لم تكن المملكة يوماً، ومنذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، تعتقد أن أرضها ستكون عرضة لأي تشكيلات أو خلايا نائمة، انطلاقاً من مكانتها المقدسة في العالم الإسلامي، أو أنها على الأقل ستكون ساحة لتصفية أية حسابات إقليمية أو دولية، لأن السياسة السعودية ببساطة، تقوم على عدم التدخل في شؤون الغير، والتصرف باستقلالية تامة عن الصراعات أو محاور النفوذ والاستقواء. أو كما قال بعض المحللين فإن المملكة أيضاً «تَنْأى بنفسها عن توظيف ما لديها من قدرات وإمكانات وملفات لِضَرْب دول أو تحقيق مصالح خاصة سياسية أو ايدلوجية». ولكن ما تم الكشف عنه، مؤخراً، حول ضبط خلية التجسس، التي تورط فيها سعوديون وإيراني ولبناني، تستلزم إعادة النظر في سياسة حسن النوايا، خاصة تجاه دول إقليمية بعينها، للأسف على رأسها إيران، التي ما تنفك تمارس سياسة العبث والتدخل السافر، وبث روح التحريض والكراهية، ربما كمحاولة للتنفيس عن أزماتها الداخلية، التي لا تخفى على أحد، إضافة للمآزق المتعددة التي تواجهها إقليمياً، وتورطها في الحرب غير الأخلاقية بشكل مباشر، التي يرتكبها نظام الأسد ضد شعبه، وكذلك، ما يعانيه أتباعها وأصابعها في المنطقة العربية. سؤال؟ المثير أن المملكة نادراً ما تفصح عن محاولات اعتداء خسيسة كتلك، وتحاول قدر الإمكان التعامل مع الأمور بهدوء أعصاب منقطع النظير، تمسكاً ب«شعرة معاوية» سياسياً، وحرصاً على عدم الانزلاق في أية مهاترات، انطلاقاً من خلق إسلامي رفيع، بالعفو عند المقدرة قدر الإمكان، وحرصاً أيضاً على العلاقات بين الشعوب، سواء عربية أو إسلامية بالدرجة الأولى، كي لا تدفع هذه الشعوب ثمن أخطاء بعض النافذين فيها أو المسيطرين أو المتهورين. ومع ذلك، يطل السؤال: لما لم تسكت المملكة هذه المرة، وأفصحت عن الخلية التجسسية وفي هذا التوقيت بالذات؟ الملاحظ، أن إيران، ما زالت تعمل جاهدة على اختراق المنظومة السعودية، التي تمثل الدرع الواقي خليجياً وعربياً، ضد محاولات مد النفوذ الإيراني في المنطقة أو في الإقليم. خلية التجسس الأخيرة، والمكونة من 18 شخصا، ليست الأولى، وبالطبع لن تكون الأخيرة، ولم تكن المملكة لتعلن عن الإيقاع بالمتورطين، إلا لو لم تكن هناك، الأدلة المادية الواضحة التي تم جمعها بالإضافة إلى الإفادات التي أدلى بها المتهمون في هذه القضية أفصحت عن ارتباطات مباشرة لعناصر هذه الخلية بأجهزة الاستخبارات الإيرانية. فالسياسة الإيرانية، كما يصفها سياسيون وكتاب، وكما تؤكد الممارسات والأصوات القادمة من هناك تنطلق من ركائز قومية ومذهبية، وتسعى للوصول لأهدافها وتنفيذ مشروعها (الكبير)؛ باستغلال الظروف التي تعيشها المنطقة، ومحاولة العَبَث بتأجيج نيران الملَف الطائفي. القاعدة في اليمن وهنا يكون صحيحاً، ما اعتبره مراقبون من أن توقيت الإعلان السعودي، يشكل ضربة إلى خلايا التجسس التي تتمدد في أحضان الخليج، في البحرين والكويت والإمارات وهنا في المملكة، والتي أجمعت كل دولها على توجيه أصابع الاتهام إلى النظام في طهران. المراقبون أكدوا أيضاً أن الاستراتيجية الاستخباراتية الإيرانية، تتخذ من أتباعها وعملائها في اليمن مقرها الرئيس.. ليكون نقطة اتصال بجميع الخلايا المزروعة في منطقة الخليج، باعتبار أن المملكة بالذات هي الهدف الأول.. أما لماذا؟ فهذا ما يكشف عنه، أستاذ التخطيط الاستراتيجي العميد الدكتور إبراهيم بن صالح، الذي أكد في تصريحات صحفية، أن إعلان الكشف عن الخلايا التجسسية في السعودية أمر ليس بجديد، لكن المملكة اتخذت الإعلان «بعد حالة الفوضى التي تعيشها بعض الدول المجاورة وانتشار خلايا عديدة تدعم توجهات لها طمع سياسي». وأضاف أيضاً، أن سجلات الاستخبارات السعودية تبدو مليئة بخلايا تجسسية زُرعت في المملكة وتكاثرت بعد الحرب الأهلية في لبنان، ووقفت خلفها جنسيات محدودة، إضافة إلى خلايا جاءت داعمة ومتحركة مع الثورة الإسلامية الإيرانية التي تحاول التغيير الفكري عبر عدد من رجال الدين. وأبرز في حديثه أن هذه الخلايا التجسسية تتخذ من اليمن قاعدة لها وتشرف عليها السلطة الإيرانية، موضحا أن المركز الرئيس في اليمن هو نقطة اتصال بجميع الخلايا المزروعة في منطقة الخليج، معتبرا أن جميع الدول الخليجية مهددة بتكاثر هذه الخلايا لظروف عديدة منها «استعادة الإيرانيين لحلمهم بمد نفوذهم حتى السعودية والخليج». محاولات سابقة وليست هذه هي المرة الأولى التي تتورط فيها الاستخبارات الايرانية في أحداث عنف أو تجسس بالمملكة فهناك تاريخ طويل من هذه الممارسات الإيرانية. فمنذ عامين كشفت السلطات الأمريكية في واشنطن مخططا إيرانيا لاغتيال السفير السعودي بالولاياتالمتحدة عادل الجبير في أواخر عام 2011. وفي أوائل العام نفسه هاجمت جماعات مسلحة مقر السفارة السعودية بالعاصمة الإيرانية، وأحرقت بعض أجزاء المقر، ورفعت أعلاما تخص حزب الله اللبناني، وهو ما جعل المملكة تحمل الأمن الإيراني مسئولية تلك الأحداث، بالإضافة لأحداث مكة عام 1987 حيث كانت من أبرز الأحداث التي تورطت بها الاستخبارات الإيرانية في موسم الحج، حيث شهد ذلك الموسم الديني مقتل وإصابة أكثر من 1100 شخص من عدد من الدول الإسلامية وكان جهاز الجمارك السعودي، قد اكتشف وجود كميات كبيرة من المتفجرات داخل حقائب حجاج إيرانيين بهدف إحداث تفجيرات في الأماكن المقدسة أو في أماكن أخرى من المملكة. وسعت خلايا إيرانية مصاحبة لحملات الحج إلى مضايقة الحجاج بإغلاق بعض الممرات وطرق الحج، وتنظيم مسيرات حزبية تردد شعارات إيرانية. ممارسات ايرانية مريبة وعن دور الاستخبارات الايرانية في دول الخليج تم اكتشاف شبكتي تجسس تابعة للحرس الثوري الايراني في الكويت عام 2010 لاستهداف البنية التحتية، بالإضافة لتفكيك خليتين ارهابيتين في البحرين عام 2011 كانتا تتآمران على قلب نظام الحكم وإحداث فوضى البلاد. وفي اليمن أعلن مسئولون في العام الماضي 2012م أن قوات الأمن اليمنية أوقفت ست خلايا تجسس إيرانية مرتبطة بمركز قيادة ويشرف عليها ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني يشرف على عمليات الخلايا في اليمن والقرن الأفريقي. وهو الأمر الذي جعل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يخاطب الإيرانيين في يوليو الماضي قائلا «اتركوا اليمن وشأنه». وبجانب هذا إغراق دول الخليج بالمخدرات الايرانية حيث تم ضبط أكثر من محاولة لتهريب المخدرات من ايران لدول الخليج وكان آخرها ضبط السلطات الاماراتية لكمية ضخمة من المخدرات عام 2011 قادمة من ايران. وحاولت ايران إثارة قلاقل عند الحدود الجنوبية للمملكة عن طريق دعمها لحركة التمرد الحوثي باليمن وهو ما أدي لتسلل عناصر من هذه الحركة وانتهاك حرمة الحدود السعودية. بالإضافة إلى تعليق ايران القضايا الخلافية بينها وبين دول الخليج وتستغلها لإثارة الخلافات معها. وكانت آخر هذه القضايا قضية الجزر الاماراتية والتي قامت القيادات العسكرية الايرانية