بدا سوق وادي النسناس في مدينة حيفا شبه خال السبت من المتسوقين اليهود الذين يعج بهم عادة بالزوار ردًا على مقاطعة المتاجر العربية بسبب موقف عرب إسرائيل من العدوان على غزة. ووادي النسناس هو السوق العربي الوحيد الذي تبقى في حيفا القديمة، ويرتاده اليهود للتسوق والتنزه في المطاعم والمقاهي العربية وشراء حاجياتهم خصوصًا أن عطلتهم الدينية تقع السبت. وتأثر العرب في مطاعمهم في الحي الألماني، وفي شارع اللنبي القريب من الوادي بهذه المقاطعة. وقال وليم رحيل (51 عامًا) صاحب محل «ماما بيتا» الذي يقدم فطائر الجبنة ومناقيش بالزعتر والفليفلة: «تأثرت بالمقاطعة اليهودية بنسبة مائة بالمائة. لقد حرضوا عليّ على الفيسبوك وتهجموا عليّ وقالوا: ماما بيتا مع حماس». وتابع لوكالة فرانس برس إن أحد تعليقاتهم يقول: «سيأتي جيش الدفاع لتفجير المحل، ويرد آخر يجب أن نفجر المحل. تلقيت مكالمات شتائم وتقدمت بشكوى للشرطة». وأوضح «وضعت صاحبة المحل سلمًا في الخارج عليه كوفيات، وكتبت أنها تجمع تبرعات أدوية لأطفال غزة. وعندما مر أحد متطرفي اليمين صور إعلان التبرع، وقال: إن محلي يجمع تبرعات لحماس وبدأت حملة المقاطعة ضدي». وقال: إن هذا الإعلان لا يتضارب مع موقفي كعربي وهو قانوني لقد جاءت الشرطة ولم تفعل شيئًا». وتابع «مع أنني أوضحت أنني لم أضع هذا الإعلان إلا أن الحملة انتشرت مثل النار في الهشيم ضدي. كنت أزود مستشفيات الكرمل وروتشيلد ورمبام ومؤسسات أخرى بالفطائر والآن توقفوا عن طلبها. تحسن الوضع قليلًا عندما آزرني العرب في عيد الفطر، لكن المقاطعة كبيرة وبلغت أكثر من 70%». ويعتمد العرب في مدن حيفا وعكا والناصرة والبلدات العربية القريبة من المدن الإسرائيلية بنسبة كبيرة على تسوق اليهود يوم السبت. والعرب الإسرائيليون مواطنون يحملون الجنسية الإسرائيلية، وتبلغ نسبة الفقر بينهم 50%/ ويصل عددهم إلى 1،4 مليون شخص يشكلون 20 % من سكان إسرائيل/ وهم يتحدرون من نحو 160 ألف فلسطيني بقوا في أراضيهم بعيد أعلان إسرائيل في 1948. ويقول فوزي هنادي صاحب مطعم ومسمكة في وادي النسناس وهو يدخن سيجارته ويتابع هنادي: «أعتقد أن اليهود غاضبون لكن لن يلبثوا أن يعودوا إلى أسواقنا؛ لأنهم لن يجدوا أطيب من أكلنا. ولن تلبث المقاطعة التي يطالب بها ليبرمان أن تذهب أدراج الرياح بعد الحرب، وهذا ما نأمله». وكان وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان طالب بمقاطعة العرب في إسرائيل والامتناع عن شراء بضائعهم عقابًا لهم؛ لأنهم أضربوا يومًا واحدًا تضامنًا مع غزة.وتساءل فوزي هنادي: «إذا قاطعنا اليهود فأين العرب في حيفا؟ لماذا لا يأتون إلى الوادي؟ إنهم يشترون بضائعهم من المحلات التجارية الضخمة وخضرواتهم ولحومهم من سوق تل بيوت في حيفا». وفي السوق تفترش أم محمد بسطتها على الأرض لتبيع الصبر والميرمية وورق الغار والريحان، وتقول: «أنا أحضر كل يوم سبت لأبيع للعرب واليهود، لكن اليهود يشترون أكثر خصوصًا الأعشاب البرية ولم يعد يحضر منهم سوى أفراد بعدد أصابع اليد». وقال عضو الكنيست الدكتور في الاقتصاد باسل غطاس: «إن مناطق المثلث مثل الطيبة وأم الفحم وباقة الغربية وغيرها تأثرت بالمقاطعة اليهودية بنسبة 90 %». وتساءل «لا نعرف إذا كنا أمام مقاطعة واعية تريد معاقبتنا لوقوفنا العاطفي والسياسي لدعم الناس في غزة أم هو خوف؟ وهل سيعود اليهود إلى التسوق من عند العرب أم لا؟ أنا لست متأكدًا».