لم يقف ضعف أو قلة الإمكانات لبعض الأندية السعودية حائلا دون السعي لكتابة اسمها بأحرف من ذهب ليقف الكثيرون لها احتراماً ولإداراتها لما تقدمه في سبيل الحفاظ على شباب هذا الوطن من جهة ولمقارعة من يتفوقون عليهم في العدة والعتاد وبالذات في النواحي المادية، بل قارعوا تلك الأندية التي في الأساس لا يوجد بينها وبين هذه الأندية أية مقارنة، وبكل تأكيد فهناك العديد من الأندية التي تستحق أن يطلق عليها أنها ذات إمكانات معدومة، إلا أننا وجدناها في الصفوف الأمامية وفعلت ما عجزت عنه الأندية المليونيرية مقارنة بهذه الأندية المديونيرية، كما يحلو للبعض تسميتها. الفتح "النموذجي" وطالما أن دوري زين السعودي والذي ينقسم إلى فئتين، فئة تتمتع بإمكانات عالية وبرعاة ينعشون خزينتها وبدعم شرفي مميز، وأخرى تعيش على ما يقدمه بعض محبي النادي وبدعم يعتبر متواضعا، ومن بين الصنف الثاني نادي الفتح والملقب "بالنموذجي" وهو فعلاً كذلك بما يتمتع به من إدارة واعية برئاسة المهندس عبدالعزيز العفالق، والذي تمكن مع مرور الجولة الخامسة من دوري زين السعودي للمحترفين أن يلحق ببطل الدوري في الموسم الماضي والذي لم يتعرض لأي هزيمة منذ ذاك الموسم وحتى بداية هذا الموسم، إلا أن الفتح فعلها وألحق به هزيمة برباعية تصدر بها سلم الدوري. ويتلقى الفتح دعماً يعتبر متواضعاً في عالم الاحتراف مقتصرا على دعم بعض العوائل التي تنتمي لهذا الكيان ويعتبرون الممولين له أمثال أبناء حسن العفالق وراشد الراشد وعبدالمنعم الراشد وأسرة الجبر ورئيس هيئة أعضاء الشرف عبدالعزيز الموسى. من الثامن ل"الصدارة" بدأ نادي الفتح بحط رحاله في دوري الدرجة الممتازة والذي أطلق عليه لاحقاً دوري زين السعودي للمحترفين منذ عام 2010 عندما صعد برفقة القادسية للدرجة الممتازة، ليضع نفسه في هذا العام في المركز الثامن بين أندية الممتاز، وفي الموسم الذي يليه تراجع خطوة للخلف أي للمركز التاسع، إلا أنه عاد لينشط في الموسم الماضي 2012 ليضع نفسه في مزاحمة بين المقدمة بالمركز السادس بفارق الأهداف عن صاحب المركز الخامس وهو الاتحاد، إلا أنه بدأ هذا الموسم الحالي ببداية مختلفة ليتصدر الدوري مؤقتاً، في الوقت الذي يبحث عن إنجاز عربي لكونه ممثل الكرة السعودية في البطولة العربية والتي سيواجه فيها نادي الجهراء الكويتي في الكويت في الثاني من شهر ذي القعدة كأول ظهور له على المستوى الخارجي. وجاء استعداد النموذجي من خلال معسكره الخارجي في ألمانيا بقيادة مدربه التونسي فتحي الجبال والذي يقضي مع الفريق موسمه السادس على التوالي في إشارة إلى الاستقرار الكبير من الناحية الفنية، حيث استغرق الفتح 18 يوماً من الإعداد في ألمانيا، خاض خلالها أربع مواجهات ودية، بوجود المحترف الأردني للموسم الثاني على التوالي شادي أبوهشهش والبرازيلي التون جوزيه الذي يدخل الموسم الثالث مع الفريق والمهاجم الكنغولي دوريس سالومو والذي يدخل موسمه الثالث مع الفريق، إلى جانب المدافع السنغالي كيمو سيسوكو صاحب الموسم الثاني مع الفريق، في إشارة واضحة لحالة الاستقرار التي يعيشها الفريق، بينما تم استقطاب خمسة لاعبين محليين للفريق وهم لاعب النصر والقادسية سابقاً عبدالله القرني، لاعب هجر السابق مبارك الخضري، لاعب الوحدة السابق أحمد الموسى، لاعب القادسية السابق مبارك الأسمري، لاعب النصر والاتحاد السابق عدنان فلاتة، وتصنف منشآت النادي فئة "ب" مطورة، وبميزانية تقريبية حوالي عشرين مليون ريال ليست للقدم بل تشاطرها ألعاب النادي السلة "ثاني الممتاز" والدراجات الهوائية أبطال المملكة ل6 مواسم وبميدالية فضية عربية، والسباحة وتنس الطاولة والتايكوندو. دعم معنوي ومع تصدر الفريق لدوري زين السعودي للمحترفين وإلحاق أول هزيمة ببطل الدوري تلقت إدارة النادي اتصالا من أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد هنأ خلاله الإدارة على المستوى والنتيجة اللذين قدمهما الفريق أمام بطل الدوري، مما كان له الأثر الكبير على الإدارة واللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية ومنسوبي النادي، وبالذات حينما طلب أمير الشرقية من العفالق أن يبلغ اللاعبين تحياته الخاصة نظير ما يقدمونه من مستوى ونتائج أجبرت الجميع على احترام هذا النادي المميز، وأشار رئيس النادي إلى أن الاتصال يعتبر أغلى بالنسبة لهم من تحقيق بطولة أو إنجاز وأن