من ألمانيا والهند تستورد مسامير تربط وتزين «الصندوق المبيت»، تملأه الأم بملابس وحاجيات العروس قبل ليلة من انتقالها إلى بيت الزوجية، وتنقله هناك لتلقاه العروس أمامها في ليلة دخلتها، وكأنه الصندوق السحري يحفظ أغراضها وبين طياتها أسرار ليلة العمر، ويظل كنزا ثمينا ما طال لها من عمر. على ضفاف الخليج العربي لا يكاد يخلو منزل من صندوق المبيت، والحال يسري على بقية الدول المجاورة، وفي زمان غابر جلبه لأول مرة البحارة و «النواخذة» من بلاد الهند، ولوظيفته المهمة والحساسة في غرف المنازل الرئيسة عند ربات البيوت، أصبح هذا الصندوق الذي يجمع أهم المقتنيات والأوراق والوثائق والأسرار، من أركان البيوت هناك، و«البيوت أسرار». 2600 مسمار يتزين بها الصندوق الصغير، في حين يستهلك الصندوق الكبير نحو 4400 مسمار، احترف أبناء المنطقة صناعتها مع الأيام، وتوارثوها أبا عند جد، وما زالت صامدة حتى اليوم على أيدي شباب مهرة، حافظوا على جمالها التراثي. الشاب رضا صانع، نجار يعرض عددا من الصناديق، ويقوم بصناعتها يوميا أمام زائري خيمة التراث بمهرجان عيد أرامكو 2011م بالظهران، ويقول «أغلب هذه الحرف والصناعات اليدوية يقوم بها الشباب في المملكة العربية السعودية، من العائلات التي كانت تزاول الحرف القديمة، وتعلموا صناعتها من الأباء جيلا بعد جيل. ولفت إلى أن أهل الخليج في البحرين وقطر والسعودية والكويت يسمونه «صندوق مبيت» بينما يعرف في الإمارات وعمان باسم «مندوس» لكنه ذات الصندوق ولذات الأغراض يقتنيها النساء في كل البيوت. وحول سبب تسميته ب«المبيت» أجاب «لأنه يحوي ملابس وحليا وعطورا وبخورا وحاجيات العروس، ويوضع في بيت الزوجية التي ستنتقل إليه ليلة ما قبل الزفاف، فسمي بهذا الاسم كونه يبيت في المنزل قبلها، ثم يسلم لها في اليوم التالي من الزفاف. واليوم مع أجيال ما بعد الطفرة النفطية مازال صندوق (المبيت) حاضرا ومتواجدا في معظم البيوت، إلا أنه قطعة أثاث للعرض في المنازل كديكور للتزيين فقط واستبدولوه في غرف النوم الرئيسة بالخزائن الحديثة والإلكترونية. وأشار رضا إلى أن الصندوق يصنع من نوعين من الخشب، فإما من خشب «السيسم» أو خشب «الصاج» وهي تجلب من الهند أو إفريقيا، لافتا إلى أن سعره يصل إلى 400 ريال للصندوق متوسط الحجم المصنوع من خشب الصاج، بينما تتراوح أسعاره بين 120 و150ريالا إن كان مصنوعا من نوعية تقل جودة.