بزيارتها لإظهار تبعيتها لايران بشكل استفزازي، بجانب قضايا الحدود البحرية مع دول الخليج. تحجيم الدور السعودي وقال الدكتور يسري العزباوي الخبير بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، إن ايران تحاول اختراق النظام السعودي لأن المملكة تمثل عقبة كبيرة أمام ايران في نشر نفوذها بدول الخليج، وكانت اليمن ستقسم لدولتين بسبب ايران لولا مبادرة الخليج التي قادتها السعودية. ولفت العزباوي إلى أن السعودية ومصر تمثلان أكبر دولتين في المنطقة وخاصة السعودية بعد تدهور الاوضاع الاقتصادية في مصر، مشيرا إلى ان ايران تسعى الى تحجيم هذا الدور السعودي من أجل أن تصبح ايران هي الدولة الرائدة في الشرق الاوسط، مشيرا إلى أن السعودية أكثر تماسكا من مصر التي تسعى لتكوين علاقات مع ايران في ظل وجود حكم إخواني. وتابع «ايران تحاول أن تستحوذ على المنطقة العربية». دور اقليمي ويقول جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، إن ايران تسعى الى تأجيج الاوضاع في منطقة الخليج لتحقيق أهدافها الاستراتيجية وأطماعها عبر محاولات فرض نفوذها وتدخلها في الشأن الداخلي لمحيطها الاقليمي خاصة في البحرين واليمن، حيث تعتبر بوضوح عن أطماعها في البحرين. مؤكدا أن ما قامت به ايران في البحرين مؤخرا هو جزء من مخطط ايراني امتد على مدى السنوات الماضية وتصاعد مع حدة التوترات الاقليمية التي تعيشها المنطقة العربية ككل. وتسعى ايران في الوقت الراهن إلى إعادة رسم الخريطة الاقليمية بما يضمن استعادة الدور الايراني ودور القوى المؤيدة لطهران في المنطقة بحيث تكون ايران قوة فاعلة على الصعيد الاقليمي. وأضاف عودة أنه يجب منع ايران من أن يكون لها تأثير نافذ في المنطقة. ويرى أنه يتعين اقامة علاقات استراتيجية قوية كما هو الحال الذي في مجلس التعاون الخليجي، وإقامة علاقات قوية بين الدول العربية ككل ومع علاقات مع الدول الكبرى بما يضمن منع ايران من اللعب بأوراق المنطقة وفقا لمصالحها وأجندتها التوسعية. تزعم المنطقة بينما أوضح عبدالرحيم علي مدير المركز العربي للدراسات أن ايران تهدف إلى شغل مصر والسعودية أصحاب الثقل العربي والدولي والإقليمي الكبير في المنطقة، عن كافة الملفات المهمة في الشرق الأوسط، والانكفاء على الداخل، في محاولة مفضوحة لعزل الدولتين عن المحيط الدولي أو بالحد الأدنى تقزيم دورهما الإقليمي على حساب عملقة الدور الإيراني. وأشار علي إلى أن طهران تهدف للتأثير في سياسات المنطقة وذلك بوضعها دائما تحت ضغوط بهدف منعها من اتخاذ اجراءات أو مواقف مضادة للنفوذ الإيراني. وأشار مدير المركز العربي للدراسات إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن رغبة ايران في إثارة البلبلة داخل السعودية، حث عملت ايران منذ سنوات على توفير المأوى والأمن لكافة عناصر القاعدة الكبرى مقابل عمليات داخل السعودية، وانتهت بالكشف عن العناصر الاثني عشر على الحدود الجنوبية وأهدافهم المدعومة إيرانيا. وتابع قائلا «إيران لا تعرف غير مصالحها السياسية والاستراتيجية وستسعى بكل ما أوتيت من قوة لتحقيقها ولو أدى هذا إلى التخطيط لضرب مصالح مصرية أو سعودية، بدعوى أن الدولتين تشكلان عائقا أمام الطموحات الإيرانية لتزعم المنطقة، ودخول النادي النووي». إثارة القلاقل وعلق طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي على ضبط خلية تجسس ايرانية بالسعودية قائلا إن ايران تحاول إزاحة المملكة التي تنافسها