لدى مصر احتياطيات كبيرة لتجنب أزمة في المدفوعات الخارجية، لكن هذه الاحتياطيات يمكن أن تستنفد خلال بضعة أسابيع إذا استمرت الاحتجاجات في حين أن البنوك قد تواجه تدافعا على سحب الأموال.ويقول متعاملون في سوق الصرف إنه في يومي العمل منذ بدء الاحتجاجات يوم الثلاثاء الماضي الذي كان يوم عطلة للبنوك حول مستثمرون مصريون وأجانب مئات الملايين من الدولارات خارج مصر. وتفيد بيانات البنك المركزي أن الاحتياطيات بالعملة الأجنبية بلغت 36 مليار دولار في نهاية ديسمبر الماضي. وأفادت مذكرة أعدها سيتي بنك يوم 27 يناير أن الحكومة كان لديها كذلك 21 مليار دولار من الأصول الإضافية لدى البنوك التجارية حتى نهاية أكتوبر فيما يطلق عليه "الاحتياطيات غير الرسمية". وتشير هذه البيانات إلى أنه ليس هناك خطر فوري من حدوث أزمة في ميزان المدفوعات، فيما تشير إلى أن تحويل الأموال للخارج قد يصل إلى مستويات مضرة في الأجل المتوسط. وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي إن مصر لديها احتياطيات للطوارئ "لكن هذه الاحتياطيات يمكن أن تستنفد خلال بضعة أسابيع وليس بضعة أيام." وأضاف "عندما تعود الأسواق للعمل من جديد (في تداول الجنيه المصري) سيكون هناك أثر حاد. الوضع المالي برمته في الاقتصاد المصري سيواجه اختبارا صعبا للغاية إذا استمرت أعمال العنف والشغب لعدة أسابيع." وقد تشهد مصر سحبا لاستثمارات ضخمة كانت قد اجتذبتها بالعائدات المرتفعة للسندات الحكومية المحلية. وقدرت باركليز كابيتال ما بحوزة الأجانب من الأصول المصرية قبل الاحتجاجات بما يقرب من 25 مليار دولار، نصفها تقريبا على شكل سندات وأذون خزانة. ومن المستبعد أن تتأثر الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تستند إلى تخطيط طويل الأجل بالاضطرابات السياسية. واجتذبت مصر استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 6.76 مليارات دولار في السنة المالية الماضية المنتهية يوم 30 يونيو، منها 3.6 مليارات دولار تم توجيهها إلى قطاع النفط. لكن الضرر من تعطل السياحة لفترة طويلة سيكون كبيرا. وبلغت إيرادات مصر من السياحة 11.59 مليار دولار في السنة المالية الماضية. وبلغ عجز ميزان المعاملات الجارية 802 مليون دولار في الفترة من يوليو إلى سبتمبر من عام 2010 وبسبب السياحة من المتوقع أن يرتفع العجز بدرجة أكبر في الربع الجاري. ومن المثير للقلق كذلك أن تحول الطبقات الوسطى والأثرياء المزيد من مدخراتهم للخارج. وهذه التدفقات الخارجة قد تضاهي أو تتجاوز على المدى الطويل الأموال التي تم اجتذابها من المستثمرين الأجانب، ولا تتوافر بيانات رسمية لكن متعاملا في بنك متوسط الحجم في مصر قال إن العملاء في البنك حولوا 150 مليون دولار إلى خارج البلاد في يومين. وقال بعض المصرفيين إن إجمالي التدفقات الخارجة من مصر ربما بلغ 500 مليون دولار يوميا خلال الأسبوع الماضي. وإذا استمرت التدفقات بهذا المعدل دون أن تتسارع يمكن أن تفقد مصر ربع احتياطياتها الرسمية خلال شهر. وسيعتمد الكثير على كيف ستدير السلطات الجنيه المصري عندما تستأنف أسواق المال العمل. وأغلقت الحكومة أسواق المال والبنوك التجارية يوم الأحد مشيرة إلى اعتبارات أمنية وقالت إنها ستظل مغلقة اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء ولم تحدد متى ستستأنف العمل. وفي الأسبوع الماضي هبط الجنيه المصري 0.7 بالمئة فقط إلى 5.855 جنيهات للدولار. وقال البنك المركزي إنه لم يتدخل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في السوق. وقال المتعامل إن البنوك مازالت مستعدة لبيع الدولار بناء على توقعات بأن البنك المركزي سيتيح الدولارات بسعر مستقر إذا تطلب الأمر. وعندما تفتح الأسواق ربما يلمس المتعاملون مدى استعداد البنك المركزي للإبقاء على استقرار سعر الصرف. فإذا أنفق المطلوب للحفاظ فسيبدأ في السحب من احتياطياته بمعدل مثير للقلق. وإذا ترك الجنيه يهبط إلى درجة تجعل شراء الدولار أقل جاذبية فإن ذلك قد يثير الفزع في السوق. كما أن انخفاض سعر الجنيه سيزيد الأسعار التي يدفعها المصريون مقابل السلع الأجنبية ويزيد التضخم الذي ساهم أصلا في اندلاع الاضطرابات المناهضة للحكم. ويعتقد بعض المحللين أن السلطات قد تدرس فرض قيود للحد من التحويلات للخارج، لكن ذلك قد يضر بسمعة مصر في الأسواق في حين أنه يدفع المصريين للسعي إلى قنوات سرية لتهريب المال. وقالت ان وايمان المحللة في نومورا "عادة ما يكون هناك إحجام عن اللجوء إلى فرض قيود على رأس المال." وأضافت "إذا فعلت ذلك لتوقف خروج رؤوس الأموال القائمة فإن تداعيات ذلك تكون سلبية على المدى الطويل. وتعتمد مصر على التدفقات الأجنبية على البلاد لذلك من المهم أن تعمل لصالح الأجل الطويل." وقال هشام رامز نائب محافظ البنك المركزي لرويترز يوم السبت "نحن مستعدون. احتياطياتنا قوية جدا. ليس لدينا مشكلة." ولم يوضح كيف ستتعامل السلطة مع الضغوط على الجنيه.