الدمام – أحمد العبكي الدعم الحكومي يكبد خزانة الدولة ثلاثين مليار ريال سنويا أبانمي: استيراد الوقود موسمي ومرتبط بعمل المصافي الغامدي: «ساهر» يوفر 40% من حجم الاستهلاك يثير استيراد السعودية، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، للبنزين تحديداَ عدداً من التساؤلات، حول حقيقة استيراد البنزين وارتباطه بالعجز في المصافي، ومدى اقتصادية الاستيراد بدلا من تكرير النفط الخام في المصافي المحلية السبعة.ويكبِّد دعم الوقود بشكل عام الخزانة العامة للدولة سنويا ثلاثين مليار ريال، وحذر خبراء أن المبلغ ربما يرتفع إلى مستويات أعلى مع تزايد معدلات الاستيراد، وأمام هذه التحذيرات فإنه من المتوقع أن تستورد أرامكو السعودية خلال شهر أبريل الجاري لوحده ما بين ست إلى تسع شحنات من البنزين، وهي كميات كبيرة جدا لاستهلاكها في السوق المحلي. وتبلغ الطاقة التكريرية للمصافي داخل السعودية 2.26 برميل يوميا من المشتقات النفطية وذلك حسب تصريحات أطلقها مسؤولون في شركة أرامكو، وتبلغ نسبة البنزين 22 في المائة من حجم إنتاج المصافي،ويتمّ توزيع الوقود بين مدن المملكة بواسطة الشاحنات وبواسطة شبكة الأنابيب وبواسطة أربعة موانئ داخلية ويتمُّ بيع البنزين بأسعار موحدة في جميع مدن المملكة دون احتساب لتكاليف النقل والتوزيع. وتتفاوت الأسعار بين دول الخليج فحين يتراوح سعر اللتر في المملكة بين 45 و60 هللة يبلغ سعره في مملكة البحرين 1.01 ريال، وسعره في الكويت 0.85 هللة، وعمان 1.16 ريال، والإمارات 1.80 ريال، وفي قطر 0.83 هللة. وأشارت تقارير حديثة إلى أن الفرد السعودي يأتي في المرتبة الرابعة عالمياً بعد الولاياتالمتحدة والصين وروسيا حيث يستهلك 2.8 مليون برميل يومياً، للإستهلاك المحلي يشمل وقود السيارات وتشغيل محطات الكهرباء وتحلية المياه بنسبة زيادة سنوية تقدر بنحو سبعة بالمائة، وأوضح خبراء أن تخفيض أسعار الوقود في العام 2006 ساهم في زيادة الاستهلاك واستمرار الزيادة السنوية، ويصل الاستهلاك في ذروته في المواسم لدرجة تضطر شركة أرامكو إلى استيراد كميات من البنزين تصل في أعلى مستوياتها إلى سبعين ألف برميل من الخارج، وتنادي بعض الأطروحات إلى رفع أسعار البنزين إلى مستويات تضبط الارتفاع المضطرد في الاستهلاك وتحد من زحمة الطرق وتلوث البيئة وهدر الثروات الاقتصادية ولكن الكثير من الخبراء اشترطوا قبل رفع الأسعار توفير شبكة مواصلات عامة داخل وخارج المدن تحتوي قطارات ومترو وحافلات ذات مستوى خدمة متطور ثم رفع الأسعار بشكل يوازن بين الدخل والاستهلاك ويشجع المواطن على استخدام المواصلات العامة.وأكَّدت الآراء أن رفع الأسعار دون توفير وسائل مواصلات عامة تتناسب مع المستوى المعيشي للمواطنين بحيث يمكن لجميع أطياف المجتمع استخدامها و يصاحبها تغيير لعادات التنقل في المملكة لا تعتبر حلا لأنها ستشكل ضغوطا على المواطنين أصحاب الدخول المنخفضة مما يحد من رفاهيتهم الاجتماعية وقدرتهم على التنقل. وإضافة لارتفاع معدل الاستهلاك وما يصاحبه من أضرار بيئية فإن الدعم الذي تقدمه الحكومة للبنزين يشكل عبئاً اقتصادياً كبيراً حيث تضخ المملكة مليارات الريالات شهرياً لدعم البنزين، ويرى كثير من الاقتصاديين أنه من الأجدى صرف هذه المبالغ على قطاعات حيوية أكثر أولوية وذات