الشيخ مبارك بن عبد الرحمن سلطان البوعلي أحد الرجال المعروفين في الأحساء بشهامته ورجولته ومساعدته للغير كافح للحياة واستطاع من خلالها أن يثبت وجوده كرجل من أعيان بلدة الجفر، كيف لا وقد جعل منزلة مفتوحا ليلا ونهارا التقينا معه في حوار من ذاكرة الزمن حتى أنه كان صريحا في كثير من الأمور. وفاة الوالد والطفولة @ في البداية حدثنا عن المنشأ والولادة؟ أنا مبارك عبدالرحمن سلطان البوعلي، من سكان بلدة الجفر بالأحساء، لدي من الأولاد 5، هم عبدالله، محمد، عبدالرحمن، سلطان وعلي، أما البنات فهن 5 أيضا. @ وماذا عن طفولتك؟ في ذلك الوقت كان والدي (رحمه الله) حريصا عليّ، من خلال متابعتي وحثي على الصلاة، بالإضافة إلى عملي بجواره في الفلاحة، ولم يكن لدينا وقت للعب كأطفال اليوم. ولم أتمتع بطفولتي كثيرا، حيث توفى والدي رحمة الله وعمري 11 سنة. فلاح في السابعة @ وهل التحقت بالمدرسة في ذلك الوقت؟ بالرغم من وجود مدرسة الهفوف الابتدائية، ألا أن الظروف لم تساعدني على الالتحاق بالمدرسة، رغم رغبتي في ذلك، فوالدي فلاح ويحتاجني بجواره، حيث كنت أساعده، وقد عملت معه وعمري 7 سنوات، وأتذكر أن مدرسة أخرى أنشئت بعدها في مدينة الجفر. فرحة الموت @ على ذكر والدك (رحمه الله) كيف كانت معاملته لك؟ صدقني كان (رحمه الله) يعلمني الرجولة، والاعتماد على النفس، وكان يحبني كثيرا، أتذكر عند وفاته (رحمه الله) أنه ذهب في منتصف الليل إلى أختي، وقال لها أريد أن أودعك، فسلم على زوجها، وخرج، وقد حدث ذلك بعد أن صلى العشاء (رحمه الله)، وذهب إلى أختي، ومنها ذهب إلى منزله، حيث وجدوه فيما بعد وقد توفى، وقد علمت بوفاته وأصبت بحزن كبير رغم صغر سني، ولقد سعدت بان كانت خاتمة والدي طيبة ولله الحمد. العمل في الخرج @ ماذا فعلت بعد وفاة والدك؟ حاولت أن اعمل، وبالفعل عملت في الخرج سنة وأربعة شهور، وكنت أعمل في الزراعة، وهي مزارع خاصة للحكومة، وكانت في الحقيقة البوابة التي أتاحت لي الانخراط في العمل ورحلة الكفاح. @ ومن كان معك من الزملاء؟ أتذكر أن رئيسنا سعد الغيتم، وكان معي محمد المفرفش، صالح بوهية ومحمد المشناف، وكان عملا شاقا بحق، بعدها عدت إلى الأحساء. أرامكو السعودية والعمل @ ولماذا عدت إلى الأحساء؟ كانت المدة كافية للعمل والبحث عن الأفضل، وقد عملت في مجال آخر، وهو التجارة البسيطة، ومنها انتقلت إلى أرامكو السعودية، وقد عملت بها 16 سنة. @ وكيف تم تسجيلك في أرامكو السعودية؟ سمعت أن هناك وظائف في الشركة، وكان التسجيل في الظهران وقتها. رحلة الجمال إلى الظهران @ ومن رافقك في الرحلة؟ انطلقت من الجفر عن طريق الجمال، لمدة 3 أيام، مع خالد الدبل، إلى الدمام، وكانت تكلفة السفر 7 ريالات للراكب، ومنها إلى الظهران، وبعد أن جلسنا لدى جماعة نعرفهم، وهم حسن الخضير وعبد الله الأحمد، تم تسجيلي في أرامكو. @ وما كانت طبيعة عملك؟ عملت في قسم النقليات، حيث كنت أقوم بسياقة السيارات الكبيرة، المحملة بالعديد من المواد، في مناطق الرتوت وشمال بوحدرية وخريص. @ ومن هم زملاؤك في ذاك الوقت؟ أتذكر منهم قويم المري وعبد الله بعيران. يوم وليلة في البر @ ما اصعب موقف تعرضت له خلال عملك في أرامكو؟ الحمد الله كل الأمور كانت ميسرة، والصعوبات لابد منها، ولكن أتذكر ذلك الموقف، عندما انطلقت من بقيق إلى عين دار، دخلت في كثبان رملية، وجلست بالقرب من السيارة يوما وليلة، انتظر من يساعدني، وقد اعتمدت على نفسي في ذلك الوقت، حيث قمت بالحفر من أجل الماء، والحمد لله كان الماء متوفراً، بعدها وصلتني النجدة. الراتب 6 ريالات @ كم كان راتبك في ذلك الوقت؟ لم يكن الراتب يتجاوز 6 ريالات، غير أنه كان نعمة بالنسبة ليّ، ولكن فضلت الخروج من الشركة، والعودة إلى الأحساء مرة أخرى، وعملت في التجارة، في أنواع مختلفة من التجارة، مثل السمن والتمر. @ من أين كنت تجلب السمن؟ كنت اذهب مع البدو، واجلب السمن من القصيم وعرعر، وغيرها من مناطق المملكة، حتى استقريت في الأحساء، وعملت في مزرعتي. صك عمره 240 سنة @ سمعت انك تمتلك سيارة قديمة موديل 1970م؟ بالفعل أمتلك سيارة من نوع شفروليه قديمة، ولكنني بعتها مؤخرا، وقد بقيت عندي 27 سنة، وقد حاولت الحفاظ عليها، ولكن الزمن ينهي كل شيء. وعندي بالمناسبة ورقة (صك) للنخل الذي ورثته من والدي، وعمرها 240 سنة، ولازلت محتفظا بها حتى الآن. @ على ذكر الصك من كان يكتب في ذلك الوقت؟ أتذكر أنه يوجد في الأحساء شخص واحد، واسمه احمد سيف المنجدي السبيعي، وكان يكتب لأهالي الأحساء، ويعمل في الحكومة ودفاترها. مجلس البوعلي @ حدثنا عن مجلس البوعلي؟ لا أخفيك أن مجلسنا من المجالس القديمة، وهو مفتوح للجميع، والحمد لله لا نرد أحداً، لأننا في نعمة وخير، بفضل الله تعالى، ونعمل من خلاله على إصلاح ذات البين، ولدي ولله الحمد حكمة في الأمور كثيرة، بالرغم من أنني لم ادرس، لكن اعي تماما مخافة الله، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يتولاني برحمته. @ كلمة أخيرة في آخر المطاف. أتمنى من الله تعالى أن يهدي الشباب، وأن يصلحهم، وان يعينهم على طاعته، فالحال تغير كثيرا هذه الأيام، وانصحهم بالاعتماد على أنفسهم في الحياة. البوعلي مع أولاده وأحفاده الضيف يتحدث للمحرر