جدة – نعيم تميم الحكيم معدل الإنفاق الإعلاني في السعودية للفرد أقل من العالمي بمائة دولار. كعكة إعلانات رمضان تتقاسمها الصحف بنسبة %75 والتليفزيون وإعلانات الطرق ب%25. الفضائيات: نلجأ للاستفتاءات لمعرفة توجهات المشاهدين لتلبيتها. الإعلاميون: شركات الأبحاث تُظهر نسب المشاهدة لمن يدفع أكثر. بلغ مجموع ما أنفقته القنوات الفضائية الخاصة منها والحكومية على إنتاج 135 مسلسلاً عُرضت في شهر رمضان الماضي 300 مليون دولار، حيث يعدّ رمضان موسماً ذهبياً تضخ من خلاله القنوات الفضائية الأموال بغرض جذب المشاهد، ومن ثم المعلن رغبة في تحقيق أعلى دخل إعلاني ممكن خصوصاً أن شهر رمضان هو الموسم الوحيد الذي يزيد فيه عدد ساعات مشاهدة التليفزيون من ثلاث إلى أربع ساعات وفق الدراسات والإحصائيات العلمية التي أجريت مؤخراً. وقال فادي إسماعيل مدير شركة o3 المنضوية تحت لواء مجموعة إم بي سي «إن الفضائيات أنتجت هذا العام 135 مسلسلاً عُرضت على الشاشات، وبحسبة بسيطة فإن متوسط إنتاج العمل الواحد يصل مليونيْ دولار، وبضربه في عدد المسلسلات المنتجة فإن الرقم يصل قرابة 300 مليون دولار، وهو رقم كبير جداً إلا أن المنتجين وأصحاب الفضائيات يدركون مدى الأرباح التي ستُجنى من خلال عرض هذه الأعمال وجلب المعلن لرعايتها». ودأبت بعض الفضائيات خصوصاً التجارية منها لإعلان نسب مشاهدتها في منتصف وآخر شهر رمضان وفق شركات الأبحاث المعروفة. وتصحب هذا الإعلان ردة فعل عنيفة خصوصاً من القنوات الفضائية التي ترى نفسها منافسة قوية في الساحة الفضائية في رمضان، هذا إذا أخذنا في الاعتبار أن المنافسة في شهر رمضان تكون بين عشر إلى عشرين قناة على أكثر حد، فيما تكون باقي الفضائيات العربية التي يُقدر عددها بقرابة 300 خارج المنافسة.إلا أن الملاحظ في السنتين الأخيرتين ميل الفضائيات لعدم إعلان نسب المشاهدة والاحتفاظ بها، بل إن بعض الفضائيات لجأ إلى الاستعانة باستفتاءات تقوم بها بعض الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية أو تبادر بها القناة من خلال موقعها الإلكتروني، لتؤكد على نسبة المشاهدة التي تحظى بها كل قناة دون وجود صورة واضحة حول الأرقام الحقيقية لنسب المشاهدة للبرامج والدخل الإعلاني الذي يصاحب هذه النسب المرتفعة. «الشرق» فتحت ملف حقيقة الاستفتاءات والإحصاءات التي تعلنها الفضائيات بعد شهر رمضان حول نسب مشاهدة برامجها ومسلسلاتها، ولماذا أصبحت القنوات الفضائية تخفي نسب المشاهدة وتلجأ لاستفتاءات المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية، وهل لذلك علاقة بالربيع العربي وانخفاض نسب المشاهدة والإعلانات؟ أم لها علاقة بمصداقية الشركات التي تقوم بالأبحاث؟ وما مدى الإنفاق الإعلاني في شهر رمضان على مستوى المملكة والعالم العربي هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية؟ واجهنا أصحاب الفضائيات وخبراء الإعلان والإعلاميين بحقيقة ما يحدث وبحثنا على أجوبة للأسئلة المطروحة في سياق التحقيق التالي: استفتاءات خاصة هبة السمت أوضحت رئيسة قسم الإعلام الجديد في مؤسسة دبي للإعلام هبة السمت، أنهم يحتفظون بنتائج استفتاءات وبرامج مسلسلات رمضان التي تقوم بها الشركات، مؤكدة على أن قنوات دبي حريصة على إظهار المعلومة الصحيحة وعدم إخفائها. وحول لجوئهم للاستفتاءات الإلكترونية التي تقوم بها المؤسسة وهل تعدّ بديلاً لأبحاث واستفتاءات الشركات، قالت السمت «تُسهم نتائج الاستفتاء في معرفة آراء الجمهور وملاحظاته، والاستفادة منها في الدورات البرامجية المقبلة واعتمادها في الخيارات الإنتاجية والدرامية المقبلة، ودائماً ندعو الجمهور إلى المشاركة وإبداء الرأي الفني بكل صراحة وشفافية».