تأثير متعد على حياة المواطن مثل التعليم والإسكان. وبحسب إحصائية حديثة للإدارة العامة للمرور، فإن ثمانية ملايين سيارة تجوب شوارع السعودية وتزيد سنويا بمعدل 700 ألف سيارة، وأشارت الإحصائية إلى أن معدل الزيادة السنوية للسيارات سيرتفع بعد مضي عشر سنوات إلى مليون سيارة سنويا، وهو ما يتطلب إقبال كبير على استهلاك الوقود. مواسم الصيانة ويقول الدكتور راشد بن محمد أبانمي الاستراتيجي والخبير بالسياسات النفطية، إن مشكلة الاستهلاك المفرط للوقود هي مشكلة تعانيها دول العالم قاطبة وبنسب متفاوتة، ولكن لا بد أن ننطلق من القناعة التامة بأن الاستهلاك المفرط في أي من المواد الاستهلاكية بغض النظر عن قانون العرض والطلب، ولو لم يكن هناك نقص في المعروض، فإن ذلك الاستهلاك مرفوض لكونه يوضع في خانة التبذير المنهي عنه دينيا ودنيويا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الاستهلاك المفرط في الوقود بوجه الخصوص له أضرار مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد بشكليه الكلي والجزئي.وبين أبانمي إن استيراد البنزين مرتبط بالمواسم، والمتمثلة في إغلاق المصافي للصيانة أو لأية أمور أخرى، مشيراً إلى أن الاستهلاك المحلي من الوقود مستمر بوتيرة ثابتة، وأن شركة أرامكو السعودية تضطر للاستيراد ليس بسبب زيادة الاستهلاك المحلي، إنما بسبب النقص الذي قد يطرأ على مصافيها. مضيفاً أن أرامكو السعودية تستورد البنزين والديزل من بعض الدول التي يكلِّفها النفط الخام استيراداً أو إنتاجاً أضعاف ما يكلِّف شركة أرامكو لإنتاج المشتقات المكررة، وقال إننا نستورد الوقود من دول هي نفسها تشتري من ‹›أرامكو›› البترول الخام بسعر يفوق أضعاف تكلفته على شركة أرامكو، وتدفع تلك الدول إضافة إلى ذلك أجور النقل والتأمين، وبعد أن يتمَّ تكريره وينتج منه البنزين والديزل والمشتقات الأخرى، تقوم شركة أرامكو بشراء تلك المشتقات بالسعر العالمي، وفي أحيان كثيرة تقايضه بالنفط الخام، ثم تعيده إلى المملكة بعد أن ندفع مبالغ مضاعفة وأجور النقل والتأمين والتكاليف الأخرى، وبالتالي استنزاف كبير لعوائد المنتجات المكررة التي تفوق أضعافاً عديدة قيمة النفط الخام المباع. بدل محروقات ويقترح الخبير المعروف أن يتم إلغاء الدعم على سعر وقود السيارات هو أيضاً من الأولويات، ويرى في هذا الجانب تعويض المواطن مباشرة ببدل محروقات، وذلك من خلال زيادة الرواتب والمعاشات بواقع تلك النسبة كعوض لتكلفة غلاء محروقات خاصة وتضاف لدخلهم الشهري، حيث يتم تعويضهم من خلال شرائح المجتمع بمن فيهم المنتسبون للضمان الاجتماعي وجميع عمال وموظفي الدولة والمتقاعدين وموظفي القطاع الخاص أي لجميع شرائح المجتمع على تحمُّل التكاليف الإضافية على المحروقات إذا هم اختاروا الاستمرار في استهلاك الوقود بالوضع الحالي، ولكن بالتأكيد ستلجأ معظم تلك الأسر إلى صرف بدل المحروقات ذلك إلى أولويات المعيشة الأخرى الذين هم أكثر حاجة إليها من صرفها على الوقود، مما سينتج عنه بالتأكيد ترشيد طوعي لاستهلاك الوقود. ارتفاع معدل السيارات من جانبه، أرجع مدير المركز العربي لتنقية الوقود عبيدالله الغامدي أسباب استيراد أرامكو السعودية الوقود من الخارج إلى العدد الهائل من السيارات التي تجوب الشوارع السعودية، مشيراً إلى أن كمية الاستهلاك تفوق حجم الإنتاج، وأضاف الغامدي إلى أن من الأسباب الرئيسية إلى السعة الإنتاجية للمصافي المحلية، لا سيما إذا خضعت أيا من المصافي لأعمال الصيانة.