على قيادة العالم الاسلامي مع مصر، حيث تعمل على إثارة القلاقل داخل المملكة بتحريض المواطنين الشيعة أو إشعال الازمات بالقرب من حدودها كما حدث مع اليمن. ووصف مسلم دور المملكة في المنطقة بأنها الدرع الواقي للدول الخليجية من النفوذ الإيراني. الامبراطورية الفارسية وقال الدكتور فتحي المراغي أستاذ الشئون الايرانية بجامعة عين شمس، إن ايران تسعى للسيطرة على دول الخليج وهناك دوافع كثيرة لذلك منها: عامل النفط حيث تمتلك دول الخليج ما يزيد على 40% من النفط وايران تمتلك هي الأخرى ولكن لها أطماع. كما يشكل عامل التنافس الدولي أهمية أخرى لدى طهران حيث لمنطقة الخليج أهمية وتأثير على السوق الدولية مما يجعلها منطقة محورية في السوق الدولية وهو ما يقلق ايران ويدفعها لاتخاذ سياسات مناوئة. وأشار المراغي إلى أن العامل المذهبي في دول الخليج جعل ايران تتصور امكانية استغلال هذا العامل كعنصر ضغط للتأثير على سياسات هذه الدول. وتابع أستاذ الشئون الايرانية «من أهداف ايران في المنطقة استعادة مجد الامبراطورية الفارسية وإقامة دولة مذهبية كبرى تضم معها دول الخليج وجنوب العراق واليمن وسوريا ولبنان». ولفت المراغي إلى أن من أهم أطماع طهران في المنطقة إضعاف التجربة الوحدوية الخليجية لأن مصلحة ايران ألا تتم وحدة الخليج لأن الوحدة ستزيد من قوة هذه الدول اقتصاديا وعسكريا ولهذا رفضت ايران فكرة مجلس التعاون الخليجي وزعمت أنها فكرة موجهة ضدها. وأشار المراغي إلى أن ايران تثير المشاكل مع دول الخليج حتى تخرج قليلا من الصغوط التي تمارس عليها بسبب برنامجها النووي، مشيرا إلى ان أكثر ما يقلق ايران هو اعلان دول الخليج تكاتفها وتعاونها من أجل التصدي لمحاولات ايران في المنطقة ليس بالتنديد فقط بل بالتحرك والمواجهة. الغطاء الديني للنفوذ الإيراني ويرى يسري حماد القيادي بحزب الوطن السلفي ان برامج إيران للتشيع ليست سوى محاولات لمد النفوذ السياسي الإيراني. ومنذ ذلك محاولاتها اختراق مصر، بدعم مالي من عراقيين مقيمين في مصر. ورأى أن ذلك يهدد السلم الاجتماعي في مصر، مشيرا الى انه طالب من قبل بضرورة تحرك شعبي ورسمي لمنع ايران وأتباعها من العبث بالأمن داخل مصر. وأوضح أنه حذر أكثر من مرة من أن ايران دولة ايديولوجية تنفق المليارات لبث الفرقة في المجتمعات الإسلامية في العالم وهو ما يستوجب تدخلا سريعا لتجنب حدوث مواجهات بين السنة والشيعة كما حدث في دولة باكستان. اسأل عن سوريا مع كل ذلك، لا يمكننا أن نغفل ما يحدث في سوريا الآن من مجازر، يرتكبها نظام بشار الأسد، بمساعدة واضحة من نظام ظهران، الذي، أي النظام الإيراني، بدأ يشعر، بخطورة فقدان آخر نقطة اتصال له مع ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقاعدته هناك في لبنان، وتحديداً مع عملائه في حزب الله، ربما هذا يفسر حالة التكاتف الجنوني لإيران مع بشار. وهنا يكون صحيحاً، ما اعتبره محلل سياسي أنه «بعد أن مسّت الثورة السورية الجسم الإيراني لدرجةٍ اتضحت فيها الصعوبات المتشابكة لإيران، فهي محاطة بملفاتٍ شائكة، من الملف النووي الإيراني، إلى العقوبات وأزمتها الداخلية الاقتصادية، وصولاً إلى الثورة السورية التي دعمتها السعودية ووقفت مع الإنسان السوري ودعمته أول ما أغاظ موقف السعودية الإنساني من داعمي النظام السوري في بطشه ضد شعبه إيران؛ ذلك أن النظام السوري هو ممر إيران للمنطقة العربية، فكانت الخطّة التي وضعتْها إيران لإشغال