الكل تذمر ومازال يتذمر من الإعلانات التي تنغص على المشاهد متعته وشغفه في متابعته لأحداث مسلسل أو فيلم أو برنامج، وما يقف وراء ذلك التذمر أسباب عديدة، منها قتل الإثارة والتشويق، والاعتقاد السائد بأن الإعلانات تقدم لنا حقائق مبالغ فيها أو مغلوطة حتى، والاعتقاد بأن المعلن مسيطر على المؤسسة الإعلامية، مما يؤدي إلى الاقتناع بأن المحطة الفضائية تلقي برغبات وأذواق المتلقين عرض الحائط وتبحث عن طلب ود المعلن لتحقيق الربح المادي ولا شيء غيره..وغيرها من الأسباب التي تراكمت لتكوّن لدى المتلقي نظرة ساخطة عن الإعلانات في القنوات الفضائية العربية. إن القنوات الفضائية أضحت سوقا مربحة لا تعرف الكساد في ظل كثرة المعلنين المتلهفين للتسويق الأمثل لسلعهم وخدماتهم والذي يجدونه في الإعلان التلفزيوني والذي يقوم بذلك على أكمل وجه، وهو حق مشروع وواقع لا نملك ضده حججا أو براهين تخولنا بأن نطالب بالحد من تلك الإعلانات التي تقضي على متعة المتابعة. ولكن ماذا لو كانت المادة الإعلانية مثيرة؟وتحمل الكثير من التشويق والإثارة والمرح في دقيقة أو حتى نصف دقيقة، ما يحمله مسلسل من ثلاثين حلقة أو فيلم يأخذ من وقتك ساعة أو أكثر؟! لو نظرنا إلى مواد إعلانية تسربت إلينا عبر الإنترنت، لوجدنا فرقا شاسعا بين جودة المادة الإعلانية في أمريكا واليابان وبعض الدول الأوروبية وجودة المادة الإعلانية لدينا، فلك أن تتخيل أن أشخاصا من العالم العربي يحتفظون بإعلان لمنتج ياباني في أجهزتهم المكتبية أو في هواتفهم النقالة، لما يحمله ذلك الإعلان من إثارة وتشويق وإخراج مثالي يخوله بأن يخاطب عاطفة المستهلك بكل سهولة ويسر بغض النظر عن المصداقية التي يحملها ذلك الإعلان. وإذا ما تم ذلك في الساحة الإعلامية العربية فلا شك بأن الرضى سيسود جميع الأطراف بكل تأكيد، فالمستهلك سيرى ذلك الإعلان عسلا على قلبه ويكون مسرورا به، والمعلن لن يجد أي سبب يجعله بغيضا لدى المستهلك، وأما القناة الفضائية لن تعود ظالمة لا تراعي رغبات المتلقي، وبدون أدنى شك ستجني أرباحا طائلة لا تقارن بالأرباح التي تجنيها الآن. إن كل ذلك لا يعني أننا لا نمتلك أي نماذج إعلانية يحق لنا أن نفتخر بها، فنذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر سلسلة إعلانات أقم صلاتك قبل مماتك، والتي لم تكن موقعة من أي شخص أو جهة رسمية أو غير رسمية، أي أن هدفها كان خيريا وليس ربحيا، ولا ننسى الإعلانات المتتالية التي تندرج تحت الصراع المحتدم بين شركات الاتصال. دائما ما نبحث عن المثالية وننشدها في شتى المجالات والأصعدة، فهل سنرى الإعلانات لدينا مثالية أو أقرب ما يكون منها، لتكون ندا لما يتم إنتاجه من مواد إعلانية لدى الغرب والشرق الأقصى؟ يبدو أن ذلك يدخل في نطاق شبه المستحيل، فلو ألقينا نظرة على ما يدور في جامعتنا السعودية وبالذات الطرق المتبعة في تدريس مقررات فن الإعلان، لأيقنا بأن ذلك مستحيل! ولو قمنا بتقييم المواد الإعلانية لدينا للاحظنا بأنها تعتمد على أساليب تقليدية ليست إلا تكرارا قد سئمه المتلقي. لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس فالوقت مازال أمامنا لكي نرتقي بفن الإعلان لدينا، والطرق عديدة ومفتوحة أمامنا فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة نحو الأمام، وهذا منوط بجامعاتنا ووزارة الإعلام والكفاءات الشابة التي تزيد يوما بعد يوم، فبتطور الإعلان سيسود الرضى بين الأطراف الثلاثة، المتلقي، والمعلن، والقناة الفضائية.