أمام الجمهور، يجلس الشاب رضا منهمكا بعمله، يد ممسكة بالخشب، واليد الأخرى تتعامل مع أداة معينة يستخدمها في حرفته، ومن حوله المسامير وأدوات الزخرفة التي تدخل في عمل وصناعة ما يسمى ب"الصندوق المبيت". وفي أحد أركان مهرجان العيد الذي تنظمه شركة أرامكو السعودية بالظهران، وتحديدا في خيمة التراث يقدم الشاب رضا الصانع إنتاجه للجمهور الحاضر، بعد جهد عملي قال عنه إنه يتطلب صبرا وعملا دقيقا، حيث تحتاج صناعة تلك الصناديق إلى رسوم هندسية وزخرفة بالمسامير والناس، الأمر الذي يستغرق الكثير من الوقت، ويتطلب جهدا كبيرا مع دقة في العمل. مبينا أن صناعة الصندوق الصغير تستغرق أربعة أيام في حين تأخذ صناعة الكبير منه سبعة أيام، مضيفا أن الصندوق الصغير يتطلب نحو 2600 مسمار في حين يستهلك الصندوق الكبير نحو 4400 مسمار، وهذه المسامير تجلب في الوقت الحاضر من ألمانيا بينما يستورد النحاس الذي يدخل في زخرفة الصندوق من الهند. "الصندوق المبيت"، هو تراث خليجي وتحفة رائعة يكاد لا يخلو كل بيت منه، والحديث للصانع وقد كانت أغلب النساء السعوديات يحتفظن بهذا الصندوق لحفظ الملابس والذهب والأوراق المهمة فيه، وخاصة ملابس العروس، حيث كان بمثابة الخزانة لها، وفي السابق كان التجار والطواويش والنواخذة يجلبونه من الهند، أما في الوقت الحالي فيتفنن السعوديون في صناعته ببراعة ويحرصون على المحافظة عليه من الاندثار. وقال الصانع إن أهل الخليج في البحرين وقطر والسعودية والكويت يسمونه "صندوق مبيت" بينما يعرف في الإمارات وعمان باسم "مندوس". مضيفا إن أغلب هذه الحرف والصناعات اليدوية يؤديها الشباب في المملكة، وهم من العائلات التي كانت تزاول الحرف القديمة، حيث تعلمها البعض من والده الذي أخذ أصولها من جده أيضا. وحول سبب تسميته بالمبيت أجاب الصانع: "لأنه كان يحوي ملابس وحلي وعطور وبخور وحاجيات العروس ويوضع في بيت الزوجية التي ستنتقل إليه في الليلة التي تسبق الزفاف، فسمي بهذا الاسم كونه يبيت في المنزل قبلها ثم يسلم لها في اليوم التالي من الزفاف". مضيفا أما اليوم فقد أصبح "الصندوق المبيت" قطعة أثاث للعرض في المنازل كديكور للتزيين فقط. وأشار رضا إلى أن الصندوق يصنع من نوعين من الخشب، إما من خشب "السيسم" أو خشب "الصاج"، وهي أخشاب تجلب من الهند أو أفريقيا. موضحا أن أسعار هذا النوع من الصناديق في الوقت الحالي تصل إلى نحو 400 ريال للصندوق متوسط الحجم المصنوع من خشب الصاج، بينما تتراوح أسعاره بين 120 و150 ريالا إن كان مصنوعا من نوعية أقل جودة.