لا تتصور ربات البيوت الآن ان بناتهن او حتى حفيداتهن سيطهين الطعام بطاقة مجلوبة من ثنايا الجليد الرابض على مسافة مئات الامتار تحت قاع المحيط الهاديء.. لم يعد هذا مجرد حلم او رؤية مستقبلية وانما واقع. فقد اكتشف العلماء "علماء طبقات الارض او الجيولوجيون" مؤخرا وجود غاز قابل للاشتعال في خلايا الجليد الذي "يبلط" قاع المحيط الهاديء في منطقة القطب الشمالي. يقول الدكتور روس تشابمان استاذ علم الجيولوجيا بجامعة فكتوريا بكندا ان اكتشاف الكميات الهائلة من غاز الهايدرات الكامنة في الطين في قاع المحيط الهاديء ستشغل الباحثين سنوات عديدة. فقد استطاع باحثو جامعة فكتوريا استخدام جهاز يستطيع اداء وظيفته تحت سطح الماء ويتحكم فيه عن بعد وبفضل تطوير هذا الجهاز امكن اخذ عينات من المواد الرابضة في اعماق المحيط وظهر بعد التحاليل التي اجريت عليها انها تحتوي على غاز يعرف بغاز المستنقعات او غاز المناجم ويعتبر هذا الغاز مادة اساسية في الغاز الطبيعي، وهو مدفون في ذرات الجليد الصلبة ويستتبع هذا الاكتشاف تحديات هندسية كبرى فبينما يثير هذا الاكتشاف اهتمام العلماء تظل عملية استخراج الغاز من قاع المحيط لاستثماره تجاريا احتمالا بعيد المدى لان تقنية استخراج غاز الهايدرات (HYDRATE GAS) لا وجود لها بعد كما يقول ايان دويج ناشر مجلة دويج التي تصدر في ولاية كالجاري بكندا وشرح دويج في مقالته انه سيأتي يوم يصبح لغاز الهايدرات اولوية الاستخدام في القطاع الخاص اما الان فيجب اعتبار الجليد المشحون بغازات قابلة للاشتعال عملية تكتنفها تعقيدات قد يستغرق التغلب عليها ثلاثين عاما. ويرى دويج انه بالرغم من أن ابحاث غاز الهايدرات باهظة التكاليف فان تحويل هذا الغاز الى طاقة يستفاد منها تجاريا قد يتحقق لابناء ابنائه. ومن العقبات التي فطن اليها العلماء فور هذا الاكتشاف العظيم اعتبارات مشاكل البيئة اذ يعتقد بعض علماء الجيولوجيا ان انطلاق غاز المستنقعات من قاع المحيط ساعد على تسخين الارض في الماضي. وكان قد نشر بحث في مجلة علمية في اواخر عام 1999 اجراه باحثون من جامعة روتجرز في نيويورك جاء فيه ان حدوث ارتفاع طفيف في الحرارة سيذيب الغاز بدرجة تكفي لزيادة سخونة الارض وعلى هذا يمكن عودة انتشار الحيوانات الثديية التي كانت تعيش في تلك المنطقة قبل 55 مليون سنة. ويقدر علماء الجيولوجيا ان حقل الغاز المتجمد الواقع على مسافة ثمانين كيلو مترا من ساحل جزيرة فانكوفر "بكندا" يحتوي على طاقة يمكن ان تسد احتياجات كندا من الغاز على مدى عدة اجيال اي مايساوي كميات الغاز التي تم اكتشافها فعلا على شواطئ كندا وهي كميات قدر العلماء انها ستسد استهلاكات تسع سنين قادمة هذا الى جانب ماتم اكتشافه من الغاز في منطقة تقع جنوب غرب جزيرة فانكوفر ويقدر العلماء انه يكفي لاستهلاك كندا لمدة اربعين عاما. وقد استولت دراسة غاز الهايدرات على اهتمام الباحثين في العالم حيث ان اكتشاف هذا الغاز في جزيرة فانكوفر سيتيح لكندا الاشتراك في برنامج دولي لدراسة مستقبل استثمار غاز الهايدرات الذي اكتشف الان في القطب الشمالي. ومما يجدر ذكره ان صيادي الاسماك في تلك الجهة عثروا في شباكهم على كتل من الجليد المشبع بغاز الهايدرات عندما كانوا يصطادون الاسماك تحت سطح الماء على عمق مئات الامتار فذعر الصيادون عندما رأوا الجليد يذوب فور تعرضه للهواء.