لم أخطئ أبداً عندما اتخذت موقفاً قويا وواضحاًً ضد احتكار إحدى القنوات الخاصة لمباريات منتخباتنا الوطنية، ولم أندم ذات يوم على ما كتبته حول السماح ببيع حقوق النقل التلفزيوني لمباريات الدوري لقنوات تلفزيونية (خاصة) كان لها مواقف سلبية طيلة عشرات السنين، ولو عادت الأيام وتكرر المشهد لما غيرت رأيي. بل أظن أن الكثير ممن عارضوني آنذاك سينضمون إلى الفريق الذي أيد وجهة نظري ودافع عنها. كنت حينها أشعر بحسرة وألم لأن بيع الحقوق كان لأسباب مالية رغم أن كل العالم ينظر إلينا على أننا من الدول الغنية. الألم والحسرة يأتيان عندما تشعر بأنك في موقف ضعيف يتحكم الآخرون فيك بفلوسهم. خذوا أولاً منح حقوق النقل لمباريات منتخباتنا لإحدى القنوات الخاصة وتذكروا كم دفعت كرتنا السعودية من ثمن معنوي لا يقدر بالثمن المادي الذي كانت تدفعه تلك الشركة. لقد أحدثت تلك الخطوة فجوة كبيرة بين المواطنين السعوديين الذين يمثلون أحد أهم العوامل التي ساهمت في تحقيق الانجازات السعودية في كافة المحافل وبين نجوم وطنهم الذين فقدوا ارتباطهم بمجتمعهم. فجوة لم يتمكن أحد من سدها بعد أن كانت الجماهير أقرب ما تكون للنجوم بفضل وصول النقل لكل منزل في كل قرية ومدينة سعودية. ترى ما الذي قدمته تلك الشركة وكم دفعت وكم تشكل تلك المبالغ مما يمكن لنا توفيره لو أحسنا التخطيط لوضع أفكار كان يمكن أن تجلب مئات الملايين من خلال الرعايات و الإعلانات التلفزيونية وغيرها دون الحاجة لحرمان الجماهير السعودية فقيرها قبل غنيها وصغيرها قبل كبيرها ونساؤها قبل رجالها لمتابعة نجومنا أينما حلوا أو رحلوا.!؟. لقد سلمنا رقابنا لمن يهمهم الإثارة والاحتكار وحلب جيوب الناس وفتح الباب على مصراعيه للنفخ في نار الفتنة والردح بعد كل خطأ ولو كان بسيطا دون اعتبار لمصلحة المنتخب الذي يمثل الوطن الواحد. ثم جاءت الطامة الكبرى عندما سمحنا ببيع حقوق النقل لمباريات الدوري لقنوات لم تفوت فرصة واحدة منذ أكثر من عشرين سنة للنيل من كرتنا وأحيانا من رموزنا. وإذا كان الجيل الحديث لا يتذكر مواقف تلك القنوات في بطولات الخليج والعرب وآسيا تجاه منتخباتنا ونجومنا ورموزنا وحتى إعلامنا، فإننا نتذكر تماماً كيف كانت تطبخ المؤامرات لخلق الفوضى في بعثاتنا ومنتخباتنا ومحاولة استمالة بعض الإعلاميين ممن ينجرفون مع ألوان أنديتهم وتغريهم كاميرات تلك القنوات فيساهمون من حيث لا يعلمون في إحداث فتنة وإثارة البلبلة فيما بين فريقنا الإعلامي وإدارة منتخباتنا ونجومنا. كيف لنا ألا نتذكر تلك المواقف البغيضة وتلك القنوات فنمنحهم حق النقل وما يتبع ذلك من برامج مرتبة بكل احترافية لإحداث الفرقة بين أنديتنا وحتى وحدتنا الوطنية. ولقد أضرت تلك البرامج بكرتنا السعودية وشككت في ذمم حكامنا وركزت على قضايا جماهيرية حساسة كانت نتيجتها صيحات جماهيرية خطيرة جداً لم تكن لتحدث لولا النهج السيئ لتلك القنوات سواء كانت عن قصد أو غير قصد. حسناً فعلت وزارة الثقافة والإعلام عندما قررت احتكار النقل التلفزيوني للمباريات ومنعت أي قناة أخرى من النقل من باب "أن جحا اولى بلحم ثوره" ولأن في هذا القرار ما يفوت الفرصة على أولئك المتربصين بكرتنا. ثم لأننا لسنا بحاجة لملايينهم فالتلفزيون السعودي قادر وكما قلت على تأمين شركات راعية لكل صغيرة وكبيرة في الدوري المحلي. وبكل احترام وتقدير للأمير تركي بن سلطان الذي تبنى هذا القرار ودافع عنه وأصر على نجاحه نقف ونصفق له وهو الذي لم يكن ليقتنع به لولا التجاوزات غير المسئولة التي ظهرت على القنوات غير السعودية والتي تسببت في إحداث هزة عنيفة لكرتنا ناهيك عن إيمانه التام بحق التلفزيون السعودي بكامل هذه الكعكة. ولكنني ومع ذلك أسأل الأمير تركي عن أسباب تعاقد التلفزيون السعودي مع معلقين من خارج المملكة وهو ما يحدث لأول مرة في التاريخ!؟ وهذه القضية تحتاج إلى تركيز أكثر فليسمح لي سموه أن يكون جزء مقال الأسبوع القادم عن هذه القضية الحساسة. ولكم تحياتي ... [email protected]