وفقا للبيانات الخاصة بالتجارة العربية البينية خلال السنوات العشر الماضية، تتراوح نسبة التجارة العربية البينية ما بين 7 الى 10% من اجمالي التجارة الخارجية العربية. وترتبط جهود تنمية التجارة العربية البينية بالجهود المبذولة حالية باقامة منطقة التجارة العربية الحرة بحلول عام 2007. اننا نتمنى بحق ان يسير تنفيذ اقامة منطقة تجارية عربية حرة نحو التحقق لكي نتجاوز سلسلة من الاحباطات النفسية والتاريخية التي ظلت تلازم جميع اشكال العمل العربي المشترك. لقد كان من شأن سلسلة الاخفاقات التي شهدها العمل العربي المشترك طوال العقود الخمسة الماضية أن تتولد قناعات بأهمية العمل على تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية بين الدول العربية وتفعيل آليات تنفيذها ايضا وذلك من اجل التوصل الى الهدف المنشود وهو تعزيز التبادل التجاري بين الدول العربية. لهذا يلاحظ أن المجلس الاقتصادي العربي لدى وضعه آليات اقامة المنطقة الحرة راعى اوضاع واحتياجات الدول العربية واتفاقها مع احكام منظمة التجارة العالمية عن طريق تفعيل اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية ومن خلال برنامج تنفيذي يشتمل على خطة عمل وجدول زمني محدد لانشاء هذه المنطقة. إن العديد من الاوساط السياسية والاقتصادية العربية متفائلة بأن هذه الخطوة الجديدة تحمل عوامل النجاح لعدة اسباب من اهمها ظهور نظام دولي جديد للتجارة بعد انشاء منظمة التجارة العالمية يسعى الى تحرير التجارة الدولية من القيود والاعتماد على السوق الامر الذي فرض وضعا جديدا وتحديا امام معظم دول العالم خاصة للدول النامية يتطلب معه العمل على الاستفادة من الاستثناء الذي توفره منظمة التجارة الدولية من شرط الدول الاولى بالرعاية للتكتلات الاقتصادية عموما والمناطق التجارية الحرة بوجه خاص. وعليه فان الدول العربية واذا ما رغبت في تبادل بعض الافضليات التجارية فيما بينها لابد، لها من اقامة منطقة التجارة الحرة العربية وخلال الفترة الزمنية التي حددت لها وهي 10 سنوات. ومن العوامل المحفزة على نجاح التجربة الجديدة هو التقارب الذي حدث في نماذج نمو واصلاح الاقتصاديات العربية اذ اصبح معظمها تتبع نظام الاقتصاد الحر الى جانب التزام عدد من الدول العربية ببرامج اصلاحات نقدية. وقد نجح العديد منها في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي وسعت الى اعطاء دور اكبر للقطاع الخاص في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية واتباع سياسات اقتصادية تدعم وتحفز هذا القطاع للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحسين مناخ الاستثمار وتحرير اسعار صرف العملات واتباع سياسات لتصحيح الاسعار. كما ادى انشاء عدد من المؤسسات المالية العربية في السنوات الاخيرة الى دعم تنمية المبادلات التجارية فيما بين الدول العربية وعلى رأسها برنامج تمويل التجارة العربية التابع لصندوق النقد العربي وبرنامج ضمان وائتمان الصادرات التابع للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار. وادى التحسن في قطاع المعلومات التجارية واتاحتها للمصدرين العرب الى تسهيل مهمة التعرف على الاسواق العربية واحتياجاتها حيث أنشأ برنامج تمويل التجارة قاعدة المعلومات التجارية اضافة الى المعلومات التي توفرها نقاط التجارة الدولية الموجودة في عدد من الدول العربية. إن من شأن جميع هذه العوامل وغيرها وخاصة ماتواجهه الدول العربية مجتمعة ومنفردة من تحديات تطال حاضرها ومستقبل اجيالها لابد أن يدفعها للارتقاء الى مستوى التحديات واتخاذ خطوات الحد الادنى التي تضمن تماسكها وتجسد تعاونها وتكاملها.