بعد أن شرعت دولة الإمارات العربية في تطبيق الأسعار الجديدة للبنزين بمختلف أنواعه، تتأهب العديد من الدول الخليجية والعربية لرفع أسعار الوقود والمحروقات. وتعد هذه الزيادة هي الثالثة في الإمارات خلال فترة وجيزة، مما جعلها الأعلى سعرًا في منطقة الشرق الأوسط عامة والخليج خاصة، بعد أن ارتفع سعر بنزين 95 إلى 2.01 درهم إماراتي، مقابل 1.94 درهم لبنزين 91، 2.10 درهم للديزل. وقفزت الزيادة التي جاءت بعد أشهر قلائل من زيادة سابقة في أبريل الماضى بسعر لتر البنزين في الإمارات إلى 1.61 درهم، لتجعله الأعلى خليجيا، عند مقارنته بسعر اللتر في السعودية الذي لم يتجاوز سعره حاجز (55 هللة). وتأتى هذه الزيادة استجابة لضغوط عالمية وإقليمية ومحلية ترتبط بارتفاع تكلفة إنتاج النفط، وانخفاض أسعار الوقود عالميًا، وبتنفيذ خطط وبرامج الإصلاح الاقتصادي في دول تعتمد وبشكل أساسي في خططها التنموية على الإيرادات النفطية. ويصف خبراء اقتصاديون تحريك أسعار الوقود خليجيا ب" الدواء المٌر"، ويعتبرونه خطوة على الطريق الصحيح، ولكنهم يشددون على أهمية وضع برامج حمائية للفقراء ومحدودي الدخل تقيهم توابع الزيادة. ووفقًا للبيانات المعلنة من دول مجلس التعاون الخليجي الست، تأتي الإمارات في المرتبة الأولى كأعلى أسعار للبنزين بنوعيه العادي والممتاز، تليها عُمان، قطر والبحرين والكويت ثمً السعودية. وبعد أن قضت محكمة التمييز بالكويت (أعلى درجة نقض في البلاد) برفض الطعن على زيادة أسعار البنزين المحلية، باتت الزيادة في الكويت حتمية. تتوقع تقارير اقتصادية أن تنضم سلطنة عمانوالكويتوقطر ثم السعودية قريبا لقائمة الدول الخليجية والعربية التي ستجبر على رفع أسعار الوقود لعلاج بعض التشوهات الناجمة عن زيادة الفجوة بين المصروفات والإيرادات، ولتهيئة المواطن لقبول خطة إلغاء دعم الوقود تدريجيا، واستبداله بتعويض مادي، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين، وهو ما استعدت له السعودية جيدا باطلاقها برنامج حساب المواطن. وبينما ترتب الحكومة السعودية للزيادة المزمع تطبيقها خلال الشهور المقبلة، تؤكد مصادر "الوئام" أن هذه الزيادة لن تتم قبل صرف البدلات النقدية المقررة للمواطنين وفقا لبرنامج حساب المواطن. ويقلل الخبراء من التأثير السلبى للزيادة المرتقبة في أسعار الوقود بالمملكة، مشيرين إلى أن أسعار الوقود بالسعودية ما زالت هى الأرخص والأقل عالميا، مؤكدين أنها ضرورة اقتصادية لمواجهة التحديات المستقبلية، ولتنويع مصادر الدخل. فضلاً عن تعزيزها لفرص تحسين أداء وكفاءة الاقتصاد السعودي، وتقليل عجز الموازنة الناتج عن التوسع الكبير في المشاريع الوطنية القومية والتنموية. زيادة مرتقبة ويرى مختصون في شئون النفط أن أسعار البنزين في السعودية منخفضة بشكل غير منطقي، الأمر الذي يجعلها عرضة للتهريب إلى دول الجيران. لافتين إلى أن الزيادة المرتقبة، لن تقل عن (30% ) وإن كانت هناك تكهنات قوية بوصولها إلى (80%) ليصل سعر بنزين 90 حوالي 97.5 هللة، وبنزين 91 العادي إلى 1.35 ريال، في حين يرتفع سعر بنزين 95 إلى 117 هللة. موضحين أن الزيادة بشكل عام ستسهم في تقليل الاستهلاك للوقود، وتحد من عمليات الإفراط والاستخدام السيئ، وبالتالي توفير ملايين من الريالات تهدر في وقود تدعمه الدولة. المملكة ستظل الأقل عالميًا في الأسعار وبالرغم من الارتفاع المتوقع مستقبلاً في أسعار الطاقة بمعظم دول العالم، يؤكد مراقبون أن المملكة ستظل هي الأقل عالميًا في أسعار المحروقات، وأن شعبها على درجة كبيرة من الوعي لتقبل الزيادة التي ستقلص فاتورة الدعم وتخفف العبء عن ميزانية الدولة. يذكرهنا أن آخر رفع لأسعار الوقود في السعودية كان قبل عامين تقريبا (ديسمبر 2015) وبينما يبلغ متوسط سعر البنزين 95 في دول العالم (0.97 دولار)، تقل أسعار البنزين في المملكة عن هذا المتوسط 75 %. كما تقل أسعار بيع بنزين 91 في السعودية بنسبة 55 % عن سعره عالميا، حيث يبلغ سعر اللتر محليا 75 هللة (0.20 دولار)، بينما السعر العالمي 0.44 دولار (1.65 ريال). وتعتمد المملكة وبشكل كبير على النفط والموارد الطبيعية غير المتجددة كمصدر رئيس للدخل، وتشتري شركة الكهرباء السعودية مئات الألوف من النفط الخام يومياً بأسعار مدعومة لإنتاج الكهرباء؛ ولذلك لا يتوقع الخبراء أن تستمر هذه الوتيرة على المدى الطويل، مشيرين إلى أن المملكة ستضطر حتما لرفع الدعم بهدف الحد من الاستخدام الجائر والسيئ للنفط. تفاؤل الخبراء ويتفاءل الخبراء بهذه الخطوة الإصلاحية مستندين إلى توجيه حصيلتها لمشاريع مهمة وضرورية تستهدف خدمة المواطن السعودي ورفاهيته، مشيدين بمنهج التطبيق التدريجى الذي تتبعه اللملكة لتحريك الأسعاروحرصها على عدم تحريك أسعار الطاقة الأخرى في الوقت الحالي لتخفيف العبء عن المواطن. ويرى رجال مرور أن الزيادة المرتقبة ستحد أيضا من الاختناقات المرورية وخاصة المدن الكبرى والعواصم الخليجية، حيث سيفكر المواطن ألف مرة قبل شراء سيارة جديدة أو كما قالوا "سيحسبها بدقة، حتى لا تتأثر ميزانية بيته بالاستهلاك الزائد للوقود. ظاهرة خطيرة وأشار مراقبون إلى ظاهرة خطيرة غزت بعض المناطق خلال السنوات الماضية وهي الإقبال الشديد من قبل المواطنين وخاصة محدودى الدخل والعاطلين عن العمل على شراء (وانيت) أو (ديانا) مستخدمة بنحو 3000 ريال أو اكثر قليلا، وتخصيصها لاستخدامه الشخصي؛ عوضا عن السيارة الخاصة المرتفعة السعر، أو لاستخدامها تجاريا في الأعمال الحرة في نقل المعدات والطرود، وأحيانا كتاكسي لنقل المواطنين والمقيمين بين المدن.