ما زالت ثقافة المجتمع تجاه المرأة، تنادي بالحجب والتغطية قدر المستطاع، عن طريق المثال الذي يتم تدريسه وتلقينه للأطفال منذ نعومة أظفارهم ذكورا وإناثا، والذي يشبه المرأة بالحلاوة، فهي إما مكشوفة يأكل منها الذباب كناية عن المرأة السافرة، وإما مغطاة محفوظة من الذباب والحشرات، حتى لو كانت (منتهية الصلاحية)، ولن تجد طالبا أوطالبة لم يمر عليه هذا المثال في مدرسته إما سمعيا أو نظريا، حيث وقبل درس الحجاب يدار بصحن فيه حلاوة مكشوفة وأخرى مغطاة، حيث يتم شحن الطلاب والطالبات قبلها وتوجيههم إلى اختيار الحلاوة المغلفة، حتى يتم الاستشهاد بها، ولعمري إنه من أسوأ الأمثلة التي تدرس لأبنائنا، وتغذى بها عقولهم الصغيرة، فيكبر الأولاد الصغار وهم لا يرون في المرأة إلا حلاوة يسيل لها اللعاب، مكشوفة كانت أو مغطاة، حتى توهموا أن ما انكشف منها كان سهل المنال وما غطي كانت الفضولية دافعهم للوصول إليه، وتكبر الفتاة وهي لا ترى في نفسها إلا تلك الحلاوة المغرية التي تجعلها تتوهم أن كل رجل من حولها إما طامع بحلاوتها أو باحث عنها، ولتذهب إلى الجحيم كل الإنجازات المتتالية التي تحققها المرأة في كل المجالات، علمية كانت، أو ثقافية أو اجتماعية أو أدبية، فحسب ثقافتنا المجتمعية غض الطرف عن كل ما يخص المرأة عقلها وفكرها وثقافتها وعلمها، والنظر إليها فقط كحلاوة مكشوفة يجب أن تغطى، على اعتبار أن البيئة ملوثة مليئة بالذباب، ثم تلام بعد ذلك عقلية المراهق إذا ارتبطت بالمعاكسات وملاحقة الفتيات في الأسواق والأماكن العامة، وسط استغراب من حولنا.. كيف يتعرض النساء في بلادي للمعاكسات وهن في الغالب مغطايات منقبات غير كاشفات؟ نعم، الإجابة تقول، انظروا لما نزرعه في عقول النشء، الفتاة المغطاة لا شيء سوى حلاوة غطيت حتى لا يقع أمثالك أيها الشاب عليها، فهي لا تملك عقلا ولا فكرا ولا خلقا يمنعها عما يشين، فبينك وبينها هذا الغطاء فقط! بالله عليكم، أليس الأمر سهلا بهذه الصورة؟ لنرتق بأبنائنا ونبعدهم عن هذه النماذج والأمثال السيئة التي أكل عليها الدهر وشرب، فهي لا تناسب كل المتغيرات التي طرأت على عقل وفكر ووعي هذا الجيل.