عانى قطاع المقاولات خلال الفترة الماضية من تعثر عائدات التشغيل وتعطل استثماراته بسبب شح التمويل خاصة لدى الجهات الحكومية، غير أن وزير المالية أنعش هذا القطاع مؤخرا بتأكيده أن الحكومة ستعمل على سداد ما بين 30 إلى 40 بالمائة من مستحقات شركات المقاولات المتأخرة قبل نهاية العام الحالي، فيما يتم سداد النسبة المتبقية خلال العام القادم. ذلك ولا شك يسهم في ضخ الدماء مجددا في شرايين القطاع بعد أن دخل مرحلة الغيبوبة الاستثمارية لأن توقف التمويل للمشاريع أضر كثيرا باستثمارات المقاولين وحدث ضرر كبير طوال هذا العام مع خفض الإنفاق الحكومي واتباع سياسة الترشيد التي أملتها أسعار النفط المتراجعة، وذلك انعكس على قطاع المقاولات بتعثرات متعددة لأنها تعتمد الى حد كبير على العقود الحكومية في وقت لا توجد فيه فرص استثمارية بحجم مشروعات الدولة التي يمكنها أن تغطي عمليات المقاولات وتسهم في توسعاتها الاستثمارية، فهذا القطاع يرتبط بقوة بمشروعات الحكومة وبالتالي فإن عملية التمويل تتم عبر هذا المسار وعليه يتوقف صعود أو هبوط مؤشر المقاولات. ولتطوير أنشطة المقاولات دعا مجلس الوزراء أيضا الى مراعاة تطبيقات الأمن والسلامة في المشروعات والعمل على تصنيف المقاولين، وذلك له دور كبير في تعزيز جودة الإنشاءات ومراعاتها لمعايير الجودة الإنشائية وفق للمواصفات الدولية وفي ذات الوقت تأهيل المقاولين وتحفيزهم لتجويد منتجاتهم وخدماتهم، وهو أمر مطلوب ومهم من أجل رفع مستوى أنشطة المقاولات ووضعها في إطار تنافسي أكثر جدوى استثمارية، غير أن من المهم للغاية إيفاء وزارة المالية بمستحقات المقاولين لأن الارتباط العضوي للمقاولات بتمويلات الحكومة كبير وحيوي، ولا يمكن أن يتوقف لأن ذلك يقود مباشرة الى التعثر وتباطؤ نمو أحد أهم القطاعات الاقتصادية التي تعمل في مجال خدمي وإنشائي يرتبط بالحاضر والمستقبل. من الأهمية بمكان العمل على تطوير أنشطة المقاولات ووضعها في المسار الصحيح للقيام بالواجبات التنموية وفقا لما هو مطلوب، وينبغي على الأجهزة المعنية دعم المقاولين لتطوير أدواتهم وأنشطتهم وضمان استمرار التمويل وفقا للجداول الزمنية في العقود حتى لا يرتبك النشاط، ويدخل في متاهة التعثر التي تعرقل أعمال الشركات وتدفعها لاتخاذ قرارات تصل حد التوقف لأن تجفيف مصادر التمويل يعني خروجها من السوق والخدمة وتوقفها بما قد لا يسمح بعودتها مجددا، وهناك بالفعل كثير من الشركات التي توقفت بسبب ضائقة مالية من الضروري النظر في نتائجها وحماية القطاع من التعثر والتراجع حتى يؤدي دوره الاقتصادي على النحو المطلوب.