ترددت مرارا قبل أن أتخذ قرارا بزيارة زميلتي (ليلى) في المستشفى الذي ترقد فيه ولم يدر بخلدي أنني سأرى ما رأيت, فعلى العكس تماما وبعد أن أعددت بعض كلمات المواساة لأخفف بها عنها وجدتها تستقبلني بابتسامة مشرقة ترسمها على شفتيها اللتين وضعت عليهما بعضا من أحمر الشفاه ورغم أن ليلى قد أضحت هيكلا عظميا مكسوا بالجلد إلا أنها مازالت كما عهدتها دائما .. مؤمنة بقضاء الله وقدره ,, مرحة , متفائلة.. لفني الصمت من هول ما رأيت وبحثت عما أقول فتاهت مني الكلمات حاولت أن ألملمها فأبت.. لكنها نظرت الي مليا واستغربت صمتي الذي طال فبادرت بالحديث وقالت: لا تندهشي يا عزيزتي فأنا أعلم أنك قد خلتني محطمة نفسيا مغطاة الرأس, شاحبة الوجه.. لكنني (وبفضل الله) لست كذلك إنني أتألم كثيرا وأشفق على نفسي بيد أنني راضية بما كتبه الله لي مؤمنة بأنه لا راد لقضائه وبأن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى ولا أحد يدري متى يموت. هنأتها على قوتها وثباتها وسألتها عن سر قوتها وصلابتها فقالت: لقد قررت بيني وبين نفسي أن أترك الغد حتى يأتي بنفسه, وأعيش الحاضر وأتكيف معه, لقد قاومت مرضي وزرعت شجرة الأمل بداخلي من بذرة الإيمان الحقيقي بالله ورويتها بماء التوكل عليه فأينعت ما ترينه اليوم وسأقطف ثمارها - بإذن الله - قريبا فحالتي الصحية في تحسن انعكاسا لحالتي النفسية الجيدة ثم أن المرض بحد ذاته يا عزيزتي ابتلاء من رب العالمين.. نظرت لمحدثتي بعين الإعجاب على قوتها وتفاؤلها حضنتها بقوة وأغرورقت عيناي بالدموع, دموع فرحتي بها وافتخاري الشديد بزمالتها كم أنت رائعة يا ليلى! ترى لو كنت مكانك فهل كثف سأقوى على مواجهة هذا الابتلاء؟!