وقال الغامدي إن استيراد السعودية بشكل ثابت، حيث يرتفع استيراد الديزل في فصل الشتاء خاصة مع الموسم الزراعي، فيما يرتفع استيراد البنزين خلال فصل الصيف نظرا لكثرة السفر والتنقل بواسطة السيارات.وأشار مدير المركز العربي لتنقية الوقود إلى أن من الحلول المثلى لوضع حد للاستهلاك المحلي المفرط للوقود، يتمثل في تفعيل دور نظام «ساهر» المروري، إذ إنه في حال التزام قائدي المركبات بسرعة لا تتجاوز 120 كيلومترا في الساعة، فإن هذا الأمر يعني توفير ما يتراوح بين 30 إلى 40% من حجم الاستهلاك المحلي.وبين الغامدي أنه حينما طرحت شركة أرامكو السعودية البنزين بنوعيه 95 و 91 قد وفَّرت ثلاثين ألف برميل يومياً من النفط الخام، ويرى أنه يمكن الحد من الاستهلاك المفرط للبنزين والذي يؤدِّي إلى الاستيراد من الخارج بعدة عوامل، منها التوعية التامة والمستمرة للمستهلكين بالأهمية الاقتصادية للمملكة، مشيراً إلى أن أكبر مجال لهدر الطاقة يكمن في المركبات وخاصة خلال فترة الصيف والسرعة المتهورة والاستخدام المفرط للمكيفات، وهو أمر يتطلب أن يغيَّر المستهلكون من نمط القيادة والحد من السرعة والإقلال من استخدام المكيفات، إضافة إلى أهمية تشجيع التوجُّه لشراء واستخدام السيارات الاقتصادية الصغيرة (من ذوات الأربعة سليندرات)، مع ضرورة تحديث المنشآت الحالية وزيادة كفاءتها لإنتاج كميات من البنزين لا تقل عن خمسين في المائة من طاقتها الإنتاجية، مشيراً إلى أن مشرواعات الزيت الخام في السنوات الماضية حظيت بأهمية وأولوية قصوى مقارنة بمشرعات المصافي والتوزيع والمنتجات البترولية، مما أحدث فجوة سنوية متراكمة وعجزاً عن تلبية الطلب والاستهلاك المحلي، ودلل على ذلك باستغراق مشروع إنتاج نوعين من البنزين نحو عشر سنوات منذ دراسته، ولكن عندما طرح البنزين بأسعار مخفضة بدأ الاستهلاك والطلب في الارتفاع، نظرا لعوامل كثيرة منها هدر البنزين الرخيص من قبل المستهلكين بسرعة المركبات التي كثيراً ما تضاعف نمط الاستهلاك، وكذلك زيادة حركة السيارات خلال الفترة الصيفية وزيادة تشغيل مكيفات المركبات خلال هذه الفترة. وطالب بتوفير وسائل مواصلات عامة تتناسب مع المستوى المعيشي للمواطنين، بحيث يمكن لجميع أطياف المجتمع استخدامها ويصاحبها تغيير لعادات التنقل في المملكة لا تعتبر حلا لأنها ستشكل شكل ضغوط على المواطنين أصحاب الدخول المنخفضة مما يحد من رفاهيتهم الاجتماعية وقدرتهم على التنقل. تلبية الطلب المحلي ويتوقع أن يقل استيراد السعودية خلال العامين المقبلين بعد بدء إنتاج مصفاتين في الجبيل وينبع، ومن المحتمل أن تقلل هاتان المصفاتان، واللتان هما تحت التأسيس من الواردات من حجم منتجات التصدير بما في ذلك البنزين، وأن احتمالية استيراد البنزين تبقى بكميات قليلة مقارنة بالسنوات الماضية في حال بدء إنتاج المصفاتين، كما أن شركة مصفاة بترورابغ قد أسهمت في الحد من استيراد شركة ارامكو السعودية للوقود من الخارج، وذلك بعد أن ضخت المصفاة السعودية اليابانية، في وقت سابق كميات كبيرة من الوقود للسوق المحلي ضمن إنتاجها اليومي. أسعار البنزين خليجياً