فاجأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرئيس السوداني عمر حسن احمد البشير بطلب زيارة غامضة أثناء زيارته الأخيرة للسودان، حيث اختار أن تكون وجهته خارج العاصمة السودانية الخرطوم لولاية البحر الأحمر وتحديداً لسواكن الميناء الثاني للسودان بعد ميناء بورتسودان المعروف. السعي التركي الحثيث لإيجاد موطئ قدم في السودان كان الشغل الشاغل للإدارة التركية بقيادة اردوغان حيث شهدت الفترة الماضية دخول الكثير من الشركات التركية للسودان للاستثمار في مجالات الإنشاءات والصناعات الغذائية بالإضافة إلى مجالات أخرى، ومما دفع بتلكم المصالح هو تقارب وجهات النظر والعلاقات التي وصفت بأنها قوية بين البلدين، خصوصا بعد أن قام السودان بإغلاق جميع المدارس التابعة للمعارض التركي المعروف فتح الله غولن وأعلن تأييده للحكومة التركية بقيادة رجب اردوغان وسعيه الدؤوب لتذليل جميع الصعوبات التي تواجه تقدم العلاقة. وبالتالي فإن توجه الرئيس التركي لسواكن على ساحل البحر الأحمر كان (بحد وصفه) محاولة لإعادة أمجاد الدولة العثمانية حيث تعمل تركيا على ترميم آثارها في المدينة العريقة. وأنهى أردوغان وحرمه "أمينة" أمس الاثنين زيارة خاطفة للمدينة الساحلية بشرق السودان والتي تبعد عن العاصمة الخرطوم 642 كيلومتراً، حيث استقبله هناك الرئيس السوداني عمر البشير وحرمه "وداد". وافتتح الرئيسان مبنى المحافظة الذي شيدته منظمة "تيكا" التركية بالاتفاق مع حكومة السودان عبر وزارة السياحية والآثار. وشكلت لجنة بتوجيه من البشير برئاسة قاضي محكمة عليا بولاية البحر الأحمر أبو الفتح محمد عثمان لمناقشة أمر جزيرة سواكن مع الوراث وأصحاب المنازل وقطع الأرض ليتم شراؤها منهم بواسطة الحكومة الاتحادية. وسواكن التي فوق جزيرة مسطحة الأرض بيضاوية الشكل طولها حوالي 750 متر وعرضها أقل من 500 متر داخل شرم ضيق يفتح على البحر ومتصل بالبر بطريق ممهد، وتضم منطقة أثرية تاريخية، تحولت منازلها إلى أطلال. كانت سواكن سابقاً ميناء السودان الرئيسي قبل أن ينقل الاستعمار البريطاني في العام 1910 الميناء إلى بورتسودان ليتم هجر سواكن، التي تم إحيائها مجددا بإنشاء ميناء لتصدير النفط. وأعتبر كثير من المراقبين زيارة الرئيس التركي لجزيرة سواكن تاريخية حيث هناك فرصة كبيرة لانتعاش القطاع السياحي والاستثماري وفتح فرص عمل لسكان المنطقة. وقال عمدة سواكن والاورتيقا محمود الأمين إن مدينة سواكن كانت تمثل عاصمة الديار الإسلامية على ساحل البحر الأحمر وشرق أفريقيا. وأكد أن الأسطول التركي كان يرابط على طول ساحل البحر الأحمر لحمايتها من أي اعتداءات خارجية ولإرشاد السفن والبواخر، وكان أمير الأرتيقا هو المسؤول المدني عن حركة البضائع الصادر والوارد والجمارك. وأشار العمدة إلى انه كان هناك تنسيق وتعاون تام بين أمير الأرتيقا والباب العالي في الإمبراطورية التركية عبر المكاتبات. وأوضح أن المنطقة في ذلك التاريخ شهدت استقرارا تنمويا وتجاريا واقتصاديا بجانب انتشار الآداب والثقافة والفنون بفضل الأمن والاستقرار الذي شهدته. ووقع وزير السياحة والآثار والحياة البرية بالسودان محمد أبوزيد مصطفى مع نظيره وزير السياحة والثقافة التركي الزائر عدد من الاتفاقيات في مجال تنمية السياحة والآثار من ضمنها ترميم الآثار العثمانية بسواكن.