننظر في مساحة الدولة السعودية ولنتصور أن هناك سيدة تقطع الطريق من الدمام إلى أبها في مسافة سيتعاقب عليها الليل بالنهار أضف إلى أنها ربما قد تعرضت لعطل مفاجئ ماذا عساها أن تفعل ؟ ولأن المرأة هنا لم تعتد على الاحتكاك بالغرباء من الرجال فستبدأ مطالبهن للدولة لتضطرها لوضع مرور نسائي وورش إصلاح سيارات ومحطات وقود نسائية علاوة على الاختناقات المرورية بتزايد عدد السيارات، بالاضافة الى أن المجتمع السعودي ليس كغيره من المجتمعات المنفتحة والمرأة التي كرمها الله عن الرجل يحسدها الغرب لذلك، فلو كان الأمر طبيعيا منذ سنوات كثيرة لتقبله هذا الجيل وتعامل معه بشكل طبيعي .
المجتمع هل يتقبل فكرة قيادة النساء للسيارات ؟ آل زلفة: أتعجب من الآراء الرافضة قال عضو مجلس الشورى السابق والناشط الحقوقي الدكتور محمد آل زلفة: «أتعجب من رفض البعض لقيادة المرأة، فالأمر ليس بالإجباري، ومن لا يريد زوجته أو ابنته أن تقود السيارة فله ذلك، فيما أن المجتمع مع أين تقع المصلحة للمجتمع وليس عثرة أمام التقدم والنجاح وهذا ما أثبتته الإحصاءات وأمر لا خلاف فيه، ولطالما أن حكومتنا الرشيدة تقرر أين هي المصلحة فالمجتمع حتماً يؤيده، مشيرا الى أن العديد من الدول الخليجية خدمت المرأة لتوفير المجال المناسب لها في القيادة والحفاظ على خصوصيتها وخصوصية عائلتها وذلك بتوفير كل الأجهزة الحكومية «النسائية»، ومن المفترض توفير تلك الجهات سواء أكان بوجود قيادة المرأة أم لا، إلا أنه لابد من تفعيل المتطلبات التي تساهم في هذا المجال حيث أعتبرها من ضرورات الحياة في الوقت الحالي، خاصة مع تغير المجتمع « . وقال آل زلفة حول إقناع المجتمع بقيادة المرأة: «على الرغم من أن الحديث طال حول هذا الموضوع إلا أن التصور على مدى سنوات أنه سيخدم المرأة بشكل مطلق لاسيما وأنه ضرورة حتمية، في ظل أن طموحات المرأة ازدادت خصوصاً بعد القرارات الملكية السامية بمشاركتها في مجلس الشورى والمجالس البلدية.
العديد من النساء ينتظرن قيادة السيارة قريبا
القرعاوي: منع قيادة المرأة نعمة «تُحمد عليها» وفي سياق ذي صلة كان لمبررات منع المرأة من قيادة المركبة من المنظور التربوي الإسلامي حضور لافت حيث أشار الشيخ عبدالله القرعاوي إلى أهمية الاعتبار في الدول الخليجية المجاورة، يأتي هذا بعدما برز بعضها في المطالبة بمنع نسائهم من القيادة بعد المشاكل التي طالت بلادهم وقال القرعاوي: من المعروف أن الدين الإسلامي هو قضايا وأحكام، فالقضايا هي ما تمس أمور المجتمع والأحكام هي الحد الشرعي الفاصل لها (الحلال والحرام) وبينهما تلازم منطقي لا يُمكن الفصل بينهما، كما أن الشريعة أتت لتحقيق مصالح هذا المجتمع، وأضاف العرقاوي أن هناك أمورا في الدين لها محاذيرها إن طبق عكس ذلك، حيث إن ما يترتب على القضية أو غيرها بالإضافة إلى التأثير على الطرف الآخر وما يسلكه في مسلك الممنوع، وغريزة المجتمع في الالتفات إلى الجنس الآخر أمر مفروغ منه وإلا لما وجد انجذاب ولا جواز، ولا ننسى أن ل "المستحدثات" أي وسائل التواصل الاجتماعي، وأدوات الاتصال الحديثة كأجهزة البلاك بيري هي الخطورة ذاتها" . وفي رد على النساء اللاتي أصّلنّ فكرة تأييد قيادة المرأة بحجة الحاجة قال: "منذ عام 1410ه والخدعة في هذا الموضوع موجودة حيث طُرح نفس النقاش وبنفس الأسباب والمسببات اللاتي يُنادين بها النساء، والآية الكريمة «الرجال قوّامون على النساء» هي ليست تفضيلاً أو إعطاء الحق بإهانتها، إنما الواجب على الرجال القيام على شؤونها فالمرأة في الإسلام هي الجوهرة تكريماً لها، وعلى الرجل أن يُوفر للمرأة كل مستلزماتها بحيث لا تُلزم للعمل وبالتالي تواجهها معوقات، فالوليّ هو من يُنفق عليها وليس هي من تُنفق على نفسها، والمرأة بتركيبتها العاطفية سهلة الانقياد وبالتالي يُمكن أن تستغل من قبل الرجال. وقال: إن منع قيادة المرأة للسيارة هي نعمة تُحمد عليها وتميّز يُسجل لها أمام الدول الأخرى. حل المشاكل المرورية أولا واعتبر الشيخ القرعاوي أن تطبيق قيادة المرأة في دول الخليج المجاورة فتح مجالات ممنوعة المجتمع في غنى عنها، فحينما أطلق العنان لهن في دولهن وبالتالي امتهان المرأة بهذا الشكل افتتحت مجالات عديدة خاطئة، ولا يعني أن دول الخليج طبقت قيادة المرأة أي أنها على صواب، وأشار الى أن من طالب بقيادة المرأة هو من ينظر بمحدودية التفكير، بيد أن الحلول البديلة كثيرة، وأعتبر أن قيادة المرأة للسيارة هي ليست الحل المثالي لقضية التنقل لدى المرأة السعودية حيث إنه سيخرج لدينا آلاف مشكلات أخرى من القيادة نفسها، فإذا نحن لانزال عند عقبة المشكلات المرورية الرجالية كيف لنا نطالب بقيادة المرأة ؟ فما بال المرأة حينما يحصل عطل لمركبتها - ومع إحسان الظن في المارة – ما الحل جرّاء هذا الموقف ؟ واختتم القرعاوي حديثه .