العالم عن النظام السوري، تقوم على تحريض القوى الموالية لها في الخليج للتخريب». ميدان حرب المعلومات الخطيرة، التي نشرتها بعض وسائل الإعلام أيضاً عن الخلية، لا يجب أن تمر مرور الكرام، لأنها تكشف عن حجم التمدد وأهدافه.. وتستوجب الوقوف عندها وتحليلها بعمق. وربما ما ذكره أستاذ العلاقات الدولية خالد القحطاني، من أن إيران تعتبر السعودية تحديداً بمثابة «ميدان حرب التعامل السياسي والاستخباري والأمني معها على هذا الأساس».. يعيدنا إلى حالة «التشعب» التي تنتهجها الاستخبارات الإيرانية. فقد كان أعضاء الخلية يتوزعون سواء في وظائف أو يعملون في أماكن عديدة. كل هذا، يشير إلى مخطط مريب، يستهدف توريط عناصر مهمة في الاقتصاد والصحة والتعليم، لتقديم المعلومات اللوجستية التي تخدم في النهاية الاستخبارات الإيرانية، وتشوش بشكل أو بآخر على الوضع العام. سنظل أقوياء يبقى أخيراً.. أن هذه البلاد ستبقى رغم كيد الكائدين، قوية بإيمانها، وعزائم أبنائها، ستبقى قوة لا يمكن لأحدٍ أن يستهين بها، والأيادي التي تحاول التخريب وتجرب البلبلة في الخليج أو في السعودية ليس لها إلا القطع كما قال الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية. وستظل هذه البلاد، قيادة وشعباً، في ذات الإطار الذي رسمه يوماً الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، طيب الله ثراه، الذي قال: «لقد ملكت هذه البلاد التي تمت سلطتي بالله ثم بالشيمة العربية، وكل فرد من شعبي هو جندي وشرطي، أنا أسير وإياهم كفرد واحد، لا أفضل نفسي عليهم ولا أتبع في حكمهم غير ما هو صالح لهم». الخليج.. وانتشار الخلايا التجسسية أعاد إعلان المملكة عن كشف خلية تجسسية تعمل لصالح إيران، الأضواء مرة أخرى، إلى حقيقة الدور الإيراني المشبوه في المنطقة، كما كشف أيضاً حجم التزييف والخداع الذي يدعيه مسؤولو طهران، عن الوفاق الإسلامي والأخوة والجوار الجغرافي. الخلية السعودية المكتشفة ليست الأولى، بل اعتادت دول عديدة في المحيط الخليجي الكشف عنها، وازدادت في مرحلة الثورات العربية تلك الإعلانات، والملاحظ في اكتشاف هذه الخلايا هو عدد أعضائها الذي لا يتجاوز ال(15) شخصا. وهنا بعض الأضواء على تدخلات طهران الخطيرة في المنطقة. السعودية 2013 المتحدث الأمني في وزارة الداخلية اللواء منصور التركي أكد أن ضبط هذه الشبكة جاء «بناءً على ما توافر لرئاسة الاستخبارات العامة من معلومات عن تورط عدد من السعوديين والمقيمين في المملكة في أعمال تجسسية لمصلحة إحدى الدول» وتابع أن المتهمين كانوا يقومون ب«جمع معلومات عن مواقع ومنشآت حيوية.. والتواصل بشأنها مع جهات استخبارية في تلك الدولة». وأضاف أنه «تم في عمليات أمنية منسقة ومتزامنة، القبض على 16 سعودياً، بالإضافة إلى شخص إيراني، وآخر لبناني، في أربع مناطق من المملكة»، وهي مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، والرياض، والمنطقة الشرقية. معلنا أنه سيتم إكمال الإجراءات النظامية بحق المتهمين، للتحقيق معهم، وإحالتهم على الجهات العدلية. البحرين 2013 في مملكة البحرين يكون التواجد الأكبر والمستمر للخلايا التجسسية والمتهم الرئيس في ذلك هي إيران. بدءا من العام 2002 وتستمر في التكاثر، وكان آخرها إعلان البحرين في فبراير الماضي عن كشفها خلية تسعى لتأسيس ما يسمى ب «جيش الإمام» تضم أكثر من 12 عنصرا بحرينيا وأجنبيا، ألقي القبض على 8 منهم. وكانت الخلية تسعى إلى استهداف مواقع