هذا سيضاعف عليهم المسؤولية وأن الحفاظ على الصدارة مهمة صعبة، وقال "كلمات أمير المنطقة وصدارة الدوري ستدفع الفريق للمشاركة في البطولة العربية ليس من أجل المشاركة بل للمنافسة وأنهم في هذا الموسم سيبذلون أضعاف الجهود التي بذلت في السابق من أجل تميز النادي". يسير بنظام الشركات قال المحلل الرياضي الدكتور مدني رحيمي "إن عدم اختيار لاعبين من نادي الفتح في المنتخبات وبالذات المنتخب الأول مسؤولية القائمين على المنتخبات، ويفترض من مدرب المنتخب ريكارد متابعة هذا النادي عطفاً على ما يقدمه من مستويات مميزة ونتائج إيجابية" وتساءل رحيمي "كيف يتم إغفال ناد مثل الفتح لديه لاعبون يطبقون اللعب ويطبقون تكتيك المدرب على الأطراف؟". وتابع "أنا وكل رياضي منصف نرفع القبعة احتراماً لهذا النادي الذي ليس له صوت ولا إعلام، ولكن له فعلا في الملعب، وله إدارة تستحق الاحترام، فهي إدارة تسير النادي بنظام الشركات المنضبطة ولا نسمع عن وجود أي مشاكل لديهم مع اللاعبين ولا في الفريق". استقرار مميز من جانبه يرى المدرب الوطني بندر الجعيثن "أن ناديا مثل الفتح يعيش حالة استقرار منذ عدة مواسم وحتى إن خلت تشكيلة المنتخب من أي لاعب من صفوفه فيبقى فريقا مميزا ويقارع أندية كبيرة ويحقق نتائج ومستويات مميزة للغاية ولديهم اللعب بالطريقة الجماعية والروح القتالية وتطبيق منهجية مدرب الفريق فتحي الجبال الذي يعيش مع الفريق والإدارة حالة استقرار مميزة"، وتابع "إلا أن خلو قائمة المنتخب من لاعبي الفتح يعتبر أمرا محيرا يحوم حول فريق ينافس، ويبقى هذا الأمر متروكا لدى الجهاز الفني للمنتخب وما هي مرئياته ولكننا كمتابعين نتساءل عن مثل هذه النقطة". ثنائية سفياني والحمدان من جانبه أكد المحلل الرياضي حمد الصنيع أن هناك عددا كبيرا من المواقف الإيجابية والمميزة لنادي الفتح ويستحقون هذا التميز وما يميز الفريق فعلاً اللعب الجماعي الذي يغلب على عناصر الفريق ولا يعني عدم اختيار عناصر من الفريق للمنتخب أن هذا تقليل في شأن الفريق، بل سبق أن حدث في اعتقادي في عهد المدرب باكيتا مع المنتخب وحينها كان الشباب متصدرا للدوري ولم نجد أي لاعب من الشباب في قائمة المنتخب، وهذا يعود لقناعات المدربين، وأضاف "أعتقد أن من أميز اللاعبين الذين فرضوا وجودهم ومستوياتهم وإمكاناتهم ربيع السفياني وحمدان الحمدان اللذين يستحقان بالفعل التواجد في صفوف المنتخب، وإن كان الفريق كله يعتبر مميزا من وجهة نظري وبالذات اللعب الجماعي". ويضيف الصنيع قائلاً "لو ركزنا على الثنائي السفياني والحمدان فهما دون أي شك يعتبران مطلباً لأي ناد لما لديهما من إمكانات وبالتالي يستحقان الانضمام لصفوف المنتخب، وإن كنا لا نريد أن نرى هذين اللاعبين خارج أسوار الفتح حتى يواصلا التميز مع بقية زملائهما لمصلحة الفتح، ونتمنى فعلاً استمرارهما في الفتح، وعلينا أن نراقب الفتح حتى نهاية الموسم الحالي ونراقب لاعبيه ومستوى ونتائج الفريق". لعب جماعي وقال المدرب الوطني خالد القروني "الفتح فريق مستقر فنيا وإدارياً مما جعله مميزا سواء من ناحية المستويات أو النتائج، ولهذا فإن أميز نقطة في الفريق هي اللعب الجماعي"، وتابع "وهناك لاعبون بارزون انتقلوا من النادي أمثال أحمد أبو عبيد لكن انتقاله لم يؤثر على الفريق على الإطلاق، بل واصل الفريق مستوياته وعطاءاته، وهذا دليل على وجود اللعب الجماعي المميز بالفريق، وصحيح أن هناك مجموعة تستحق بكل اقتدار التواجد في صفوف المنتخب ولكنها تبقى هذه النقطة هي رؤية فنية للجهاز الفني القائم على المنتخب وله مبرراته ومسبباته ووجهة نظره في نوعية اللاعب الذي يستدعيه ومدى حاجة المنتخب له وفي أي مركز وطريقة اللعب التي سيلجأ لها المدرب بالمنتخب. ويضيف القروني "كما أن في الفتح لاعبين مميزين يستحقون بكل جدارة التواجد في صفوف المنتخب أمثال ربيع السفياني وحمدان الحمدان وهما لاعبان مميزان ومستوياتهم تؤهلهم للتواجد في صفوف المنتخب وأعتقد أن هناك متابعة لمثل هذه العناصر ولكن تبقى مسألة الاختيار لمدرب المنتخب وحسب الفرص التي يمنحها المدرب لكل لاعب سواء من الذين يستدعيهم أو من بقية اللاعبين الذين سيستدعيهم في المستقبل، وعلى العموم فالفتح دخل دائرة التنافس سواء من تأهله لنهائي كأس ولي العهد أو مشاركته في البطولة العربية وكذلك في تصدره الحالي للدوري وهو يستحق هذه المنافسة وهذا التواجد".