بدأت نساء الشوري السعوديات مسيرتهن التاريخية الأحد الماضي بأول جلسات المجلس التي لم يسمح لوسائل الإعلام بحضورها مراعاة من المجلس لحساسية الموقف الجديد لكثير من الأطراف ولضمان أن أمور المجلس ووجود النساء فيه يسير بحسب ما خطط له. وقد اقتصرت الجلسة فيما أعلن عنه على توزيع أعضاء المجلس وعضواته على لجانه التي وكما هو متوقع لم تحظ أي من السيدات برئاستها، ولكن احتلت ثلاث منهن نائبات للرئيس، وهذا سبق كبير بكل المقاييس وربما تثبت البعض منهن كفاءة ستمكنها في المرة القادمة ان تكون رئيسة (ربما، نقول ربما) حيث لن نفترض أن الأمور آنذاك ستكون خاضعة للمعايير الجنسية كما هي حالها اليوم. ويتكون المجلس حاليا من 13 لجنة وهي اللجنة الإسلامية والقضائية، لجنة الموارد البشرية، ولجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، ولجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة، لجنة الشؤون الأمنية، ولجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي، ولجنة الشؤون الثقافية والإعلامية، ولجنة الشؤون الخارجية، لجنة الشؤون الصحية والبيئة، ولجنة الشؤون المالية، لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة، لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، ولجنة حقوق الإنسان والعرائض. الغريب أن السيدات لم ينلن نصيبا في بعض اللجان المهمة والأساسية، ولا نعرف لماذا، حيث إن ما ورد في الصحف المحلية يؤكد على أن رئاسة المجلس حاولت جاهدة تحقيق رغبات الأعضاء والعضوات في رغباتهم الأولي ثم الثانية والثالثة، لكن يقابل ذلك المداخلة التاريخية النسائية الأولي التي قدمتها الدكتورة خولة كريع والتي تضمنت مطالبتها الصريحة بأن تضم المرأة إلى كافة لجان المجلس ولا تقتصر على لجان بعينها يرى أنها (تناسب) طبيعة المرأة، وكان فكرة (تجنيس) التعليم والعمل الذي لاحق المرأة السعودية طوال تاريخها فحشرها لأكثر من أربعين سنة في خانة التخصصات التعليمية دراسة وعملا سيلاحق أيضا نساء المجلس! الغريب أنه تم استبعاد السيدات من بعض اللجان الهامة مثل لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، وكأنه كان يكفي على أعضائها قدرتهم على تحمل فكرة وجود المرأة في المجلس فكيف بها بينهم في اللجنة! هذا مع العلم ان مدى هذه اللجنة هام جدا وأساسي لكل مواطن ومواطنة، بل من الضروري تلمس رؤية المرأة لكثير من القضايا الواردة لهذه اللجنة على وجه الخصوص كونها ترد من جهات هامة بينها المجلس الأعلى للقضاء و ديوان المظالم والقضاء والمحاكم والتحقيق والادعاء العام وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهيئة كبار العلماء وغيرها، فكيف يمكن تحييد العضوات من لجنة هامة كهذه؟ كذلك، لم ير المجلس أن للمرأة شأناً بالمسألة الاقتصادية فتم استبعادهن كلية من لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة التي تتناول ما يرد إليها من جهات هامة مثل المجلس الاقتصادي الأعلى أو من وزارات هامة مثل التخطيط والتجارة والصناعة أو هيئات مثل الهيئة العامة للاستثمار، وكذلك هيئة السياحة والآثار!! وبالتأكيد فلا علاقة للمرأة بالشأن الأمني كما يرى المجلس فتم استبعاد النساء من عضوية لجنة الشؤون الأمنية رغم (مصيرية) القضايا التي تحال إليه من جهات عديدة مثل وزارة الداخلية وإمارات المناطق والدفاع المدني والجوازات والأحوال المدنية وغيرها من الجهات ذات الهم الأمني! بل إن المرأة لا دخل لها أيضا، وكما يرى المجلس، بأمور مثل خدمات المياه والإسكان والكهرباء والزراعة والمراعي وتطوير مناطق المشاعر المقدسة وغيرها من الأمور التي تدخل في حيز اهتمام الجميع مهما اختلفت تخصصاتهم، فلم تدرج ضمن أعضاء لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة!!!! وكذا الأمر في لجنة الشؤون المالية ولجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وكلاهما لم تتضمن أية امرأة! ونأتي إلى طبيعة مسمى اللجان وما تضطلع به من مهمات فنجد تداخلا كبيرا في بعضها وتنافرا في البعض الآخر لا يمكن فهمه؛ فلجنة مثل لجنة الشؤون الصحية والبيئة: ما علاقة الصحة بالبيئة وكلاهما حقل دسم يحتاج ليس الى لجنة واحدة بل عدة لجان بمسميات متعددة؟ فالصحة موضوع شائك وكبير وحيوي ويلمس كل مواطن، ومن ثم يجب أن يتفرغ لدراسة ما يرد حوله المتخصصون والدارسون والممارسون للشأن الصحي في حين يأتي موضوع البيئة مستقلا تماما كموضوع حيوي وأساسي نقف فيه نحن كأمة خلف كل الأمم بحيث نحتاج الى لجنة ليس فقط في المجلس بل داخل كل اسرة ومدرسة ومسجد حتى نلحق بالركب ونحمي بيئتنا من الإفساد والجور على مواردها الطبيعية والمائية بالشكل المروع الذي نراه اليوم وحماية لمناطقها الطبيعية والجبيلة والساحلية التي اعدمها الإهمال والجهل وتجاهل القطاعات الحكومية. كذلك: كيف يمكن الجمع في لجنة واحدة بين النقل الذي هو الشغل الشاغل للجميع بعد اكتشاف عجزنا التاريخي في التأسيس لشبكة نقل معقولة سواء داخل المدن او بينها برية او بحرية رغم وجود الأماكن المقدسة التي يتنقل بينها حجاج بيت الله الحرام لأداء طقوسهم بين مكة والمدينة، ويحتاجون الى وسائل نقل وبين موضوع هام وهو الاتصالات وتقنية المعلومات وهي قضية أخرى مختلفة كلية عن النقل وتفرض وجودها العميق داخل المجتمع الآن خاصة بعد سطوة وسائل الاتصال الاجتماعية وسيطرتها على كافة قطاعات المجتمع. ولا يمكنني ان أفهم كيف يمكن الجمع بين الشؤون التعليمية وبين البحث العلمي الذي هو قضية مختلفة كلية، ولن تعطى حقها في ظل سيطرة الأكثر اشغالاً وحساسية، وهي الشؤون التعليمية من مدارس ومناهج ومعلمين وخلافه!! أظن ان زيادة أعضاء المجلس قد يتيح التفكير في تقسيم اكثر تخصصا للجانه التي ندعو الله ان ينفع بها وبأعضائها وعضواتها هذا البلد.