حساسة عسكرية ومدنية، إضافة إلى شخصيات عامة داخل البحرين. رئيس الأمن العام البحريني قال إن التنظيم «يهدف إلى تشكيل خلية إرهابية كنواة لتأسيس ما يسمى بجيش الإمام لممارسة نشاط إرهابي في مملكة البحرين من خلال تنظيم عسكري مسلح، وتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية في العديد من المناطق الحيوية والعسكرية في البحرين». وأضاف القائد العام أن تجنيد العناصر يتم عن طريق شخصين بحرنيي الجنسية متواجدين في مدينة قم الإيرانية، وأن من يدير هذه العملية هو شخص إيراني يدعى أبو ناصر من الحرس الثوري الإيراني، مبينا أن «التدريب كان يتم في مواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني في إيران وفي مواقع تابعة لحزب الله العراقي في كربلاء وبغداد». الإمارات 2011 الإمارات هي كذلك أصدرت في منتصف يناير من العام 2012 حكما بالسجن سبع سنوات على المتهم سالم موسى فيروز خميس، إماراتي الجنسية بتهمة التخابر مع دولة أجنبية. وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) أن الحكم جاء بعد اعتراف المتهم بما نسب إليه وعلمه بأن الجرم الذي ارتكبه بتزويد دولة أجنبية بمعلومات يضر بالأمن الوطني ومنشآت الدولة وعلاقاتها مع الدول الصديقة. الاتهام الذي وجه للمواطن الإماراتي جاء بعد العلاقات المستمرة مع ضباط استخبارات في قنصلية لإحدى الدول الأجنبية يعملون تحت اسم وظائف قنصلية مختلفة، وتم العثور بحوزته على بعض المستندات التي تحتوي على معلومات عن القوات المسلحة الإماراتية وأماكن وجودها وتمركزها. الكويت 2010 الكويت أعلنت في العام 2010 القبض على خلية تجسسية يبلغ عددها سبعة أشخاص وغالبيتهم من الجنسية الإيرانية بالتجسس لحسابها، رغم النفي الإيراني حينها وإغلاق الملف التجسسي الإيراني من قبل وزير الداخلية الكويتي الذي أعلن ذلك قبيل أيام. وكانت محكمة الجنايات نظرت في أبريل 2012 حكمت بالسجن المؤبد على أربعة من المتهمين بينما برأت ثلاثة منهم، بعد ثبوت التهم على الأربعة حيث أمدوا ايران بمعلومات عسكرية لوحدات تابعة لوزارة الدفاع، كما أمدوها بمواقع القواعد والمعسكرات التابعة للجيش الكويتي والقوات الأمريكية الحليفة، وبصور وأفلام فيديو ورسوم توضيحية عن المواقع ومعداتها وآلياتها، وكذلك المواقع النفطية والحيوية في الكويت. اليمن 2012 العام الماضي كشف مسؤولون يمنيون عن أن قوات الأمن اليمنية أوقفت ست خلايا تجسس إيرانية مرتبطة بمركز قيادة ويشرف عليها ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني يشرف على عمليات الخلايا في اليمن والقرن الأفريقي. وهو الأمر الذي جعل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يخاطب الإيرانيين في يوليو الماضي قائلا «اتركوا اليمن وشأنه». الرئيس اليمني وخلال محاضرة ألقاها في الولاياتالمتحدة أكد أن إيران تدعم تيارا متشددا مسلحا مطالبا بالانفصال في الحراك الجنوبي. كما قال إنه «تم الكشف عن خمس شبكات تجسسية تعمل لصالح إيران وتمت إحالتها سابقا إلى القضاء». ومؤخرا تم الكشف عن شبكة سادسة. وإيران اتهمت أيضا من قبل صنعاء في السابق بدعم التمرد الحوثي الشيعي في شمال البلاد. وذكر موقع «مأرب برس» الإخباري أن الأجهزة المستوردة إلى اليمن يمكن أن تستخدم في صنع الصواريخ والتسليحات الأخرى، وذلك لسد حاجات المتمردين الحوثيين في شمال اليمن. وفي عام 2010 استدعت البحرين والكويت سفيريهما من طهران بسبب كشف شبكات تجسس إيرانية.