قرر مجلس الوزراء الإسباني في اجتماعه الأسبوعي يوم الجمعة الماضي، تحديد تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية في 14 من شهر مارس المقبل، وهي التاسعة من نوعها بعد رحيل الجنرال فرانكو .وانتقال إسبانيا إلى الديمقراطية. وبهذا تكون الديمقراطية البرلمانية في "بلاد لاكوريدا" مصارعة الثيران قد أكملت عامها الرابع دون ان تضطر لإجراء أي انتخابات سابقة لأوانها وفق ما تنص عليه فصول الدستور الإسباني. وأهم ما يميز الانتخابات الإسبانية القادمة انسحاب رئيس الوزراء الحالي خوسي ماريا اثنار من حلبة السباق السياسي اذا اوفى بتعهده الذي قطعه على نفسه بانتهاء فترته الثانية. والتي كللها بإنجاز مهم تمثل في تطبيع العلاقات السياسية مع المغرب الجار الجنوبي. مما سيحتم على خليفته القادم سواء اليميني ماريانو راخوي عن الحزب الشعبي أو اليساري خوسي لويس رودريغيز سباتيرو عن الحزب الاشتراكي العمالي المعارض إكمال المسيرة التصالحية مع المغرب التي وضع البلدان حجر أساسها في قمة مراكش الشهر الماضي خلال زيارة العمل التي قام بها اثنار، واجتمع فيها الى كل من العاهل المغربي الملك محمد السادس، ورئيس وزرائه إدريس جطو. انسحاب اثنار من اللعبة السياسية في بلاده أرجعته مصادر إعلامية في إسبانيا إلى رغبته من جهة في ايجاد تقليد سياسي جديد يتمثل في بقاء أي سياسي مدة ولايتين فقط على رأس الحكومة الإسبانية لتطوير العمل الديموقراطي في البلاد عبر تجديد الوجوه والبرامج السياسية علما بان سلفه الاشتراكي فيليبي غونزاليس كان قد بقي في رئاسة الحكومة أربع دورات على امتداد 14 سنة متتالية "ما بين 1982 و1996 ". ويرجع اخرون خروجه من السياسة المحلية الى رغبته في تولي منصب سام على المستوى الدولي، حيث سبق للعديد من المقالات الصحفية في مدريد أن تحدثت عن ترشحه لتولي منصب الأمين العام للأمم المتحدة أو الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" على غرار العديد من الأسماء السياسية الإسبانية التي امتهنت العمل الدولي مثل خافير سولانا وزير الخارجية الإسباني الأسبق. بالإضافة إلى الأحزاب القومية في المقاطعات المشكلة للاتحاد الإسباني، فإن الحزب الشعبي الحاكم والحزب الاشتراكي العمالي سيكونان أبرز المتنافسين في السباق نحو رئاسة الحكومة التي تشير عمليات سبر الآراء إلى احتمال أن تكون من نصيب المعارضة الاشتراكية بسبب السخط الجماهيري من سياسة اثنار خاصة فيما يتصل بمساندته ومشاركته في التحالف الذي قادته الولاياتالمتحدة في الحرب على العراق. وهكذا سيقود ماريانو راخوي في انتخابات مارس القادمة الحزب الشعبي اليميني الحاكم والذي يتولى حاليا منصب النائب الأول لرئيس الحكومة ويتمتع بسمعة حسنة داخل أوساط الرأي العام الإسباني نظرا لمواقفه المعتدلة، في حين سيكون منافسه لويس ثباثيرو الأمين العام للحزب الاشتراكي العمالي. ورغم أن الانتخابات التشريعية في إسبانيا هي شأن داخلي، إلا أنها تحظى بأهمية واضحة داخل الأوساط السياسية المغربية وحتى الشعبية حيث أن وصول لويس ثباثيرو أو رامون راخوي إلى سدة الحكم يعني تغييرا في السياسة الخارجية خاصة تلك المرتبطة بالمغرب . فوصول الاشتراكي لويس ثباثيرو الملقب بصديق المغاربة إلى الحكم سيعني إعادة الروح إلى السياسة التي وضع أسسها رئيس وزراء إسبانيا السابق الاشتراكي. فيلبي غونزاليس تجاه المغرب والتي كانت قائمة على الحوار والمفاوضات السرية إبان الأزمات وتجنب كل ما يمكن أن يتسبب في توتر العلاقات بين المملكتين المتشاطئتين لمضيق جبل طارق. بالمقابل فإن فوز راخوي سيعني تخلى الحزب الشعبي عن سياسة اثنار المتعالية، ، فماريانو راخوي له نظرته الخاصة تجاه عدد من القضايا. ففيما يخص ملف المغرب فإنه يعتبر من أشد المدافعين عن التناول الإنساني البعيد عن الحلول البوليسية المحضة وهو الذي كان قد وقع في يوليو من العام 2001 مع عباس الفاسي وزير العمل المغربي آنذاك اتفاقية استيراد اليد العاملة الموسمية، وهي الاتفاقية التي لم تدخل حيز التنفيذ بسبب الأزمات المتلاحقة التي عرفها خط العلاقات بين الرباطومدريد.