الفنانون السبعة الذين التقوا في عرض واحد في أولى فعاليات صالة ( شدة) التي افتتحت حديثا في "رد سي مول" بجدة، تميزوا بأعمالهم الحديثة بالأبيض والأسود، بشكل أحدث مفاجأة لجمهورالفنون التشكيلية. بينما لفت الانتباه اسم الصالة ، الذي قالت عنه المشرفة عليها الفنانة فاطمة باعظيم إنه مأخوذ من حركة "الشدّة " والتي تعطي الحرف إمكانية التكرار في السكون والحركة، وتعني أن الفن رغم أنه مكاني إلا أنه متحرك في آن واحد. الفنان فهد القثامي شارك بعملين يعرضهما لأول مرة ، الأول مجموعة صغيرة أسماها (نثريات) والعمل الآخر عرض كامل لماكينة الخياطة كمادة قديمة جاهزة للعرض الفني، وبرر القثامي ذلك بأن الماكينة أضفت متعة على الأعمال المنزلية، أنها تخيط الفكر وتحرك العقل للاوعي ، كانت هذه الآله سببا في أن أرتدي أجمل الملابس وتظل رمزا أبديا لكل امرأة عملت عليها ولمن كانت مصدر رزقه . شروق الهاشمي المتخصصة بفن البوب آرت 100 ، قدمت عملا استعادت فيه حقبة الستينات الميلادية بلقطات هنا وهناك، تلاحق الزمن الهارب عبر الأسماء والشخوص والدلالات، مستخدمة صور الوجوه لإحياء الذاكرة الستينية. في حين قدم سامي جريدي 12 عملا مدفوعا بفكرة فلسفية، تشكلت في 12 ملفا أخضر قديما مرصوصة إلى جانب بعضها بعضٍ، وتشير الفكرة إلى ماهو رمزي في علاقة الإنسان بالأشياء التي تتأكل مع الزمن، يحاول جريدي استعادتها في عمل فني ما بعد مفاهيمي كما يقول ، عبر مشروع كلي موّحد يقوم على المهمش والرمزي وإعادة تدوير الأشياء المستعملة، للتعبير عن ظروف الحياة وأزمة إنسان هذا العصر وفلسفة الوجود والأشياء، على حد تعبيره. وفي تجربة جديدة في الفن المابعد حداثي لماجد الثبيتي نجد رؤية لورق اللعب والكاسيت يقول عنها مفسرا تجربة الكاسيت: "صرير البداية، الصمت الذي يسبق انبعاث الصوت . . جزء من تاريخ مؤثر في حياة من يترقب ومن ينتظر أول كلمة، أول نغم، أول حياة .. دائرتا هذا العمل، الممتلئتان تماماً دون أدنى استطاعة للحراك من جديد، تمثلان مجد الاكتمال، وذروة اللحظة الفنية والفلسفية. في المعرض الذي انطلق الثلاثاء الماضي تتبعثر العين وتستقر لتشاهد حدثا محفورا في العمق يشكل الوجدان من خلال إبدعات أنثى صقلت ضوضاء الروح وصراعات الحياة في عملين مجردين يدعوانا لاكتشاف السر وقوة الجذب ، حيث شكلت هبة الوقداني هذه النظرة في جذب الأعماق لها . بينما على مستوى آخر يقدم حمدان محارب عبر تشكيل مختلف وبسيط حكايات صادرة عنه قائلا : "الحياة الصاخبة للإنسان، وبكل ما فيها من حكايات يومية ومشاهد بصرية عبر الفن يتحقق وجودها أحيانا، هنا نوافذ تطل على سينمائية الوجود، وتستنطق خامات طلاها التهميش .. رفعت من واقعها إلى واقع جديد يروي نفسه". أما فاطمة باعظيم فقدمت بالأسود وسائط لعدة أنواع من المرايا ومن قلب مشروعها "سنتيميتر" عن الدقة غير المتوقعه من الزائر إلا إذا نظر في مرآة اللوحة وجد أنها تكشف الحقيقة فقط إذا أصغيت لها واقتربت منها تراها . وتضيف باعظيم: في المرآة يمكننا الإصلاح ما استطعنا، بل يمكننا التغير عبر ابتسامة صادقة يمتصها اللون المخفي الأسود ويخرجها طاقة بيضاءَ لمتلقٍ ، هذه الحياة متفاوته في عطائها متى أردنا .