وأضافت «نحن نحرص على تنويع الطرق التي نتعرف من خلالها على نسب المشاهدة لمسلسلاتنا وبرامجنا المعروضة في شهر رمضان وحتى على مدار العام». وأشارت السمت إلى أنهم أطلقوا هذا العام استفتاء جماهيرياً خاصاً بباقة البرامج والمسلسلات التي عُرضت على قنوات المؤسسة التليفزيونية ونالت نسب متابعة عبر مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، موضحة أن الاستفتاء شمل عشر فئات تم تحديدها وهي: أفضل ممثل، أفضل ممثلة، أفضل مقدم/ مقدمة برامج، أفضل مسلسل، أفضل برنامج ديني، أفضل قناة، أفضل برنامج، أفضل موقع رمضاني، فيما يشمل الاستفتاء الجديد كلاً من القنوات الثلاث: تليفزيون دبي، سما دبي، نور دبي. وأفادت السمت أن مؤسسة دبي أجرت الاستفتاء عبر موقعها الإلكتروني ونشرت نتائجه في عيد الفطر حتى تتعرف على رغبات المشاهدين واختياراتهم وتسعى للمحافظة عليها في الدورات البرامجية. نسب المشاهدة وأكد مصدر في قناة إم بي سي -رفض الإفصاح عن اسمه- أن القناة تحتفظ بنسب المشاهدة التي لديها، والتي أجرتها شركات إحصائية وإعلانية معروفة على المستوى العالم لكنها فضلت أن تكون هذه المعلومات بينها وبين المعلن. وشدد المصدر على أن القناة مازالت تحتفظ بالصدارة على مستوى المشاهدة في شهر رمضان من خلال حرصها على التنويع في البرامج والمسلسلات التي تعرضها كونها تلبي رغبات كل فئات الأسرة، مستدلاً بالاستفتاءات التي تجريها بعض المجلات والصحف الكبرى على مستوى المملكة والخليج والعالم العربي وتحتل فيها برامج ومسلسلات إم بي سي الصدارة في كل الفئات والأنواع، ما يدل على صحة اختياراتنا التي نسعى لتطويرها عاماً بعد عام مما يلبي رغبات المشاهد. عدم مصداقية علي فقندش وأرجع الإعلامي والناقد الفني علي فقندش اختفاء نسب المشاهدة التي تعلن عنها الفضائيات لبرامجها ومسلسلاتها خلال العامين الماضيين لعدم مصداقيتها، مؤكداً أن بعض شركات الأبحاث والإحصائيات تعلن نتائجها لمن يدفع أكثر. وأشار إلى أن عدم وجود مرجعية علمية مهنية أضر بسمعة هذه الشركات وأصبحت غير موثوقة لدى المشاهد لذلك عزفت كثير من القنوات عن نشر نسب المشاهدة رغم أن أغلب الإحصاءات صحيحة لكن طريقة نشرها وتخصيص قنوات معينة فقط دون غيرها جعلتها موضع شك، مشيراً إلى أن القنوات باتت تخفي المعلومات ولا تظهرها سوى للمعلن، بيد أنها تعتمد على طريقة أخرى لبيان قوة المسلسلات التي تعرضها من خلال قيام كل محطة بعمل استفتاء عبر موقعها الإلكتروني أو من خلال شراكة مع بعض المجلات والصحف. فقدان المصداقية يحيى مفرح ويتفق الناقد الإعلامي يحيى مفرح مع حديث فقندش في أن بعض هذه الدراسات ليست ذات مصداقية عالية، مقترحاً إيجاد هيئة عليا تشرف على الإحصاءات التي تقوم بها الشركات الكبرى وتوحيدها بحيث تكون أكثر مصداقية، مؤكداً أن هناك غموضاً حول نسب المشاهدة التي تتعلق بشكل وثيقي بالإنفاق الإعلاني فكلما زادت نسبة مشاهدة مسلسل أو برامج على قناة ما زادت نسب مشاهدته. ويوضح الخبير الإعلاني أستاذ وسائل الإعلان في قسم الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالله بانخر، أن معدلات المشاهدة في رمضان تزداد من ثلاث ساعات وهو المعدل الطبيعي للمشاهدة لأربع ساعاتن ما يغري الفضائيات والمنتجين لتخصيص هذا الشهر بالإنتاج الأكبر على مستوى العام من المسلسلات والبرامج. وأرجع عدم إظهار القنوات الفضائية لنسب المشاهدة في السنوات الأخيرة لعدم مصداقيتها بدرجة كبيرة لعدم وجود جهة علمية محايدة تشرف عليها. وأضاف «لايزال مسلسل معدلات المشاهدة التليفزيونية في شهر رمضان من كل عام مستمراً، فمنذ أكثر من ستة أعوام وتصدر معدلات المشاهدة دون تدقيق أو تمحيص أو حتى اعتماد من قبل لجنة مهنية إشرافية متخصصة لتلك النتائج المتوفرة في السوق الإعلانية. وبالإضافة للشركتين الرئيستين في إجراء الدراسات في التقنية وهما (بارك) و(إيبسوس)، فهناك بعض شركات شراء المساحات الإعلانية تتولى إما بالقيام بالدراسات الخاصة بها أو بإجراء تحليلات للمعلومات المتوفرة في السوق بطرقها الخاصة. ويجب أن نؤكد هنا أهمية