يجتذب مهرجان سان فيرمين الأسباني للجري أمام الثيران محبي الإثارة والمغامرة من كل الأعمار والبلدان. ويقول بومر (56 عاما)، وهو أمريكي من كاليفورنيا، بعد جولة ركض أمام الثيران في الصباح الباكر: لم يسبق ان وقعت لي اصابة خطيرة. فقدت كليتي في إحدى المرات. اما مواطنه الأمريكي ار. جي. سميث فشارك في الركض أمام الثيران للمرة الحادية والثلاثين هذا العام، رغم ندبة كبيرة في مؤخرته وتركيب مفصل صناعي له، مما كشف عن إدمانه مغامرة الركض مع الثيران. يأتي البعض إلى المهرجان للمرح فقط دون ان يشاهدوا ثورا، في حين يأتي البعض الآخر لرؤية الأصدقاء، بينما يتبع آخرون خطى الروائي الأمريكي الراحل ارنست همنجواي. إلا ان مهرجان الركض أمام الثيران أصبح وجهة كثيرين من المغامرين ومحبي الإثارة من كل الأعمار، ومن شتى بقاع الأرض. ويقول سميث (67 عاما)، وهو طيار سابق في سلاح الجو: ان الركض مع الثيران له جاذبية خاصة.. مضيفاً: انه يجذبك. مجرد ان تفعله مرة فانك ترغب في القيام به مرات ومرات. ربما يصدق هذا القول على ابنه الروحي، الذي جاء إلى بامبلونا للمرة الثانية هذا العام، رغم انه أقسم على عدم تكرار التجربة. وقال دانيال فولتز، قبل ان يركض هذا العام: خرجت وقلت لن افعل ذلك ثانية. لقد أخافتني التجربة كثيرا. خاض فولتز التجربة عبر الشوارع الزلقة المرصوفة بالحجارة دون أي اصابة. هذا اليوم الذي تميز بقلة الإصابات على غير العادة نقل 5 أشخاص فقط إلى المستشفى. ويقول بومر: غبت عن مهرجان واحد طوال 33 عاما.. ويستطرد: الادرينالين والخيال في تصاعد، ومن الصعب جدا الا تشارك في الركض. ويقول المتحمسون للرياضة إنها تجربة فريدة عندما يوجه ثور زنته 600 كيلوجرام قرنيه نحوك، ولا يوجد من ينقذك من هذا الموقف. ويقول مارك كيندر (31 عاما)، وهو بريطاني يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات: أمارس رياضات مثيرة كثيرة، مثل القفز بالمظلة والغوص، إلا ان الركض أمام الثيران كان الأفضل حتى الآن.. لست أدري ما سيأتي بعد.. أنا مدمن رفع الادرينالين قليلا. والركض أمام الثيران تقليد يعود إلى قرون عديدة، إلا انه اصبح مشهورا عالميا عندما تحدث عن هذا المكان همنجواي في روايته الشهيرة (ستشرق الشمس أيضا). ويقول منظمون ان نحو 5ر1 مليون شخص يأتون للمهرجان الذي يقام بين السادس و14 من يوليو كل عام. يتجمع الآلاف بعد الفجر مباشرة في طريق يربط بين حظائر الثيران إلى الحلبة، حيث يواجه أحد المصارعين الثيران في المساء. يشرب البعض النبيذ الأسباني خلال فترة انتظار خروج الثيران، وتستبعد الشرطة المكثرين، الذين فقدوا توازنهم، خوفا من تعرضهم للخطر. وتقف فرق الصليب الأحمر على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي اصابة، في حين يقف السكان والزوار الأجانب حول الحواجز للمشاركة في الركض لثوان معدودة. وفي الثامنة صباحا ينطلق صاروخ، وبعد ذلك ينطلق 6 ثيران مع مجموعة من الموجهين نحو الراكضين، الذين يبدأ البعض منهم في الهرولة، في حين ينسحب البعض الآخر، ويقفز الحاجز إلى بر الأمان، بينما يتريث آخرون في انتظار اقتراب الثيران. ويتعرض البعض للدهس تحت أقدام الثيران، وتخترق قرون الثيران أجساد بعض الراكضين. وفي العام الماضي قتل أحد السكان، ليرتفع عدد ضحايا المهرجان منذ 1910م إلى 15 قتيلا. ويقول مشاركون في المهرجان انهم يأتون إلى بامبلونا، حيث لا يوجد أي قانون يمنعهم من المخاطرة بحياتهم في تجربة فريدة لا تحدث كثيرا. ويقول مايك راسل، وهو عامل بناء من استراليا: ان قوانين بلاده لا تسمح له بهذه التجربة، وانه جاء من اجل ان يتدفق الادرينالين في عروقه. وحاولت سلطات بامبلونا منع السكان المحليين من الركض مع الثيران طوال قرون، إلا أنها تخلت عن ذلك عام 1867م، وجعلته جزءا رسميا من المهرجان. وعن التجربة يقول بوبي موران (23 عاما) وهو محاسب من ملبورن باستراليا: انه شيء يجعلك تشعر بالحياة.. احب ان اشعر بالادرينالين.. أريد تجربة تقترب من الموت. ويقول هوجو سانشيز، وهو رجل إطفاء من كراكاس عاصمة فنزويلا: أدرينالين نقي.. مثل أي شيء آخر جميل في الحياة.