تبدو طقوس بعض الحجاج غريبة نوعاً ما؛ إلا أنها تكشف جانباً من القداسة التي يشعرون بها تجاه المشاعر المقدسة، وحرصهم على أن يكون لوجودهم الموقت بها ارتباطاً روحياً يرافقهم بقية حياتهم. في منى، على سبيل المثال، يجد معظم حجاج الدول الآسيوية أنها المكان الأفضل لبدء مراسم الزواج، عن طريق الخطبة والاتفاق مع والد الزوجة وقراءة الفاتحة، طلباً لبركة المكان والزمان، ومن ثم تأجيل إتمام مراسم عقد القران إلى حين العودة إلى ديار العروس التي تترقب عودة الأب وفتى الأحلام. "جاد" أحد حجاج الهند، قال إنه يستعد للتقدم رسميا لطلب يد ابنة عمه الذي يرافقه في الحج، مشيرا إلى أنه عقد العزم على خطبتها منذ أشهر، ولكنه أجل الحديث عن ذلك إلى حين القدوم إلى الحج والتحلل الأول في منى، لينال بركة المشاعر المقدسة وهي تشهد بداية مشروع زواجه، وقال "والدي أيضا خطب والدتي قبل 30 عاما في مشعر منى وأوصاني بذلك". وأضاف جاد "ستكون فرحة خطيبتي فرحتين بعد عودتنا، فرحة بوصول والدها سالماً، والأخرى بإخبارها عن خطبتي لها في الأرض المقدسة". ووفقا لمحمد السيد "أحد المشرفين في مخيمات الحجاج الآسيويين في منى" فإن جاد ليس الحالة الوحيدة، فهناك عشرات الحجاج يعقدون القران في مشعر منى في أول أيام التشريق بعد تحللهم الأول، معتمدين على فتاوى الدعاة المرشدين بلغتهم الذين أجازوا لهم الخطبة بعد التحلل الأول، مشيراً إلى أن ذلك من قبيل الحرص على أن ينالوا بركة هذه الأماكن الطاهرة. وحول تلك الطريقة التي يتبعها بعض حجاج آسيا، قال المستشار القضائي الشيخ صالح بن سعد اللحيدان "الخطبة جائزة بعد التحلل الأول، الذي يتم بالطواف والرمي أو الرمي والحلق، إلا أنها من محظورات الإحرام قبل ذلك الوقت".