أكد رئيس اللجنة التحضيرية ل"ملتقى النقد الأدبي" الذي ينظم دورته الخامسة، نادي الرياض الأدبي خلال أبريل المقبل، الدكتور صالح زياد الغامدي، على أن اللجنة "لا تتدخل في مضمون الأوراق المقدمة، ولا في طبيعة الرؤية التي تتصف بها، إلا من حيث تأسيسها على منطق منهجي وموضوعي"، نافيا قبول أي ورقة "انطباعية أو تحمل رؤية سطحية". وتحدث زياد ل"الوطن" في حوار قصير عن بعض القضايا التي تثار دائما حول مثل هذه الملتقيات مثل مفهوم "نقاد الشنطة" والاتهامات التي توجه لها دائما بأنها مكان لتجمع الأكاديميين فقط... فماذا قال؟ يبدو أنكم في هذه الدورة تتجهون إلى "نقد النقد". هل هذا يعني أن الحركة النقدية في المملكة تمر بمرحلة ضعف؟ "نقد النقد" أحد الحقول المعرفية المهمة في الممارسة النقدية والنظرية، لأنه يتجه بالقراءة إلى الفعل النقدي نفسه الذي هو فاعل القراءة للنصوص الإبداعية ومجالها. وإذا كانت للنقد أهميته في اكتشاف الإبداع ووصفه ورسم خرائط معناه وتمييزها، بما يؤدي إلى توسيع دائرة الوعي الإبداعي والثقافي وإنتاج مساحة تفاعل حول النصوص وترقٍّ وتنوع في الرؤية إليها، فإن هذه الأهمية تتضاعف في نقد النقد الذي يصنع حول النقد نفسه فعل المساءلة والفهم والاكتشاف، وينتج التفاعل معه، بما يجاوز بالمعرفة الأدبية الانحصار في ثنائية العلاقة بين الأديب والناقد. وهذا الوعي دليل على اتساع الحركة النقدية في المملكة وخصوبتها وتراميها إلى ما ترى به ذاتها النقدية. أما دورة هذا الملتقى فليست الأولى في الالتفات إلى "نقد النقد" بل هي الخامسة وهذا هو اختصاص الملتقى منذ تأسيسه. من الأمور التي كانت تؤخذ على نقاد الأدب السعودي أن بعضهم يدخل في مفهوم "ناقد شنطة" أي متربح ماديا أو معنويا دون أدوات حقيقية. هل تتوقع أن تناقش بعض أوراق الملتقى هذا الأمر بشفافية وبأسماء صريحة لمن يتهمون بأنهم "نقاد شنطة"؟ اللجنة لا تتدخل في مضمون الأوراق ولا في طبيعة الرؤية التي تتصف بها، إلا من حيث تأسيسها على منطق منهجي وموضوعي، بحيث لا تُلقى الاتهامات جزافاً وإنما تستند إلى علل وبراهين. و"ناقد الشنطة" هو – كما تفضلت - ناقد غير نزيه، لكنه جزء وليس كلاًّ للممارسات النقدية الزائفة. وقد نقول إن الاستخدام لهذا المصطلح – أعني الوصف به - هو الآخر يخرج أحياناً عن الموضوعية والنزاهة، فيوصف به – بسبب الجهل أو الهوى - من لا ينطبق عليه، حتى أصبح في بعض الأحيان دليلاً من دلائل ما يشبه "الشوفينية" في ثقافتنا التي تجمع النقاد غير السعوديين في الصفة. والحركة النقدية السعودية مدينة – دون شك - لإسهام باحثين ونقاد عرب يتصفون بأنصع وأنقى دلائل النزاهة والاستقلال. الناقدون لمثل هذه الملتقيات يقولون: إنها مجرد تجمع أكاديمي لا يقدم أكثر مما يطرح في قاعات الدرس ولا يضيف للساحة الأدبية أي جديد. كيف ترى الأمر؟ دعني أفرق بين ما يتصف من النقد بالمنهجية والانشداد إلى بناء معرفي متماسك، وبين النقد الانطباعي والدعائي الذي يعلن عن مشاعره تجاه ما ينقده. عدد غير قليل من الأدباء والقراء من غير ذوي الاهتمام يميلون إلى النقد الانطباعي لأنه مباشر في الإعراب عن قيمة النص والانفعال به، وسطحي في التأسيس لرؤيته. ومن هنا جاء الموقف من النقد الأكاديمي الذي يحتِّم عليه منطقه المنهجي الحد من الانفعالية في ممارسة ما يقرأ، وتحاشي المديح أو الذم المجّانيين. ليس من شروط هذا الملتقى أن يكون صاحب الورقة أكاديمياًّ، وليس كل المتقدمين من الأكاديميين، لكن الملتقى ليس لتقديم أوراق انطباعية لا تتأسَّس مقولاتها على ما يتم به الإقناع وإنما على أوراق تُنتج معرفة تصح لدى الغير. تنوع العناوين وعدم تكرارها كما ورد في تصريح سابق لكم، يعدّ خطوة مهمة لإثراء الملتقى. هل تتوقع أن يتميز الملتقى المقبل بجديد يجعله مختلفا عن الملتقيات السابقة؟ تطمح اللجنة التحضيرية للملتقى إلى مساندة إدارة نادي الرياض الأدبي في أن تكون هذه الدورة من الملتقى منعطفاً في تاريخه إلى حضور بارز على مستوى عدد المشاركين وأهمية ما يطرحونه، وذلك بالقدر الذي يليق بنادي العاصمة، خصوصاً بعد أن أصبحت هذه الملتقيات موضة تتسابق إليها بعض النوادي الأدبية من دون حرص على الاختلاف ولا على التميز. ودعني أقول لك إن موضوع الملتقى – أساساً - من الجدة والأهمية بما يضمن مثل هذا الحضور، وقد حاولت اللجنة أن تضيف إلى جلسات البحوث المعتادة مناشط جانبية لشهادات النقاد، وللحوار بين الكتاب والنقاد.