دور الدراسات طوال العام وليس في مجرد مواسم ذروة المشاهدة، كما هو الحال في رمضان فقط، وذلك لضمان استمرارية تبوُّؤ مراكز ليس فقط متقدمة، ولكن لضمان مجرد الوجود على قائمة النتائج حتى ولو في مراكز متأخرة أو أوقات محددة». طريقتان للحساب وأفاد بانخر أن هناك طريقتين تعتمد عليهما الفضائيات في حساب نسب المشاهدة؛ إحداهما كانت معتمدة وهي طريقة نسب المشاهدة حسب الشركات المعتمدة التي كانت تقوم بها شركة واحدة معتبرة وتحسبها عن طريقة صحون الالتقاط، أما الطريقة الثانية فلا يعول عليها لأنها تعتمد على استفتاءات المواقع الإلكترونية والصحف والمجلات». وأشار بانخر إلى أن الاعتماد على نسب المشاهدة من خلال حساب الشركات أصبح محل شك خصوصاً وجود أكثر من شركة تقوم بالحساب وتعلن نتائجها لمن يدفع لها دون وجود مرجعية علمية تشرف عليها. ولفت بانخر إلى أن الفضائيات تحتفظ بنسب المشاهدة حول مسلسلاتها وبرامجها لشركات الإعلان فقط، فمن أراد الإعلان يمكنه الاطلاع على الدراسات والأبحاث للشركات المعروفة كإبسوس وبارك. وكشف بانخر عن أن حجم الإنفاق الإعلاني في المملكة خلال شهر رمضان في حدود 400 مليون دولار في الوسائل المحلية تقريباً وما قيمته مليار ومائتا مليون دولار تقريباً من الوسائل عابرة للدول العربية، في حين يقدر يقدر إجمالي الإنفاق الإعلاني على السوق السعودي خلال شهر رمضان 2012 م هذا العام في حدود مليار وسبعة ملايين دولار في جميع الوسائل المحلية والإقليمية، مبيناً أن الأرقام مبنية على إحصاءات شركة إبسوس التي قدرت حجم الإنفاق الإعلاني منذ بداية السنة الميلادية بثمانية مليارات دولار، موضحاً أن شهر رمضان يستأثر ب25 إلى 30% مما ينفق في الإعلانات سنوياً.ونفى بانخر انخفاض نسب المشاهدة في رمضان، مبيناً أن نسبة مشاهدة التليفزيون تأثرت بعض الشيء لكنها بسبب انصراف بعض المشاهدين لرؤية المسلسلات على المواقع الإلكترونية للمحطات الفضائية مثل موقع اليوتيوب. وعلل بانخر توجه الناس لمشاهدة البرامج على المواقع الإلكترونية بسبب تخمة في الوقت بحيث يرى الحلقة في الوقت الذي يريد، وأشار إلى أن السبب الثاني هو مشاهدة العمل بدون فواصل إعلانية، موضحاً أن الساعة التليفزيونية تتكون من 48 دقيقة للبرنامج أو المسلسل وست دقائق للإعلانات التجارية وست دقائق للإعلان عن برامج المحطة. وأبان بانخر أنه في حال طغى الإعلان على المادة الإعلامية أصبح منتجاً تجارياً وستخف المشاهدة له. مقياس المشاهدة د. عبدالله بانخر ونفى بانخر أن تكون الإعلانات مقياساً على نسبة مشاهدة بعض المسلسلات خصوصاً التاريخية والملحمية كمسلسل عمر بن الخطاب الذي لا يتناسب معه عرض بعض الإعلانات التي تحوي موسيقى أو أغاني أو ظهور نساء بشكل مكثف، لذلك تقل الإعلانات بل تنعدم أثناء بثه، وتلجأ الفضائيات لبث الإعلانات قبل أو بعد المسلسل. وأكد أن اليوتيوب لم يستطع سحب البساط من التليفزيون لعدم قدرته على جذب المعلن حتى الآن، مبيناً أن المستأثر الأكبر للإعلانات للبرامج والمسلسلات الرمضانية في السعودية هي الصحف بنسبة 75% يليها إعلانات الطرق بنسبة 15% ثم الإعلانات التليفزيونية بنسبة 10%، موضحاً أن اليوتيوب سحب بعض إعلانات الطرق لكنه لم يؤثر في إعلانات الصحف والتليفزيون. وأفاد بانخر أن اليوتيوب في حال تحقيقه نسبة مرتفعة فإنه كسب جزءاً كبيراً من كعكة الإعلان التي تتقاسمها الصحف وإعلانات الطريق في الوقت الحالي في المملكة. وعد بانخر الإنفاق الإعلاني في المملكة أقل بكثير من المعدل العالمي للشخص الذي يستقطع شهرياً خمسين دولاراً فقط وفي الخليج مائة دولار، بينما المعدل العالمي هو 150 دولاراً شهرياً. ورأى بانخر أن المنافسة بين الفضائيات في البرامج والمسلسلات محسومة لصالح القنوات الخاصة على حساب الحكومية التي لا تتقن فن كسب الإعلانات وهو ما يؤثر في دخلها في شهر رمضان. الإنفاق الإعلاني في شهر رمضان